بوادر حرب عالمية ثالثة تلوح في الأفق
لقد ذكرت على صفحتي في الفيس بوك منذ ثماني سنوات بأن رياح التغيير، والثورات ستنتقل إلى دول شرق أوسطية، ومتوسطية بما فيهم دول عريقة في أوروبا. إنَّ بوادر المظاهرات، والثورات وعدم الاستقرار تبدأ بالتظلم، والتعدي. وإنَّ بوادر الصراعات، والحروب بين الدول تبدأ بالأطماع التوسعية، ونهب خيرات البلاد، والسيطرة على مقدرات الشعوب، والتدخل في شؤون الدول، وتهميش الاعتبار للمسؤولية الدولية. وتغييب القانون الدولي، بالإضافة إلى فشل المساعي الحميدة لأمين عام منظمة الأمم المتحدة قبل تفاقم الأوضاع بين الدول كي لا تتحول النزاعات إلى صراعات، وحروب تجلب على البشرية الكثير من المآسي، والآلام.
إنَّ الأحداث التي يشهدها النظام العالمي ينذر بوقوع حرب كونية ثالثة، ستستخدم فيها الأسلحة النووية. الأمر الذي قد يؤدي إلى انقسام العالم ضمن تحالفات، وتكتلات تمهيداً لنشوب حربٍ كونية تفتك بمئات الملايين من البشر، ستكون ساحتها المنطقة الأوراسية. خاصة مع خسارة روسيا حربين خلال أقل من عقدٍ واحد. أحدهما في سورية عندما ظنَّت أنها ستنهي الثورة السورية بأقل من شهر. وطال قتالها مع الثوار لأكثر من ثماني سنوات لم تستطيع بكل قواها العسكرية أن تنتصر عليهم، أو أن تسحق إرادتهم. ولولا خيانة بعض القوى المعارضية للثورة السورية، وتوقيعهم على اتفاقيات سوتشي الذل، وأستانا العار لما استطاع الروس الدخول إلى الأراضي التي كان يسيطر عليها الثوار. والخسارة الثانية في حربها العدائية ضد أوكرانيا. فعندما راهن بوتين على احتلال هذه الأخيرة خلال ثلاثة أيام وإذ به لم يستطيع الصمود أمام مقاومة الجيش الأوكراني. فانسحبت معظم قواته من المناطق التي احتلتها؛ خاصةً مع وصول، وتزايد الدعم العسكري النوعي، والفتاك اللامحدود لأوكرانيا الذي دمَّر أغلب أسلحته المشاركة في الحرب، وحوَّلها إلى أكوامٍ من الخردة. بالإضافة إلى خسارته ما يُقارب العشرين ألف جندي قتلاً. واستنزافٍ لاقتصاد بلاده المنهار بالأصل. فوقع في مستنقع لن يستطيع الخروج منه إلا بحرب نووية تحفظ ماء وجه. ناهيك عن انتكاسته، وفشله في مفاوضاته مع الأوكرانيين، رغم تقديمه المزيد من التنازلات هذا على المستوى الخارجي. أما على المستوى الداخلي فقد تراجع مستوى الدخل، وازداد التضخم الذي يعاني منه منذ سنوات، وتضاعف العجز، وتنامت المديونية في الموازنة، وزاد الحصار، وبدأت رؤوس الأموال بالهروب من روسيا. فأصبح الشرخ كبيراً ما بين نظام بوتين، وشعبه المحكوم بمراسيم صارمة أضفت المزيد من التضييق، والحصار على مواطنيه.
يقول عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد، ومصارع الاستعباد وقد أصبح عرفاً في السياسات الدولية بأنَّ الاستعداد للحرب ينهي الحرب. أما الآن فإن الاستعداد للحرب يُشعل الحرب. فخسارات بوتين المتواصلة في أوكرانيا، ووصول أسلحة متطورة، ذكية، وفتاكة وبأعداد متزايدة، ضخمة، ومرعبة والتي تزيد في خسائره العسكرية، والبشرية ينبئ بنشوء حربٍ عالميةٍ ثالثة ستطال فيها كل الدول التي دعمت الأوكرانيين، وأفشلت خطط بوتين. خاصةً مع الحصار الغربي، والعزلة الدولية التي فرضها الغرب على روسيا.
وسوم: العدد 977