***
*" لنهر الأردن ضفتان ، الأولى لنا ، والثانية لنا . " . من أغنية يهودية .
لا جديد ولا مفاجىء في نفي وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش لوجود الشعب الفلسطيني ، ولا جديد ولا مفاجىء في إنكاره لوجود الأردن واعتباره الأرض الأردنية أرضا إسرائيلية . هذه سياسة إسرائيل الحقيقية ، والأساس الذي أقيمت عليه . ألم يتحرك المشروع الصهيوني الاستيطاني الذي استهدف فلسطين مدفوعا بخرافة " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " وسارت كل خطواته التالية على هدي تلك الخرافة ؟! واتباعا لها ما زال أحفاد رواده يقترفون أفظع الجرائم ضد الفلسطينيين الذي تجذروا في أرضهم بعد نكبة قيام إسرائيل فيها ، ويتحسر هؤلاء الأحفاد الأوغاد لأن من أقاموا إسرائيل لم يستغلوا حرب 1948 في إخلاء فلسطين كليا من الفلسطينيين ظانين أنهم كانوا قادرين ولم يفعلوا . ويريد الأحفاد الآن القيام بهذا الإخلاء ، ويتصدرهم الوغدان المعتوهان بن غفير وسموتريتش بالقول والعمل . ودائما يكاد المريب أن يقول : " خذوني ! " للباحثين عنه ليعاقبوه على جنايته ، ودائما التطرف شهادة على ضعف ما . فحين ينفي الإسرائيليون وجود الفلسطينيين إلى مستوى القول إن الإسرائيليين هم الفلسطينيون فهذه شهادة على شك غائر في نفوسهم أنهم غرباء عن هذه الأرض . بيجين المهاجر البولندي قال إنه فلسطيني ، وجولدا مائير الأوكرانية قالت إنها فلسطينية بعد أن مرت بالجنسية الأميركية . سعي لاهف لاهث للالتصاق المزيف بمكان لا صلة لهم به . واشتد سعيهم وشذ حتى قالوا في الانتفاضة الأولى التي روعتهم وفضحتهم عالميا إن الفلسطينيين المنتفضين كانوا يهودا أجبرهم العرب على الإسلام ! وإذا كبرت الكذبة فضحت صاحبها . والكذب إنكار للواقع ، والكاذبون الإسرائيليون ينكرون الواقع في فلسطين . ألا يرون 8 ملايين فلسطيني بين النهر والبحر يرفدهم 8 ملايين في المنطقة وفي العالم ؟ ألا يرون أنهم أقلية من 6 ملايين وأن الفلسطينيين بملايينهم الثمانية في وطنهم أكثرية ؟! ألا يعون أن ملياري مسلم يرون أنفسهم فلسطينيين حين يتصل الأمر بفلسطين وقدسها وأقصاها ومسرى رسولهم ومعراجه ؟! ألا يبصرون أنهم فأر يصارع فيلاً ؟! إنهم كما يصفهم القرآن لا يفقهون ولا يعقلون . وذهبت في الريح نصيحة السياسي والروائي الفلسطيني إميل حبيبي لهم بأن الجزيرة العاقلة لا تخاصم بحرها .، وأنى لهم ان يعوا قيمة نصيحتة ونفعها ؟! ويغلو المعتوه سموتريتش في تعبيره عن موقف الكيان الذي انتخبه واستوزره ، فيكشف حقيقة موقفه من الأردن ، فيضع خريطته فوق شمعدان يهودي أثناء حديث له في باريس . ولسنا في حاجة إلى هذا الكشف عن نية إسرائيل المبيتة نحو الأردن . من الذي لا يعرف هذه النية ؟! في 1942 نزل بيجن في مطار عمان قادما من بولندا ، وكانت أول كلمة نطقها : " هذه أرضي ! " ، وما زال أحفاده من شياطين الإنس يؤمنون بما قال ، ويتحركون عمليا في ضوء هذا الإيمان ، ولا قيمة لرفض وزارة الخارجية الإسرائيلية لما فعله سموتريتش في باريس ، ولا استبعاد لأن يكون فعله بالتنسيق مع جهات رسمية مسئولة . أقوالهم وخطواتهم مدروسة منسقة وإن بدا فيها شيء من التعارض والتنافر مع الخط العام الذي تهتم دولتهم بإظهاره للعالم . ويجب أن تكون الأفعال العربية في حجم حقيقة النوايا الإسرائيلية ، ولا قيمة لاحتجاج لفظي ، ثم التصرف كأن كل شيء سوي مطمئن من جهة تلك النوايا . مذهل أننا مازلنا نواصل قراءة إسرائيل كأننا لا نفهمها . الكتابة عن شرورها الحالية وأطماعها المؤجلة تستوعب مساحة واسعة من الكتابات العربية ، ومع ذلك يتسع التطبيع العميق المتنوع معها ، وتنعقد المؤتمرات بمشاركة فلسطينية ومصرية وأردنية لخلق أجواء الأمان لها لتقتل الفلسطينيين ، وتهدم بيوتهم ، وتسلب أرضهم . ما من عدو حظي بتعاون ضحاياه معه ضد أنفسهم مثلما يتعاون بعض العرب مع إسرائيل ، فلماذا لا تستهين بهم ، وتوغل في الطمع في أرضهم كأنهم لا وجود لهم فيها ؟! الجدية الحازمة في مواجهة العدو أول خطوة لدحر شره والانتصار عليه ، ولا وجود لهذه الجدية البتة لدى العرب ، ويتحقق فيهم تحققا كاملا قول الشاعر لقيط بن يعمر الإيادي : " مالي أراكم نياما في بلهنية = وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا ؟! " .