اتفاقيات كبيرة وإيران تتوسع أفقيًا، رئيسي والأسد.. الأرض مقابل الديون
حملت زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق، في 3 من أيار الحالي، بعدًا سياسيًا واقتصاديًا عالي المستوى، على اعتبار أنها الأولى منذ 13 عامًا، تقريبًا، رغم زيارتين أجراهما الأسد إلى طهران خلال الثورة، إلى جانب تزامنها مع تغيرات في المشهد السياسي، وغناها بالاتفاقيات الاقتصادية التي تناولت محاور مختلفة، برز منها ما يشير إلى توسع بطابع أفقي، مثل الرغبة بالاستحواذ على مساحات من الأرض مقابل ديون غير مسدّدة.
تحاول عنب بلدي في هذا الملف تسليط الضوء على قيمة الزيارة والأبعاد التي حملتها، ولا سيما اقتصاديًا، بالاستعانة بخبراء وباحثين مهتمين، كما تتناول بالبحث قابلية تنفيذها والجهات المستفيدة من هذا التنفيذ في حال حصوله.
توقيت حساس
جاءت زيارة الرئيس الإيراني في ظل تحركات عربية مكثفة قادتها أكثر من دولة عربية، كالسعودية والأردن، لتقريب رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من “المحيط العربي”، وتُوّجت هذه الخطوات بالفعل بعودة النظام إلى الجامعة العربية في 7 من أيار الحالي، وصولًا إلى مشاركة الأسد في القمة العربية، في 19 من الشهر نفسه، بدعوة رسمية من الرياض.
مسار العلاقات العربية والحديث عن سحب الأسد من “الحضن الإيراني” على مدار سنوات، قابلته خطوة سياسية مفاجئة تجلت باستئناف العلاقات بين السعودية وإيران بعد قطيعة سياسية استمرت نحو ست سنوات، دون أن تخرج العلاقات الجديدة بين البلدين “اللدودين” سوريا من إطار النقاشات العربية، فيما يخص علاقتها مع إيران، إذ اعتبر مسؤولون عرب خلال لقاء وزاري جرى في جدة، في 15 من نيسان الماضي، أن إعادة قبول النظام السوري عربيًا، في ظل النفوذ الإيراني القائم في سوريا، من شأنه أن يكافئ طهران، وفق ما نقلته صحيفة “فاينانشال تايمز” حينها.
الزيارة الإيرانية التي جرى الحديث عن تأجيلها منذ أشهر، جاءت بعد زيارة الأسد الخامسة إلى روسيا، منتصف آذار الماضي، وهي أيضًا زيارة ذات إيقاع سياسي مختلف، حيث استمرت ثلاثة أيام، وبدأت باستقبال رسمي، وتخللتها بالإضافة إلى لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لقاءات مع وسائل إعلام روسية، أثنى الأسد عبرها على علاقة دمشق وطهران، ورحب بعلاقات سعودية- إيرانية لا تزال تشق طريقها، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الدول العربية لا تطالب منذ سنوات بابتعاد الأسد عن إيران.
وتأكيدًا لعمق العلاقة، قال الأسد خلال استقباله ضيفه الإيراني، “عندما شُنت حرب ظالمة ضد إيران في عام 1980 لمدة ثماني سنوات (في إشارة إلى حرب إيران مع العراق بدعم خليجي وعربي)، سوريا لم تتردد بالوقوف إلى جانب إيران رغم التهديدات والمغريات في ذلك الوقت”، مشيرًا إلى أن إيران ردت بالمثل حين شُنت “الحرب” على سوريا، وزادت بتقديمها الدماء، وفق قوله.
الباحث في العلاقات السياسية بلال السلايمة، أوضح لعنب بلدي أن زيارة رئيسي إلى سوريا كانت مطلوبة في وقتها، وتحمل رسائل لكل الدول العربية، والأطراف التي تراهن على أن التطبيع مع النظام السوري سيقلص النفوذ الإيراني، على اعتبار أن الادعاء الذي تستند إليه بعض الدول العربية في الترويج لتطبيعها مع النظام قائم على فكرة أن التطبيع هو مد يد المساعدة له بما قد يسهم في كسر النفوذ الإيراني، ويمنح النظام حرية حركة أكبر يمكن أن تقلص نفوذ طهران في دمشق على المدى البعيد.
