ما زلنا هنا
18أيار2023
م. محمد سيف الدولة
على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان، فشل الغرب وكيانه الصهيونى فى تصفية فلسطين وقضيتها ومقاومتها:
- تحالفت اقوى دول العالم لزراعة وبناء ودعم هذا الكيان.
- فدعمته عصبة الامم بعد الحرب العالمية الاولى، والامم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
- رعته بريطانيا العظمى ثم الولايات المتحدة الامريكية.
- اعترفت به الدول الخمس الكبار فى مجلس الامن.
- تلقى انهارا من الأموال وملايين الأطنان من السلاح.
- بنوا له سلاحه النووى وحرمّوه على باقى شعوب المنطقة.
- أصدروا له عشرات القرارات الدولية، وأنقذوه من مئات قرارات الإدانة، بألف فيتو وفيتو.
- أسقطوا أنظمة عربية وأقاموا غيرها وأعادوا تشكيل المنطقة على مقاس أمنه ووجوده.
- استقطبوا حكام مصر والأردن والامارات والبحرين والمغرب للصلح معه والاعتراف به والتطبيع معه.
- وأكرهوا النظام العربى الرسمى كله على التنازل عن فلسطين 1948، فيما أسموه بالمبادرة العربية، ثم اتفاقات ابراهام، فجردوا فلسطين وشعبها ومقاومتها من ظهيرها العربى التاريخى.
- وضمنوا له التفوق العسكرى على كافة الدول العربية مجتمعة.
- باركوا كل مذابحه، التى سقط فيها آلاف مؤلفة من الفلسطينيين والعرب.
- نزعوا سلاح مساحات هائلة من اراضى دول الجوار العربي لحمايته، مساحات تعادل مساحة الكيان نفسه بضع مرات.
- فرغوا له الأرض؛ فتآمروا معه لطرد وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين، وحرموهم من العودة الى أوطانهم رغم صدور قرار حق العودة 194.
- وضغطوا على كافة دول العالم، وعلى رأسها الاتحاد السوفيتى ثم روسيا، للسماح بهجرة يهود العالم الى فلسطين، وفقا لقانون العودة الصهيونى.
- أعطوه الغطاء السياسى والدولى ودعموه بكل فنون المراوغات الدبلوماسية، حتى يتمكن من اغتصاب واستيطان مزيد من الارض الفلسطينية بالضفة الغربية.
- فوضوه فى ارتكاب كل انواع الجرائم ضد الشعب الفلسطين، من ابادة وقتل واغتيالات وطرد وتهجير وحصار وهدم منازل وجدار عازل وحواجز طرق واعتقال وأسر.
- شجعوه على تهديد وتهويد المقدسات الدينية، اسلامية ومسيحية فى القدس، وباركوا اقتحاماته اليومية للمسجد الاقصى.
- وحتى حين قاتله العرب بقيادة مصر فى 1973 وكادوا ان يوقعوا به هزيمة قاسية، دعموه بجسور جوية من العتاد العسكرى، وأنقذوه من هزيمة محققة، بل حولوا الهزيمة الى نصر، باتفاقيات كامب ديفيد.
- وأخيرا دعموه بقباب فولاذية، وشبكات رادار ناتوية، واتفاقيات عسكرية استراتيجية، ومنظومات أمن اقليمية.
- وضغطوا على الأنظمة العربية لحظر السلاح وهدم الأنفاق وإغلاق المعابر، والمشاركة فى الحصار.
- تركوه يمارس أبشع أنواع العنصرية والإرهاب وجرائم الحرب.
- وجرموا كل يقاتله، ولو كان دفاعا عن النفس، وصنفوه ارهابيا.
***
مائة عام من القتل والإبادة والطرد والتهجير والمذابح والقصف والاغتيال والأسر والعزل والاستيطان والتهويد والأسرلة:
- مائة عام اجتمع للكيان المسمى (اسرائيل) كل ما تحلم به الدول من عناصر القوة العسكرية والدعم الدولى.
- ورغم كل ذك لم ينجح فى تصفية فلسطين ولا الشعب الفلسطينى ولا القضية الفلسطيني.
- و75 عاما منذ النكبة وبناء الكيان الصهيونى، لم ينجح فى تثبيت شرعية وجوده فى فلسطين وسط شعوب الامة العربية، التى تتحين الظروف للمشاركة فى تحرير الأرض المحتلة.
- و44 عاما من معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية، لم تنجح فى إنهاء العداء الشعبى المصرى العميق للعدو الصهيونى.
- و30 عاما من أوسلو لم تنجح فى إتمام وتمرير صفقة بيع فلسطين واستسلام المقاومة.
***
كلما ضربوا جيلا من المقاومة، خرج جيل اشد بأسا:
- تآمروا على ثورة 1936 ونجحوا فى تقسيم فلسطين والانتصار فى حرب 1948، فخرجت كل ثورات الاستقلال وحركات التحرر العربى معادية لاسرائيل، وتشكل جيل جديد من المقاومة الفلسطينية ممثلا فى منظمة التحرير 1964، اخذت تقاومهم فى الداخل ومن الساحة الاردنية.
- وحين طردوا المقاومة من الاردن فى ايلول الاسود 1970، قامت بالالتحام بالحركة الوطنية اللبنانية وقاتلتهم من هناك.
- فاجتاحوا لبنان وحاصروا بيروت وطردوا المقاومة الفلسطينية عام 1982 وتأسست مقاومة لبنانية حررت الجنوب وصدت عدوان 2006، ونجحت فى تحقيق معادلة ردع متوازن.
- وبعد نفى قادة المنظمة الى تونس بعيدا عن الارض المحتلة، انتقلت راية المقاومة الى الداخل الفلسطينى فتفجرت انتفاضة الحجارة فى 1987.
- وحين حاولوا احتوائها واجهاض زخمها بتوقيع اتفاقيات أوسلو 1993 ليحصلوا على الاعتراف باسرائيل من منظمة التحرير الفلسطينية، خرج الى الوجود جيل جديد من حركات المقاومة وتفجرت فى وجوههم العمليات الاستشهادية ثم انتفاضة الاقصى 2000 ثم اجبار الاحتلال على الانسحاب من غزة ونجاحها فى الصمود فى مواجهة الحصار وكل الاعتداءات والحروب على امتداد 16 عاما متصلة، الى أن وصلنا اليوم الى امتداد المقاومة الى الضفة الغربية.
- وهكذا.
***
ماذا يمكنهم ان يفعلوا اكثر مما فعلوا، لم تعد لديهم حيلة و لم يعد فى جعبتهم جديد، فلقد استنفذوا كل أدواتهم. قرن من الزمان امتلكوا فيه كل مقومات القوة وأصنافها، وارتكبوا فيه كل أنواع القتل والإبادة والجرائم، ورغم ذلك فشلوا.
فالأمة تلفظهم والأرض والشعب.
قرن من العدوان، ولا يزال وجودهم مهددا وأمنهم على المحك،
أما نحن فما زلنا هنا، ولن نرحل أبدا.
وسوم: العدد 1032