بالجهاد تستعيد الأمة عزها وأمجادها
الجهادُ هو ذروةُ سنام الإسلام، وهو عزُ الأمة، وتاجُ رأسها ، وهو الذي فتح لها الدنيا كلها، وهو الذي يرفعُ عنها الذلَ ، والاستعبادَ، والهوانَ.
وهذا هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يؤكدُ ذلك في الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمر ( إذا تَبايعْتُم بالعِينَةَ ، وأخذْتُم أذنابَ البقرِ ، ورضِيتُمْ بالزرعِ ، وتركتمُ الجهادَ سلَّطَ اللهُ عليكمْ ذلُّا ، لا ينزعُهُ حتى ترجعُوا إلى دينِكمْ ).
وأعداءُ الإسلام ، يعرفون عن يقينٍ كاملٍ ، فضلَ الجهاد على الأمة ، ويعرفون أنه إذا سرت روحُه بين المسلمين ، فلن يبقَى لهم أي سلطان عليهم.
وسيتحطمون، ويُبادون من الوجود، وستهتز عروشُ الطواغيت ، وتتزلزل أركانُ الدول المهيمنة، والمسيطرة على المسلمين.
ولذلك ..
يعمدون إلى تشويه الجهاد؛ بنشر الشائعات المغرضة ، والأكاذيب الباطلة عن المجاهدين ؛ ليُخذِّلوا المجاهدين ، وليُكرِّهوا الجهادَ إلى المسلمين، ويُبغضونهم بالمجاهدين، ويتهمونهم بأنهم صنيعتهم ، ويعملون لحسابهم..
والذين تنطلي عليهم هذه الأكاذيبُ، ويرفضون الجهادَ.. فهم إنما يرفضون نداءَ الله ، ويعصون أمرهَ ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) ﴾ التوبة.
﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) الحج 78.
فالذين ينكرون الجهادَ، ويقولون هذا من صنع المخابرات العالمية ، فإنما ينكرون فرضاً أساسياً في دين الله ، وأمراً معلوماً من الدين بالضرورة، وهو من بديهيات العقيدة الإسلامية.
وبالتالي فهم ليسوا من المسلمين .
وهنا، سيولولونَ ، ويصرخونَ ، ويردحونَ، ويندبونَ، ويشدون شعورَ رؤوسهم ويقولون: انظروا، هذا يُكفِّر المسلمين!!!
وما علموا أنهم أصلاً ، لم يدخلوا في الإسلام بعد ، وإن ولدوا من آباء مسلمين ، ويصلون ، ويصومون .
فالصلاةُ ، لا تعطيهم شهادةَ حسن سلوك بأنهم مسلمون!
فالنصارى ، واليهودُ ، والرافضةُ ، والبوذيون ، والهندوس كلهم يُصلون ، ومع ذلك فهم غيرُ مسلمين.
وطالما أنهم يُنكرون فرضاً من فروض الدين، ولا يعلنون الدينونة الكاملة لله في كل شؤون الحياة ، ويرفضون أن يكون شرعُه هو الذي يجب أن يُطبق في كل شؤون الحياة ، صغيرها وكبيرها.
فهم لم يدخلوا في الإسلام بعد.
لذلك، فليسوا بحاجة إلى التكفير، لأنهم أصلاً ليسوا مسلمين.
ونسأل هؤلاء الموتورين ، والغاضبين ، إذا ما قيل لهم أنهم ليسوا مسلمين.
لماذا تغضبون إذا تم وصفكم على حقيقتكم الواقعية العملية؟!
لماذا لا تدخلون في دين الإسلام بشكل كاملٍ ، وتكفرون بالطاغوت ، وتعلنون الولاءَ الكاملَ لله تعالى ، والدينونة الكاملة لشرعه ؟
لماذا تريدون أن تشركوا مع الله آلهةً أخرى؟!
لماذا تطيعون شرع العبيد العبابيد؟! وتطيعون حكمَ الجاهلية؟! وتفضلونه على شرع الله، العليم الخبير بطبيعة ما خلق؟!
﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠) ﴾ المائدة.
ولماذا تطيعون الحكامَ الذين يحكمون بشرع العبيد المهازيل؟! وتؤيدونهم ، وتدعمونهم؟! وتعرضون أنفسكم لأن تكونوا مشركين ، وتوردونها المهالك؟!
هل ينفعونكم أو يضرون؟! وهل يمنعون عنكم عذاب جهنم الأليم؟!
بل وأدهى ، وأغرب من ذلك ، تريدون ، أن تكون سوريةُ بعد كل هذه المذابح والمجازر ، دولةً علمانيةً ، جاهليةً ، يحكمها شرعُ العبيد ، وقانونُ القرود ، ويتولى إدارتَها أيُ زنديقٍ ، وأيُ كاهنٍ ، وأيُ إنسان منسلخٍ من الدين ، والضميرِ ، والأخلاقِ ، وعلمانيٌ لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، ولا يقيم للدين أي وزن ، ولا أي قيمة.
فما الفرق بين حكم الجاهلية الذي تسعون إلى إقامته ، وبين حكم بشار؟!
كلاهما لا يُقدِّر اللهَ حقَ قدره ، ولا يقيم له أي اعتبار ، ولا أي قيمة ، ولا يُعطي الإنسانَ حقه في العزة ، والكرامة، والحرية.