“رسالة الرئيس الإيراني مفادها أن إيران لا تزال موجودة، ومستمرة، وتعمل على ترسيخ نفوذها”، أضاف السلايمة.
وفي وقت سابق، ذكر مركز “جسور للدراسات” أن زيارة رئيسي فرصة مناسبة لدعم النظام المتشدد إزاء التعامل مع مبادرات الحل الجديدة، فسياسيًا يعمل النظام على فرض المبادئ الوطنية على أي مضامين دستورية، ويجعلها شرطًا لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية، ويحرص على التفلّت من القرار الأممي “2254”، وعسكريًا يشترط انسحابًا تركيًا كاملًا من الأراضي السورية، ورفع الدعم عن فصائل المعارضة.
ولم تكن هناك أي قيمة أو جدوى سياسية فعلية لزيارة رئيسي إلى دمشق في ظل العزلة الدولية على النظام، التي تقوّض أي جهود لتحويل النفوذ الذي حققته إيران إلى مكاسب حقيقية، لكنها أتت مع تراجع جزئي في العزلة وفق “جسور”.
الديون على القائمة
في 25 من نيسان الماضي، اجتمعت اللجنة الاقتصادية السورية- الإيرانية، بمشاركة وزير الاقتصاد في حكومة النظام، محمد سامر الخليل، ووزير الطرق الإيراني، مهرداد بذرباش، وممثلين من الجانبين في قطاعات الاقتصاد والتجارة والإسكان والنفط والصناعة والكهرباء والنقل والتأمينات.
وأكد الوزير الإيراني، حينها، تشكيل ثماني لجان تخصصية، الأولى معنية بالمصارف والشؤون المالية والتأمين، بحثت التبادل أو التحويل المباشر للأموال بين البلدين، لمواجهة العقوبات والخروج من الأزمة المصرفية.
وتختص اللجنة الثانية بالشؤون الاستثمارية، ومناقشة مواضيع الكهرباء والتركيز على الأولويات في الخط الائتماني الإيراني، وعلى مجال إنتاج الطاقة في إيران، بينما تُعنى الثالثة بملف النفط لدراسة مواضيع منها تصدير المواد البتروكيماوية، والاستثمار في الحقول المختلفة.
اللجنة الرابعة تختص بملف النقل ومواضيع الممر السككي، وزيادة الرحلات بين البلدين، ومساعدة الأسطول السوري، وتقديم القوى البشرية وتدشين ميناء “الحميدية” والخطوط البحرية المنظمة بين البلدين.
أما اللجنة الخامسة فتُعنى بالشؤون التجارية والصناعية وبناء المدن الصناعية، وقانون التمويل الذي يعرقل بعض النشاطات، في حين تتعلق السادسة بالشؤون الزراعية ما وراء الحدود، إذ جرى في وقت سابق نقاش حول إعطاء خمسة آلاف هكتار من الأراضي الزراعية السورية ليزرعها الجانب الإيراني، وفي حال الموافقة سيجري نقل الخبرات من إيران إلى سوريا، وفق الوزير بذرباش.
تركز اللجنة السابعة على الشؤون السياحية، ومنها السياحة الدينية، مع وضع هدف لدخول 50 ألف زائر إيراني إلى سوريا، بمعدل ألف زائر أسبوعيًا تقريبًا.
الأرض مقابل الديون
تُعنى اللجنة الثامنة من اللجان الاقتصادية بمتابعة الديون والمستحقات، لإجراء تحقيق دقيق لحجم الديون، بعد اتفاقات سابقة تخص إعطاء أراضٍ كبديل لهذه الديون، وأشار وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، مهرداد بذرباش، إلى أن الجانب الإيراني “يشعر بظروف سوريا، ولكن يوجد في إيران بعض القوانين يجب الإجابة عن أسئلتها”، وفق حديث الوزير الإيراني لصحيفة “الوطن” السورية.
ومن المقترحات الاقتصادية التي أنتجتها اجتماعات اللجنة الاقتصادية، تأسيس بنك مشترك بين إيران وسوريا، والتعامل بالعملة الوطنية لكل طرف.
