تحديات تواجه اللغة العربية في بلادنا...
تواجه اللغة العربية في بلادنا تحديات جسام، أهمها تدبيج كلامنا، أو كتاباتنا في شبكات التواصل الاجتماعي بكلمات عبرية. هذه الظاهرة تسمى التبرج اللغوي، لأن المتكلم يستعمل المفردات والتعابير العبرية ليظهر أنه بمستوى أعلى من مستوى الآخرين. مع مرور الزمن ظهرت لدينا لغة لا يفهمها العرب في البلدان العربية. إنها لغة غريبة عن البيئة العربية. وأنا لا أدعو إلى عدم تعلم اللغة العبرية، أو اللغة الإنكليزية، إذ هي لغة التدريس في المعاهد العليا الإسرائيلية، وكلما أتقنت لغتهم ضمنت نجاحك في الدراسة. إنما أدعو إلى عدم خلط اللغة العربية بالعبرية. شعاري هو إن تكلمت بالعبرية فأتقنها، وإن تكلمت بالعربية فلا تغرقها بكلمات عبرية. ثم ما الحاجة إلى كتابة لافتات بالعبرية على واجهات المحلات التجارية في القرى العربية مع أن اليهود لا يدخلونها، ولماذا لا توجد لافتات بالعربية. هل نستحي بلغتنا.!؟ لقد أصبحنا نفكر باللغة العبرية وحتى عندما نتحدث بالعربية فإننا نترجم حرفيًا الجمل فتبدو مضحكة. أما التشريع الذي سنه الكنيست الإسرائيلي بسحب الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية في البلاد، فما هو سوى مسوغ لعدم الاعتراف بنا كأقلية أصلانية.
ثمة مشكلة أخرى تعاني منها اللغة العربية وهي الازدواجية (ديغلوسيا): هناك اللغة العربية المعيارية القريبة من الفصحى، وهي لغة الثقافة والأدب، وهناك اللغات المحكية، أو ما يسمى بالعاميات. تشير الأبحاث إلى أن كثيرًا من الكلمات المحكية لها جذور عميقة في الفصحى، وأن ما كنا نعتقد أنه عامي أصله فصيح. علينا جسر الهوة بين الفصحى والعامية، والوصول إلى لغة معيارية. هذه اللغة هي ليست بالفصحى التامة وليست بالعامية المفرطة، إنما هي لغة ميسرة. لغة الراديو والتلفزيون والجرائد. لقد ثبت بالتجربة أنه إذا بدأنا بتعليم اللغة الميسرة في الروضات ارتفع رصيد الطفل اللغوي.
قضية أخرى هي قضية التعريب. إزاء المكتشفات والاختراعات الهائلة والمتواصلة تقف اللغة العربية عاجزة عن مواكبة العصر. يجب على مجامع اللغة العربية وضع أسماء عربية لهذه الاختراعات والمكتشفات، وإذا عز ذلك يجب السماح بتعريبها بوضعها على أوزان العربية، وقد أجاز القدماء هذا الأسلوب. استعمال كلمات مثل: إنترنت، فيسبوك، هاشتاج، تويتير لا يضير اللغة العربية، لأنه لا يخل بمبنى الجمل. وثمة من اشتق من الكلمات المعربة أفعالاً وأسماء فقال: تلفون، تلفن، يتلفن، متلفن، تلفزيون، تلفاز، متلفز.. وقس على ذلك. وقد نجحوا في الاستغناء عن التلفون بالهاتف، واقترحوا المرناة للدلالة على التلفزيون ولكن لم يكتب لها النجاح.
لا شك أن المثابرة على القراءة تغني الرصيد اللغوي. نحن أمة اِقرأ، فلماذا لا نقرأ اليوم. ألا ترى اليهودي بخاصة الروسي يقضي مدة انتظاره، أو سفره في الحافلة، أو في القطار بالقراءة. القراءة مصدر المعرفة وفيها تهذيب للنفس وإثراء للغة. لنعوّد أبناءنا منذ نعومة أظفارهم على حب القراءة.
في اليوم العالمي للغة العربية الموافق 18/12/2022 ندعو الجميع إلى التحدث بلغة سليمة خالية من المفردات العبرية، أو الإنكليزية.
فلنحافظ على لغتنا لأنها جزء من هويتنا القومية.
من يفقد لغته يفقد أهم مركب من مركبات شخصيته.
وسوم: العدد 1010