التهديد باجتياح غزة ليس أكثر من كلام لعدة أسباب...؟
يخشى العديد من المراقبين ان تستغل دولة الكيان الوضع الدولي وانشغال العالم في الحرب الروسية الأوكرانية ان تلجا اسرائيل لعمل عسكري ما في غزة او الضفة الغربية يهدف تغيير قواعد احكام دولة الكيان قبضتها علي الفلسطينيين وفرض الحل الذي تريده بالقوة، واخذ العديد من الساسة بتحذير المجتمع الدولي من إمكانية اقدام إسرائيل علي هذا العمل ان لم يكبح جماح تطرفها , كما ويخشي الكثير من الساسة الفلسطينيين ان تستغل اسرائيل هذا الانشغال الدولي لمزيد من القتل والهدم ومصادرة الأراضي لصالح الخطط الاستيطانية بالضفة الغربية وبناء الالاف الوحدات الاستيطانية في المستوطنات الكبري بالقدس والضفة لإكمال المخطط الإسرائيلي بتجسيد الدولة اليهودية علي كامل الأرض الفلسطينية , وكأن النشاط الاستيطاني لحكومة (نفتالي بينت) متوقف تماما ولا تسابق دولة الاستيطان الزمن للإجهاز علي أي فرصة تتيح حل الصراع علي أساس حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير في دولة مستقلة كاملة السيادة.
الخشية التي حذر منها الكثيرين ان تلجأ إسرائيل الي اجتياح قطاع غزة بالكامل والانقضاض على المقاومة الفلسطينية ووقف تسلحها وامتلاكها العديد من الصواريخ التي تطال كافة المدن الإسرائيلية في أي مواجهة جديدة، ويخشى ان تستخدم اسرائيل أسلحتها المتطورة للقضاء على مخزون المقاومة من هذه الصواريخ لتبقي غزة مجرد منطقة منزوعة السلاح وبالتالي تتخلص دولة الكيان من التهديد الاستراتيجي للحدود والمدن القريبة من غزة وتؤمن بذلك كافة المستوطنات الواقعة عل حواف غزة. لم يكن تصريح (افيف كوخافي) بالأمس هو الاول والأخير حول استطاعة قوات الاحتلال الإسرائيلي اجتياح غزة واحتلال المدن الفلسطينية على غرار العملية العسكرية التي نفذها جيش الاحتلال عام 2002 في الضفة الغربية "عملية السور الواقي" التي هدفت لمواجهة اعمال الانتفاضة الثانية ووقفها قبل ان تترعرع المجموعات المسلحة وتمتلك أسلحة ثقيلة لا تستطيع اسرائيل معها حماية مستوطناتها وتضطر لتفكيكها والرحيل وترك الفلسطينيين يؤسسوا دولتهم المستقلة.
تهديد (افيف كوخافي) لغزة ليس الجديد ولن يكون الأخير فطالما بقيت غزة تحتفظ بسلاحها ومخزونها الصاروخي طالما بقيت اسرائيل تهدد وتتوعد , لكنها لن تقدم علي أي فعل عسكري لاجتياح كامل قطاع غزة وفرض معادلة جديدة لعدة أسباب , أهمها ان دولة الكيان تخشي الخسائر البشرية والمادية الكبيرة جراء أي عمل عسكري ضد غزة ,والسبب الثاني الذي يؤكد لنا ان تهديدات (كوخافي) ليست اكثر من كلام لدولة احتلال وهو ان المستوي السياسي في دولة الكيان لن يعطي الجيش أي موافقة لمثل هذا العمل الخطير لأنه متأكد من عدم قبول أي طرف فلسطيني او عربي كمصر مثلا لتسلم غزة وادارتها بعد اجتياحها وقتل الالاف من أهلها وتدمير البني التحتية والاقتصادية بالكامل وبالتالي فان دولة الكيان تخشي ان تتورط في غزة اذا ما اقدمت علي مثل هكذا عمل عسكري وبعد انسحابها ستعاد بناء قوة المقاومة من جديد ما يعني فشل احتلال قطاع غزة في تحقيق أهدافه ,والسبب الثالث والأهم ان اسرائيل مستفيدة استراتيجيا وضع غزة الحالي ما دام الطرفان يتبادلان الهدوء وما دامت غزة تمثل كيانا فسلطينا منفصلا عن الضفة الغربية والقدس ولم تتحقق المصالحة وبالتالي ,لا حدة للتمثيل السياسي الفلسطيني ما يمكن ان يوفر الضغط الدولي السياسي علي دولة الكيان لتقبل بالجلوس علي الطاولة لبحث سبل انهاء الاحتلال وافاق تطبيق حل الدولتين , والسبب الرابع ان دولة الكيان تريد ان تبقي جبهة غزة هادئة وخاصة انها تواجه تحديات كبيرة لنشاطها بالإقليم ,اولاًعلي مستوي التطبيع مع الدول العربية الذي لم تنجح فيه اسرائيل حتي الان وتقبلها الشعوب العربية بالرغم من العديد من الاتفاقيات والاقتصادية والسياسية والأمنية , والتحدي الثاني هو انكشاف قاعدة الموساد السرية في (أربيل) واستهدافها بصواريخ باليستية ما كان له خشية كبيرة ان ترد اسرائيل علي هذه الهجمات في مكان اخر كسوريا او لبنان وبالتالي فان هذه الجبهة الان هي اكثر أهمية من جبهة غزة التي تمتلك اسرائيل اكثر من عامل يمكن ان يجعلها جبهة باردة الي حد ما ولا تمثل أي تهديد كبير لإسرائيل ما دامت اسرائيل تستطيع عبر الوسطاء اعتماد استراتيجية المعادلات الامنة للتعامل معها.
تهديدات (كوخافي) ليست أكثر من تهديد من كلام كسابقاتها من تهديدات مارسها قادة سياسيين وعسكرين صهاينة , مارسها (موشي يعلون) عام 2014 ومارسها (افيغدور ليبرمان) عندما تولي حقيبة الجيش في حكومة نتنياهو الأخيرة عام 2019 وكنا نسمعها بعد كل مواجهة بين المقاومة ودولة الكيان والتي كان اخرها المواجهة عام مايو 2021 التي لم تستطع فيها دولة الكيان الاستمرار في الحرب والانتقال الي الحرب البرية خشية تكبدها خسائر فادحة , وبعد انتهاء مواجهة مايو 2021 هدد (نفتالي بينت) بحرب كبيرة على غزة ان لم توقف غزة البلالين المتفجرة واعمال المقاومة على الحدود. اعتقد ان تهديدات قادة دولة الحرب العسكريين والسياسيين لغزة ستبقي عبارة عن تهديد من كلام ليس اكثر مادامت دولة الكيان تستطيع الحصول على الهدوء وهناك من يدفع ثمن مخطط طويل الأمد يهدف لوضع رزمة كبيرة من الاثمان امام حماس القوة التي تدير غزة ان سمحت لاي قوة اخري بتفجير الوضع في غزة فأنها ستخسرها , وهنا اعتقد ان الحال في غزة سيبقي علي ما هو عليه من هدوء مقابل هدوء مدفوع الثمن بقليل من التسهيلات التي تتحكم فيها اسرائيل حسب طبيعة الهدوء علي الحدود واستمرار محاولات الوسطاء للتوصل الي صفقة تبادل يقبلها الطرفان لأطلاق عملية إعادة اعمار ما هدمته الحروب في غزة .
وسوم: العدد 972