وبحسب دراسة لـ”مركز الحوار السوري”، فإن إيران اتخذت مجموعة من الخطوات للهيمنة على الاقتصاد في سوريا، تفاوت نجاحها وفشلها، وجاءت في قطاعات تربية الحيوان والزراعة، والتجارة الزراعية، إلى جانب الاستيلاء على أراضٍ زراعية.
وشملت أيضًا الثروات الباطنية والصناعات الاستخراجية، ومحاولات للسيطرة على الفوسفات وحقول النفط والغاز، وتكرير المواد النفطية، قوبلت بحضور روسي بارز ومنافس قوي إجمالًا وفي هذه المجالات.
في ظل الحديث عن ديون لإيران عند النظام السوري بنحو 50 مليار دولار أمريكي، وفق ما ذكره موقع “إيران إنترناشونال”، نقلًا عما قال إنها وثيقة مسربة من الخارجية الإيرانية، تقترح إيران على الأسد تقديم أراضٍ كبديل عن الأموال في سبيل التسديد.
الباحث في “البرنامج السوري للتطوير القانوني” إياد الحميد، أوضح لعنب بلدي أن الخيارات المتاحة أمام إيران لاسترداد أموالها من النظام قليلة في ظل الهيمنة الروسية على الموارد الرئيسة للثروات في سوريا.
وبحسب الباحث، فإن اقتصاد سوريا المنهك لا يوفر فرصًا استثمارية مغرية، وفي ظل تعنت الأسد ورفضه العملية السياسية، لا توجد عملية إعادة إعمار، ولا تزال العقوبات مفروضة، ما يعني أن تملك الأراضي والعقارات يظل الخيار المتاح الأفضل للإيرانيين.
وردًا على سؤال حول دور عربي محتمل في عملية الاستثمار والأنشطة الاقتصادية العربية في سوريا، بعد العودة إلى الجامعة، أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي، في 12 من أيار الحالي، عدم نية العرب معاندة العقوبات الأمريكية على النظام، أو التعامل معها كأنها لم تكن، “لا أحد يريد أن يغامر في هذا الاتجاه”، وفق تعبيره.
الباحث في “البرنامج السوري للتطوير القانوني” إياد الحميد، قال لعنب بلدي، إن إيران تتبع سياسة غير تقليدية في نشر نفوذها، فرغم أهمية القنوات المباشرة الرسمية مع النظام، تسعى طهران لإقامة بنية موازية للدولة في كل الدول التي هيمنت على قرار عواصمها، ما يتيح لها نفوذًا مستمرًا يتجاوز التسويات السياسية، وحيازة الأراضي جزء من هذه السياسة.
ويرى الباحث أن النظام السوري قد لا يرفض مثل هذه التسوية طالما لا تزال محصورة في مناطق لا تهدده كليًا، بحكم أنه يحافظ دائمًا على هامش للمناورة.
وخلال لقائه وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، في 27 من نيسان الماضي، اعتبر الأسد أن ترجمة عمق العلاقة السياسية مع إيران إلى حالة مماثلة اقتصاديًا مسألة ضرورية، مشيرًا إلى أن الحكومتين يجب أن تستمرا في العمل عليها لتقويتها وزيادة نموها.
وبالنظر إلى الوفد المرافق للرئيس الإيراني حين زار دمشق، وضم وزراء الخارجية، والدفاع، والنفط، والطرق وبناء المدن، اعتبر الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، أن الزيارة تأتي استكمالًا للاتفاق السعودي- الإيراني على استئناف علاقاتهما، وأن طبيعة التشكيلة المرافقة توحي أن الزيارة تنشد مكاسب عسكرية وسياسية لا اقتصادية فقط كما جرى تصويرها، فالإيرانيون معنيون بأي اتفاقية تُبرم في المرحلة الحالية أو المقبلة، ويمتلكون القرارات الحاسمة في تلك الملفات.
وبيّن الباحث أن إيران تدرك عجز النظام عن تسديد ديونه، وتراقب في الوقت نفسه المساعي العربية لمكافحة المخدرات، وربطها بالخطوات المتبادلة للتقارب مع النظام، ما يجعل إيران تبحث عن بدائل تتيح لها تجاوز أزمة الديون عبر الحصول على ما يشبه “البؤر الاستيطانية”، التي تقضى على احتمالية إخراجها من سوريا بثمن بخس.
