حكومة السوداني بين تكريس ركائز ومواقع النفوذ الإيراني داخل العراق وخدعة "مكافحة الفساد" للتضليل الشعب
كيف يمكن أن يكون الإنسان ثورياً حقيقياً إذا لم يفضح المخازي التي تجري أمام عينيه صباح مساء
القائد الثوري إرنستو تشي جيفارا
ليس خافياً على المتابعين والقارىء لما جرى في السابق، وما يجري الآن ، بعد أن أمسكت هذه الدكاكين العميلة الفاسدة بتلابيب السلطة في العراق منذ عام 2003 ولغاية اليوم وحاولت أن تزرع عقائدها المذهبية والإثنية في جسد العراق من خلال الدستور الذي كتبه الصهيوني نوح فيلدمان ولغمته بالعديد من المواد والفقرات الطائفية – العرقية، التي تتعارض مع حركة التطور وتقيد حركة المجتمع، وحاولت الباس الجسد العراقي الجلباب الطائفي - العرقي الزائف لتسهيل إطلاق يدها في الإستحواذ على المال العام وتخريب كل النظم الاقتصادية والقانونية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية التي كانت سائدة في المجتمع العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى يومنا هذا، وبنت هذه الدكاكين العميلة التي تسمي نفسها بالأحزاب إمبراطوريات مالية سلطوية وميليشيات دموية تحكمت بكل مفاصل الحياة وأستعاضت عن الدولة العراقية بالدولة العميقة الهشة التي بنتها بمشورة رجال الدين العجم في النجف تشريع سرقة المال العام تحت بند (أموال العراق مجهولة المالك) وقائد فيلق القدس في قوات الحرس اللا ثوري الإيراني ومندوبها السامي في العراق (الجنرال قاآني) وسفارة الإيرانية في بغداد والولاء الأعمى للدكاكين الشيعية الإسلامية السائرة على نهج هؤلاء عمائم رجال الدين العجم في النجف والولاة بمساندة الدكاكين الشوفينية الكردية والسنية ذات الجوقة من عبيد ولاية الفقيه وغيرهم من الأدوات من أجل تحييد الدولة العراقية وتقييد خطواتها في ميادين الدولة الوطنية والغياب المتعمد للمشروع الوطني، الذي يمثل هوية العراق واستقلاليته وثقله السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط وفرض الشريعة الإسلامية التي أبتكرتها بتأويلاتها الفارسية الصفوية المريضة والتي لا تمت بصلة إلى الدين الإسلامي الحنيف لقد جوبهت قرارات الدكاكين الإسلامية وشرائع فقهائها التي حاولت فرضها في كل المفاصل الحياتية ومحاولة سن القوانين التي تتعارض مع طبيعة المجتمع وصيرورته التاريخية وتقييد حرية الأفراد ومصادرة حقوق المرأة والطفولة وفرض أحكام دينية مذهبية وإثنية على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بما لا تتلائم مع الطابع الوطني للمجتمع العراقي ونضاله الطويل في سجل الثورات والوثبات والتحرر والحرية والكرامة.
وهذا ما لمسناه في ثورة المحافظات الغربية لعام2011 وثورة تشرين الباسلة لعام 2019، كون المجتمع متعدد الأديان والأعراق ولا يمكن حكمه من خلال طائفة معينة واحدة وتطبيق عقائده وأحكامه الفقهية على الأديان والمذاهب الأخرى فعمدت الدكاكين العميلة الفاسدة على خلق الفوضى وجرائم العنف في المجتمع العراقي وترهلت أركان الدولة فأمتدت يد القتلة الأشرار والسارقين، المدعومين من قبل طغمة الدكاكين الطائفية- العرقية وميليشياتها، إلى أموال الشعب وحصلت أبشع جرائم السرقة والقتل والإرهاب والتخريب المتعمد للمجتمع وإنهيار كل ركائزه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية ووقف الجميع، أمام ظاهرة اللادولة التي رسمتها منظومة التدميرية الإرهابية اللصوصية في منطقة الغبراء وتسيد مجموعات وميليشيات تأتمر الحكومة العميلة الفاسدة والفاشلة بأوامرها، وتفتت النسيج الاجتماعي وعانى المواطن العراقي من القتل والحيف والبؤس والبطالة والمرض والأمية والضياع والمخدرات منتشرة وعلى نطاق واسع بين شباب عاطلين عن العمل في مناطق ومحافظات وسط وجنوب العراق في الدرجة الأولى، وحتى في المدارس والجامعات، فليس هناك محافظة عراقية تكاد تخلو من المخدرات وذلك بحسب تقارير المديرية العامة لمكافحة المخدرات فالأحزاب العميلة التي تتحكم في نظام المحاصصة العرقية والطائفية تحرص على ديمومة عمليات بيع المخدرات في العراق، وذلك لسببين أولاً بهدف كسب مالي كبير، وثانياً ضمن سياسة متبعة تهدف إلى تدمير المجتمع العراقي على طريقة المجتمع الغربي ناهيك عن أنعدام الخدمات في الكهرباء والمياه صالحة للشرب وبناء مدارس وتبليط الطرقات وأنعدام أبسط الخدمات الصحية في المستشفيات وتجويع وحرمان من أبسط الحاجات الإنسانية ؟ كم وكم ؟والقائمة قد تطول وتقطعت جذور المواطنة فأصبح المواطن دائم البحث عن أية بقعة في الكون يقف عليها تحفظ كرامته وتصون شرفه وكبريائه .
