الهند على خطى إسرائيل؟
ليست تصريحات نوبور شارما، المتحدثة باسم الحزب الحاكم في الهند، المسيئة للنبي محمد، وتعليقات نافين جيندال المؤيدة لها، وهو متحدث آخر، ولا تعليقات هارشيت سريفاستافا، أحد قادة الحزب، اللاحقة المعادية للمسلمين على العموم، أخطاء فردية يتم حلّها حالما تقوم السلطات الحاكمة بتعليق عضوية الأولى وطرد الآخر واحتجاز الثالث.
تعليقات هؤلاء المسؤولين الكبار في حزب بهاراتيا جاناتا، ليست غير إعلان عن سياسة الحزب التي تستهدف الأقلية المسلمة في البلاد، وهو ما أدى إلى اضطهاد منظم للمسلمين وأعمال عنف متزايدة للقوميين الهندوس ضدهم منذ انتخاب زعيم الحزب ناريندرا مودي رئيسا للوزراء عام 2014، وقد اتهمت المؤسسات الحقوقية العالمية، كمنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، حزب مودي بتمكين خطاب الكراهية ضد المسلمين، الذين يشكلون 14 في المئة من سكان الهند.
وجدت الحكومة الهندية صعوبة في تقبّل أشكال الاستنكار والتنديد التي صدرت مؤخرا، وقام المتحدث باسم خارجيتها بالهجوم على بيان منظمة التعاون الإسلامي بخصوص التصريحات المسيئة للرسول معتبرا إياه «ضيّق الأفق» وأن يتهمها، وهي المنظمة التي تمثل 57 دولة إسلامية، بالإدلاء «بتعليقات تحركها دوافع مضللة»!
تذكّر مواقف الحكومة الهنديّة بالمواقف الإسرائيلية إلى حد كبير، ولا يتعلق الأمر بالعلاقات السياسية ـ العسكرية المتصاعدة بين الدولتين، كما أن سياسة كراهية المسلمين والمسيحيين، في الدولتين البعيدتين، التي تحمل واجهات دينية، ويقودها مستوطنون يهود متعصبون في إسرائيل، أو قوميون هندوس متطرّفون في الهند، لا تعبّر عن التطرّف والتعصّب وصعود الشعبويات الدينية فحسب، بل تقود، عمليا، إلى سياسات إبادة ممنهجة وترحيل جماعي واحتلال واستيطان.
يظهر هذا التصاعد في الارتباط بين الاتجاهين السياسيين واضحا على المستوى الدبلوماسي والعسكري، فبعد أن كانت العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين البلدين، وكانت الهند من أبرز الدول غير العربية الداعمة للقضية الفلسطينية، تحوّلت مع عهد مودي، الذي كان أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل، إلى أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية (42،2٪ من إجمالي صادرات إسرائيل) بإنفاق يتجاوز مليار دولار سنويا، كما صارت منذ 2017، «شريكا استراتيجيا» وشريكا في إنتاج الأسلحة الإسرائيلية، كما أنجزت المؤسستان العسكريتان، على مدى الخمس سنوات الماضية، تدريبات عسكرية مشتركة، واستضافتا تدريبات أمنية.
بدأ حزب بهاراتيا جانا بتحقيق انتصارات انتخابية عام 1989 عبر الدعوة إلى تشييد معبد هندوسي في منطقة يعتبرها الهندوس مقدسة، ولكنها تضم مسجدا يسمى بابري، وفي عام 1992 اتهمت منظمات مرتبطة بالحزب بهدم المسجد المذكور مما أدى إلى ردود فعل غاضبة في عموم البلاد خلفت أكثر من 1000 قتيل، وبذلك يمكن اعتبار أن مودي وحزبه عبّدا طريق الوصول إلى السلطة عبر دماء المسلمين وبإحلال معبد هندوسي مكان مسجد للمسلمين.
يشبه هذا بالتأكيد الأوضاع التي نشهدها حاليا في فلسطين عبر دعم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والقضاء الإسرائيلي، لفكرة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، بين المسلمين واليهود، وكذلك الرعاية الأمنية لاقتحامات المستوطنين للأقصى، في خطة لا تبعد كثيرا عن الخطة الهندية.
تثير دعوات التطرّف المقابلة، التي أطلق بعضها تنظيم «القاعدة» عن اعتزامه القيام بعمليات انتحارية في الهند، إشكالية أن التطرّف يعزز التطرّف، وأن المطلوب سياسيا في فلسطين والهند، تجنب «الحرب الدينية» التي يريد فيها الأقوى أن يفترس الأضعف، وعدم الدخول في هذه الدائرة الدموية المغلقة، بل استمرار الكفاح، بكافة أشكاله، للحصول على حقوق متكافئة ومتساوية للجميع.
تعليق عابر:( الهنود مثل اليهود) سمعناها -من زمان- من كثير من إخواننا المسلمين الهنود!
وسوم: العدد 984