اتفاقيات قد لا تُنفذ
لا يعتبر توقيع الاتفاقيات بمختلف القطاعات بين إيران والنظام السوري جديدًا، إذ سبقتها اتفاقيات أخرى لم يبصر بعضها النور بعد، وبقيت حبرًا على ورق.
ولم تختلف الاتفاقيات السابقة كثيرًا عن تلك التي وقعها الأسد مؤخرًا، غير أن الأخيرة حملت توقيع الرئيس الإيراني في دمشق، للمرة الأولى منذ عام 2011.
وخلال السنوات الماضية، حصلت إيران على عديد من العقود الاستثمارية في مختلف القطاعات، كالاتصالات والصحة والتعليم والطاقة والمصارف والبناء والزراعة والثروة الحيوانية والكهرباء.
لم تُنفذ مشاريع عديد من هذه الاتفاقيات على أرض الواقع، وبحسب دراسة صادرة عن مركز “الحوار السوري” في آذار 2022، تتمثل الإنجازات التي حققتها إيران في الاقتصاد السوري بخطوط ائتمان وقروض أكثر من كونها تجارة، ورغم الإخفاقات التجارية المتعددة، لا تزال إيران تسعى لرفع مستوى التبادل التجاري لغايات عديدة، أبرزها استعادة أكبر قدر من الديون، وأهمية هذا التبادل لها لنفوذ القوة الناعمة التي تحتاج إليها لتطوير نفوذ طويل الأمد وعلاقات اقتصادية.
الباحث السوري الخبير بملف النفوذ الإيراني في سوريا والعراق نوار شعبان، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الاتفاقيات الإيرانية بين النظام السوري مثلًا منذ مطلع عام 2022 حتى الآن، تشير إلى أن عديدًا من الاتفاقيات الاقتصادية أو التعليمية أو المشاريع الخاصة بالطاقة وغيرها، لم يعمل معظمها حتى الآن، بالمقابل، حدثت تحركات معيّنة لها كبناء قنصلية في حلب، وبدء الاستفادة من مطار “حلب”، وغيرها من المشاريع.
ووفق الباحث شعبان، العامل في وحدة البحوث بمركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، فإن إيران نفذت عددًا من المشاريع الصغيرة لكنها ذات أثر كبير في مناطق مختلفة، اختارتها بناء على قدرتها في التأثير بالحاضنة الاجتماعية كمحافظة دير الزور مثلًا، حيث كان دمار الحرب كبيرًا، ولجأت إلى تنفيذ المشاريع التي تهمها حاليًا، وهي التي تثبّت وجودها بقطاعات مختلفة، كمشاريع الطاقة والمشاريع اللوجستية البرية، عبر سيطرتها على المعابر، والنقل الجوي عبر سيطرتها على المطارات.
وحول سبب عدم بدء إيران بالمشاريع المتعلقة بالاتفاقيات، يرى شعبان أن سياسة إيران في الإعلان عن مشاريعها هي سياسة ترويج إعلامي حول قدرتها على تنفيذ مشاريع في سوريا بمختلف القطاعات، وعدم تأثرها بالعقوبات الغربية على النظام.
ووفق دراسة مركز “الحوار السوري”، سعت إيران بعد عام 2015 إلى التمركز بكل القطاعات الرئيسة في سوريا، ورغم بذلها جهودًا كبيرة في هذا المجال، فإن نجاحها الفعلي ومستوى سيطرتها يختلف بين قطاع وآخر، وسط وجود محاولات إيرانية مستمرة ومتواصلة لزيادة التمركز في كل منها على حدة.
واعتبرت الدراسة أنه بشكل عام يُلاحظ وجود سمة عامة صبغت التوجهات الاقتصادية الإيرانية في سوريا، وهي النجاح في إبرام الاتفاقيات مع الفشل في تحويلها إلى واقع، وذلك نتيجة ثلاثة عوامل رئيسة، هي المنافسة الروسية، وتأثير العقوبات الغربية، والضعف الاقتصادي في سوريا.
طهران بعد موسكو.. اتفاقيات قد لا ترى النور
منتصف آذار الماضي، كشفت زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأخيرة إلى موسكو، عن احتمال عقد اتفاقيات سورية- روسية مقبلة، قد تفضي إلى سيطرة أكبر للروس في سوريا وهيمنة على مختلف القطاعات، أبرزها العسكري والاقتصادي.