لم تكتف هذه الدكاكين الأشرار العميلة الفاسدة بكل هذا الخراب والدمار والموت والمجازر والقتل والحرائق والخطف ونشر المخدرات والنهب بل عملت على تنشيط الدولة العميقة التي أنشأتها ضمن التوافقات والنظام المحاصصة الطائفية والعرقية كي تأخذ بالكامل مكان الدولة العراقية التي أصبحت كياناً هشاً واللادولة وأصبح المواطن دائم التندر عند سماعه لمفردتي الديمقراطية والإنتخابات، وهذا ما كرسته منظومة التدميرية الإرهابية اللصوصية في عقل المواطن البسيط طيلة الدورات للمهازل الإنتخابية، ودفعته لمقاطعتها والتي لم تحصل نسبة المشاركة في معظمها عن17 بالمئة رغم عمليات التزوير والترهيب والترغيب التي مارستها ضد هذا المواطن الأعزل فأصبحت الدم- قراطية (الديمقراطية ) سبة في نظر المواطن لأنها لم تجلب له سوى الكوارث وعصابات القتل والسرقة والضياع والمخدرات وصالات القمار والملاهي والدعارة المتعة (زواج المتعة) وتأسيس بنوك أهلية لتهريب العملة الصعبة العراقية إلى إيران وسوريا الخاضعتين لعقوبات أميركية والأطلسية والإرهاب وفقدان للأمن والتخريب المنظم للبلاد الرافدين .. لم تتخل الدكاكين الأشرار في التيارات الإسلام السياسي الشيعي (الأحزاب الشيعية)عن مشروعها المذهبي الطائفي وأحلام دولتها المريضة التي سوقتها وزوقتها على أنها أمر الهي وفرض رباني على كل مسلم ومسلمة وأبتدأت بالعمل على الحل الشيعي الإسلامي الدخيل، بعيداً عن الدولة، بين أوساط الأكثرية من أبناء المجتمع الذين يعانون من الفقر والحرمان والبطالة والأمية وإفساد عقولهم من أجل تمرير مشاريعها الحزبية المغلفة بالنصوص الطائفية والعرقية والحزبية وتسويقها على أنها الخلاص الوحيد لهم لتحريرهم من هذا الواقع المزري الذي جلبته الدم -قراطية التي جاء بها رؤوس الأفاعى الإمبريالي الأمريكي البريطاني اللتان تفوق قذارتها ووحشيتها عن النازية باستخدام كل أشكال الإرهاب العسكري والضغط والعقوبات الاقتصادية والتشويه الدعائي،جنباً إلى جنب مع دول أوروبية تذيلت للشرطي الأمريكي، وانتشت بآمال إبقاء العالم تحت هيمنة "الحضارة الغربية “والكيان الصهيوني والعجم الفرس من نظام المجرم خامنئي المتهالك نحو السقوط قريباً أعداء الإسلام والعروبة والعراق، وعملوا من أول يوم حطوا ركابهم المشؤوم في الوطن ويعملون ليل نهار على ترسيخ هذه الفكرة من أجل تكون مطالبة الأكثرية بإقامة دولة العدل الالهي التي ستشيدها الدكاكين المذهبية الشيعية الصفوية والعرقية وهم يضربون عصفورين بحجر أولهما القضاء على أي شكل للدولة الوطنية في البلد والثاني مسخ صورة الإسلام الحنيف والعروبة في نفوس المواطنين لأن بناء دولتهم، التي أفترضها فكرهم الديني القاصر، على غرار نظام ولاية الفقيه الظلامي الإيراني ودولتي القاعدة وداعش المجرمتين اللتان خرجتا من رحم نظام الشر والفتن والإرهاب الحاكم في طهران حيث تؤكد العديد من التقارير الغربية بأنهما صنيعة مخابراتية دولية؛ أمريكية، بريطانية، وحتى إيرانية، من أجل إنقاذ عملاء العراق والطاغية المجرم بشار الأسيد، بالموازاة مع ذلك، سمحوا لإيران بالتدخل في سوريا .لا تزال هذه العقلية المغلفة بالنصوص الطائفية وتسويقها على حساب أهمية إستقلالية الوطن، على الرغم من صعوبة حكم العراق عن طريق طائفة معينة، وإستحالة ربط الهوية الوطنية بطائفة ومذهب.
