عمران…وربيع باكستان!
بعد عقود من الهيمنة الأمريكية على باكستان انكشف أخيرا المشهد السياسي الوظيفي بمؤسساته وجماعاته والمرتبطة بأمريكا بشكل مباشر وهو ما كشفه عمران خان رئيس الوزراء برفضه رسالة التهديد الأمريكية بالخضوع للسياسة الأمريكية وأهدافها ودفع ثمن هذا الموقف الحر.
فما تواجهه باكستان اليوم من تحالف الأحزاب والجماعات الإسلامية الوظيفية ومؤسسات الدولة العميقة كالمحكمة الدستورية ما هو إلا ترتيب أمريكي ظاهره المحافظة على الدستور وباطنه هو منع باكستان من التحرر من قبضة أمريكا بعدما انهزمت في أفغانستان ولم يبق لها إلا باكستان لكي تبقى في وسط آسيا!
إن ما يحدث في باكستان هو معركة بين الشعب الباكستاني وأمريكا وأدواتها الوظيفية لتحرير مؤسسات الدولة الباكستانية من هيمنتها ونفوذها، فالشعب باختياره عمران خان وحركة إنصاف يريد إستعادة إرادته الشعبية التي صادرتها الأحزاب والجماعات الإسلامية الوظيفية برعاية المؤسسة العسكرية.
وهذه الأحداث في باكستان تذكرنا بما جرى في بلدان الربيع العربي من ثورة مضادة بتحالف النظام العربي مع الجماعات الإسلامية الوظيفية لتسقط كل الحكومات التي جاء بها شعوب الربيع العربي ولتعيد تأهيل النظام العربي برعاية أمريكية باسم الديموقراطية!
فالمشهد هو نفسه يتكرر في كل بلد إسلامي أو عربي وبنفس الأدوات من جيش وقضاء وجماعات توظفها القوى الصليبية أمريكا وأوربا وروسيا لتبقى هيمنتهم على الأرض والثروة والشعوب.
ونحن اليوم كأمة أمام حدث تاريخي كون الربيع انتقل لباكستان والتي تعد أكبر دولة إسلامية سكانيا والقوة النووية الوحيدة عند الأمة الإسلامية وهذا ما تدركه القوى الصليبية وتسعى من خلال أدواتها الوظيفية السياسية والإقتصادية، خاصة بعد هزيمتها في أفغانستان، لمنع باكستان من الانعتاق وتبني سياسة حرة مستقلة عن النظام الدولي مما يفتح الطريق أمام باكستان لتحالف استراتيجي مع تركيا وعندها سيتصل الحزام الإسلامي الشمالي بين باكستان وأفغانستان ودول المجلس التركي في آسيا الوسطى، أي من باكستان شرقا إلى تركيا غربا وهذا ما أرعب أمريكا فدفعها لتوجيه رسالة التهديد لباكستان مخترقة كل الأعراف الدبلوماسية بشكل فج وصادم!
فالربيع الباكستاني لن ينتهي بعزل عمران خان والانقلاب على إرادة الشعب الباكستاني كما يظن رعاة الانقلاب ولن تتم فرحة القوى والجماعات والنخب الوظيفية به..
بل للتو بدأ ربيع باكستان!
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾
وسوم: العدد 976