ووفق إعلان الأسد حينها، كان توسيع الوجود العسكري الروسي في سوريا، إلى جانب التخطيط لـ40 مشروعًا استثماريًا في مختلف القطاعات، أبرز ملامح الاتفاقيات المقبلة التي ستتبع الزيارة.
تأتي الاتفاقيات الإيرانية التي وقعها رئيسي مع الأسد في دمشق، بعد أكثر من شهر تقريبًا على الحديث عن اتفاقيات روسية مقبلة، ما فتح الباب أمام التساؤلات عن مدى ارتباط الاتفاقيات الإيرانية الأخيرة بالتنافس الإيراني- الروسي في سوريا.
المحلل الروسي والباحث غير المقيم في برنامج سوريا بمعهد “الشرق الأوسط” أنطون مارداسوف، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الاتفاقيات التي يبدو أن موسكو ودمشق قد اتفقتا عليها لا تزال قيد التفاوض، وفق معلومات مطّلع عليها من مصادر وصفها بالموثوقة.
وأضاف مارداسوف أن الأسد طلب من الكرملين “مبلغًا مجنونًا من قرض بعدة مليارات من الدولارات”، لكن موسكو أبدت استعدادها لتقديم 10% فقط من قيمة المبلغ المطلوب، لذا فهي تحاول إشراك الإمارات بشكل غير مباشر، بسبب عدم إمكانية تقديمها هذا المبلغ بالكامل.
ويرى الباحث الروسي أن موسكو لا تزال تحاول لعب دور أكبر في سوريا، لأنها تشعر أنها قد تستمر في فقدان نفوذها بسبب قرار جامعة الدول العربية الأخير، القاضي بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.
ومع ذلك فإن موسكو تغض الطرف الآن عن جميع الأعمال الإيرانية في سوريا، فمن ناحية تحاول تصوير الاندماج مع طهران كجزء من التحالف المناهض لأمريكا، كما يحاول الكرملين الحفاظ على المسافة، حيث تسعى إيران لنقل معدات دفاع جوي إلى سوريا وزيادة عدد الرادارات العسكرية لها، من ناحية أخرى، وفق ما يعتقد مارداسوف.
“لا تضارب”
من جهته، اعتبر الباحث نوار شعبان أنه لا يمكن اعتبار ما يجري بين طهران وموسكو في سوريا تنافسًا، إنما هو نوع من العمل على محاور مختلفة، رغم رغبة الطرفين الواضحة بتثبيت وجودهما في قطاعات مختلفة بعيدًا عن الأمن والعسكر.
فسر شعبان رؤيته بأنه لو كان هناك تنافس لاستغلت إيران انشغال روسيا بحربها ضد أوكرانيا، وتوسعت أكثر، رغم مساعيها في هذا المجال التي قد لا تعتبر مكثفة، والتي كانت بعيدة عن النفوذ الروسي بسوريا.
ولا يرى شعبان أن الاتفاقيات الإيرانية مؤخرًا تحمل رسالة سلبية للجانب الروسي، فطبيعة الرسائل التي قد تصل إلى الروس، ربما تشير إلى دعم موسكو ووقوف طهران معها في مرحلة تقليص نفوذها في سوريا، وحفاظها على مصالحها في هذا السياق.
بينما اعتبرت دراسة صادرة عن مركز “الحوار السوري”، أن مستوى المنافسة الروسية- الإيرانية في سوريا أبرز العوامل المؤثرة في التموضع الإيراني داخل قطاعات الاقتصاد السوري ومستقبله.
وأوضحت الدراسة أن حليفي النظام السوري، روسيا وإيران، ينخرطان في منافسة على النفوذ وغنائم الحرب، وهو ما يتضح من استهداف الطرفين للقطاعات الاقتصادية ذاتها، بدلًا من التنسيق بينهما في الاستحواذ.
وتميل كفة السيطرة الاقتصادية لمصلحة روسيا، وهذا ما بدا واضحًا في أكثر من قطاع، فحيث يتدخل الروس “تكون لهم الغلبة”، وفق الدراسة، والعكس بالعكس أيضًا، إذ يعطي ضعف التدخل الاقتصادي الروسي هامشًا كبيرًا للإيرانيين للتدخل والتحكم.
وسوم: العدد 1034