فالطائفية - العرقية التي هي أساس البلاء في العراق لن تختفي أو تموت تلقائياً. بل هناك من يعمل على تفعيلها كل يوم وكل لحظة ويمدها بأسباب جديدة للحياة. وما ألغامها التي تنفجر بين حين وآخر إلا دليل على أن (العراق الجديد) هو المكان الأكثر خطورة على إنسانية وكرامة البشر ووجودهم. لا يزال كذلك وسيبقى ما لم يعالج أبناء شعبنا أمراضهم بأنفسهم وينهوا كابوس الشر الأسود في نظام المحاصصة العرقية والطائفية الذي أسس على "طابو" العملية السياسية المخابراتية، المختوم أمريكياً وبريطانياً وصهيونياً إيرانياً، مع توقيعات دولية بخط اقتصادي، يظهر مع هذا الختم هنا وهناك .
يبقى السؤال يطرح فمن هو القادر على إصلاح النظام السياسي العراقي في ظل هذا التركيب الطائفي والعرقي والحزبي ونفوذ الإحتلالين الأمريكي الإيراني؟ وهل أن الدولة العراقية قادرة على بناء سياسة تتوافق مع سيادة العراق وحدته الوطنية وطبقاً لمصالح شعبه؟ فالجميع على علم بأن النظام السياسي الذي تديره دكاكين الثقافة الطائفية والعرقية والحزبية العميلة، فقد السيطرة على نفسه وصار يتحكم به رؤوس الأفاعى الإمبريالي الأمريكي البريطاني قائدة الحروب والحصار والإرهاب العالمي والكيان الصهيوني والعجم الفرس من نظام الشر والفتن والإرهاب والآن الفرنسي بحضوره في القمة الإقليمية التي ستضافتها الأردن وحضرها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون ومسؤول السياسية الخارجية في الأتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى جانب أنريكي مورا المنسق الأوروبي للمفاوضات النووية الأميركية الإيرانية غير المباشرة إلى جانب ممثلين عن دول الجوار العراقي، كانت فرصة بالنسبة لفرنسا التي تحاول تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وتقدم نفسها وسيطاً لحلحلة الأزمات في المنطقة.
ويرى محللون أن نتائج لن تكون بمستوى الأنتظارات وأنها ستكون شبيهة بمؤتمر بغداد (1) رغم القضايا الملحة المطروحة التي تشمل أمن العراق وسيادته والملف النووي الإيراني والعلاقات الإيرانية السعودية.
أن هذا المؤتمر جزء من مساعي ماكرون للحفاظ على وجود فرنسي في الشرق الأوسط حيث يشعر بعض حلفاء الإمبريالية الأمريكية التقليديين، لا سيما السعودية، بالإحباط جراء ما يرون أنه فك أرتباط تدريجي من جانب واشنطن هنالك نقطة مهمة جداً غابت عن العلاقات السعودية الأمريكية، وهي علاقات دولية مبنية على الاحترام والمنافع المتبادلة، من دون إملاءات. وهذا الموضوع أزعج صانع القرار السعودي والخليجي، فأسلوب القوة وإصدار الأوامر التي كانت تستخدمها واشنطن مع السعودية ودول الخليج، لم تعد مرعية أو مقنعة كما كانت في السابق. والأساس في ذلك هو وجود لاعبين أقوياء على الساحة، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وأمنياً هما الصين وروسيا.وبدأت الرياض بالتفكير جدياً بمسألة تنويع السلاح وتنويع السلة الاقتصادية أيضاً، وقد عبر الرئيسان الروسي والصيني سابقاً عن هذا التوجه السعودي، عندما قالا "إن الرياض تروم تنويع مصادر اقتصادها، ونحن من سيدعمها، ومرحبين في الوقت نفسه بها كي تكون عضواً في مجموعة "بريكس””. وهذا يعتبر تطوراً كبيراً ومهماً للغاية، فانضمام الرياض إلى هذه المجموعة يضفي عليها طابع اللاعب العالمي، كما يعني عملياً إستبدال علاقاتها مع واشنطن القائمة على معادلة الطاقة مقابل الأمن، بعلاقات دولية مبنية على الاحترام والمنافع المتبادلة، من دون إملاءات، في عالم يتجه نحو التعددية القطبية.فقمة الأردن تعزز نفوذ فرنسا وتقدم حلولاً "إستعراضية" لأزمات مستعصية.
الشعب العراقي لن تنطلي عليه هذه الأكاذيب ويراقب عن كثب كيف أنهم سرقوا ثروات الشعب ودمروا دولته وبنوا اللادولة التي سخر ويسخر منها العالم يومياً، لكنه سيعيد بناء هذه الدولة من جديد بعد إجتثاث دور هذه الدكاكين الطائفية والعرقية والحزبية وعزلها اجتماعياً وثقافياً وقانونياً وإحالة رموزها إلى القانون ومساءلتهم عن جرائمهم في الخيانة الوطنية والقتل وسرقة أموال الشعب وتخريب المجتمع وكل ما أقترفوه من إشاعة للوهم والخرافات والعيش في الزيف والبطلان. اللادولة التي أنشأتها الدكاكين الشيعية الصفوية والطغمة الدكاكين الكردية الشوفينية الكارهة للعراق منذ قبل عقدين ستكون، في المستقبل القريب، دولة قوية بناتها الوطنيون الأحرار الشرفاء الأصلاء .
وسوم: العدد 1022