فلا عزةَ ، ولا كرامةَ للإنسان ، ولا حريةَ لإبداء رأيه بكل صراحةٍ ، إلا حينما يكون شرعُ اللهِ هو المهيمنَ على الحكم.
والله تعالى ، يقررُ تقريراً قاطعاً ، وحاسماً ، وصريحاً ، وجاداً.. بأن كلَ من يطيعهم ، فإنما يعبدُهم من دون الله ، ويشرحُ هذا التقرير ، رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشكل لا يدع مجالاً للشك ، بأن طاعتَهم هو عبادةٌ لهم.
(عن عديِّ بنِ حاتمٍ : أنه سمع النبيِّ صلي الله عليه وسلم يقرأُ هذه الآيةَ : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِن دُونِ اللَّهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [ التوبة : 31 ] ، فقلت له : إنا لسنا نعبدُهم . قال : أليس يُحرِّمون ما أحلَّ اللهُ فتُحرِّمونه ، ويُحلُّون ما حرَّم اللهُ فتُحلُّونه ؟ فقلت: بلى ، قال : فتلك عبادتُهم.).
ويعلق الأستاذ سيد قطب رحمه الله على هذا الحديث فيقول:
( وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الله سبحانه , نص قاطع على أن الاتباع في الشريعة والحكم هو العبادة التي تخرج من الدين , وأنها هي اتخاذ بعض الناس أرباباً لبعض . . الأمر الذي جاء هذا الدين ليلغيه , ويعلن تحرير "الإنسان" , في "الأرض" من العبودية لغير الله . .
( ومن ثم لم يكن بد للإسلام أن ينطلق في "الأرض" لإزالة "الواقع" المخالف لذلك الإعلان العام . . بالبيان وبالحركة مجتمعين . .
( والذي يدرك طبيعة هذا الدين - على النحو المتقدم - يدرك معها حتمية الانطلاق الحركي للإسلام في صورة الجهاد بالسيف - إلى جانب الجهاد بالبيان - ) ج الأنفال ص9.
فالمسلم، هو الذي يعلن خضوعه الكامل، ودينونته التامة، وقبوله المطلق، وطاعته الكاملة، وعدم اعتراضه ، على أي أمر جاء من عند الله ، ويستسلم استسلاماً كاملاً لله تعالى ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
فإن أنكر فرضاً واحداً ، أصبح غير مسلم ، وخرج من دائرة الإسلام .
(وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المجادلة 4.
يقول الطبري في تفسير هذه الآية:
(وهذه الحدود التي حدّها الله لكم، والفروض التي بينها لكم حدود الله فلا تتعدّوها أيها الناس، ﴿وَلِلْكَافِرِينَ﴾ بها، وهم جاحدو هذه الحدود وغيرها -من فرائض الله أن تكون من عند الله-، ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يقول: عذاب مؤلم.).
فدينُ الله، جَدٌ وليس بالهزل، وليس بالميوعة، والتفاهة ، بحيث تتحكم فيه الأهواء، والأمزجة الشخصية.
إنه دينُ القوة ، وتحريرُ الإنسان من العبودية للعبيد ، وردهم إلى العبودية لخالقهم، ويريد من أتباعه أن يكونوا أعزاءَ ، أقوياءَ ، كرماءَ ، أباةً للضيم ، لا يهابون العدى ، ولا يخافون من الطواغيت والمستبدين.
فالقرآنُ مليء بعشرات الآيات ، التي تحضُ على القتال في سبيل الله، وتدعو إلى الجهاد.
والرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، يعتبرُ من لم يغز ولم يفكر بالغزو ، ولم يسعَ إلى الجهاد ، ومات على هذه الحال البئيسة ، التعيسة.. مات منافقاً ، وليس له من الإسلام شيء.
( مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ.).
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم حكم المحدث: صحيح.
فالذين يُكذِّبون اللهَ ، ويخافون من الجهاد ، ويخافون من الدماء ، فليبحثوا عن جحور الضب ، والديدان ويجلسوا فيها أبد الدهر ..
فالله غنيٌ عنهم ، وسيبقى الجهادُ ماضٍ إلى يوم القيامة ، ولن يوقفه كيدُ الكائدين.
﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٨) ﴾ الصف.
وأولئك هم الأخسرون في الدنيا والآخرة ، وأولئك هم الأذلاء والمهانون ، وأولئك هم التعساء والبؤساء ، وأحلامهم لا تزيد عن أحلام العصافير ، يصدقون كل ناعق ، وكل شيطان مريد.
وأولئك هم الخائفون ، والمرعوبون من رؤية الدماء ، وأولئك هم الذين يكرهون العزة ، والرفعة ، والإباء ، ويريدون أن يبقوا خانعين للذل ، راضخين للعبيد ، خاضعين للطواغيت..
فهنيئاً لهم بتلك الحياة الدونية ، الديدانية ، العنكبوتية..
وينعي الشاعر التونسي على هؤلاء قائلاَ:
ومن يتهيب صعود الجبال ********* فليعش أبد الدهر بين الحفر
ويصرخ سيد قطب رحمه الله في الشباب ، مستنهضاً هممَهم ، ومستجيشاً مشاعرَهم، وضمائرَهم:
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ****** وألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح ****** ويرفع راياتها من جديد
وسوم: العدد 996