إرهاب فرنسا اللفظي والمؤسساتي… تجريد «عطال» من الإنسانية وبن زيما من الجنسية و»فتيتي» من التأشيرة
عندما تعجز الحكومات العربية ونخبها عن تحديد من هو «الإرهابي» في غزة، وتتخفى وراء ذلك العجز أو مجاراة تعريف «حماس» على أنها حركة «إرهابية»، ويتعاطف العرب مع قتلة الأطفال والنساء، ومن يدكون البيوت على رؤوس الأبرياء في الظلمة الحالكة، عندما لا يقوى العرب حكومات ونخب على تحريك ساكن أو قلم لإمدادات إنسانية، وفق ما تقتضيه الأعراف والنواميس ووفق الأقلام الحرة، ماذا سيبقى من العرب ليكتبه التاريخ؟ هل يعقل أن يذبح الأبرياء بأموال العرب وتحت قبعاتهم المنكسة وهاماتهم التي انغرست في الرمال كالنعام؟ كلما ازدادت جرائم الصهاينة في غزة ازدادت محنتنا أمام أنفسنا وأمام الأجيال القادمة. ما زال «طوفان الأقصى» يعري ويكشف نخب الورق، والجوائز الملوثة بالتخاذل والتخابر وبين البين، بعد «بن جلون» وداود» و»صنصال» ينضم للقائمة التي ستطول «ياسمينة خضرا» الذي ساوى بين الجلاد والضحية، باسم الإنسانية. «إنسانية مبالغ فيها»، هذا ما جاء في موقع «الجزائر اليوم»: «في خضم العدوان الصهيوني على قطاع غزة، من خلال منشور له على حسابه على فيسبوك، لم يفوت الكاتب الجزائري محمد مولسهول فرصة مهاجمة أولئك الذين هتفوا «فرحا» خلال الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة المقاومة حماس يوم 7 الشهر الماضي، مما أدى إلى مقتل إسرائيليين، بينهم مدنيون».
ويعرج صاحب المقال زكرياء حبيبي، على كتاب «ياسمينة» بعنوان «الهجوم»، حيث تم «إلصاق تهمة «الإرهابي» بـ «زوجة الطبيب الفلسطيني» لإرضاء الصهاينة ومشغليه، وأصحاب دور النشر، وأصحاب وسائل الإعلام الدعائية الصهيونية، وعالم السينما.
وربما لا يعلم هذا الروائي، أن مجازر «دير ياسين» و«صبرا وشاتيلا» ارتكبها الكيان الصهيوني، حتى قبل ظهور حماس بسنوات طويلة!
إن السعي إلى إرضاء الصهاينة، من خلال نشر المنشورات الاتهامية، تجاه أولئك الذين لا بديل لهم عن مقاومة العدوان الهمجي، الذي يشنه الكيان الصهيوني وحلفاؤه الغربيون ضد الشعب الفلسطيني، هو ما يبين لنا جميعا شخصية مؤلف كتاب «الهجوم» بأنه واحد من «الحركي» الجدد و»الأنديجان الجدد».
يضيف صاحب المقال. كما علق الإعلامي التونسي سمير الوافي على موقف «خضرا» في منشور له على حسابه على فيسبوك بالقول: «خيبة أمل أخرى وسقوط آخر في موقف الكاتب الجزائري، الذي بعد صمت طويل ومرتبك ومتردد خرج بموقف مخز يساوي فيه بين الجلاد والضحية، ويقف على الحياد بين الحق والباطل، وبين الظالم والمظلوم، بعد الطاهر بن جلون وغيره من المتخاذلين الخائفين على مصالحهم في فرنسا وعلى اعتياشهم من بيع مواقفهم ومبادئهم يلتحق ياسمينا خضرا بقائمة خيبات الأمل ويسقط من أعلى احترامنا الى قاع احتقارنا، خسارة فيه وكثير عليه أنه جزائري، حيث في صدور الجزائريين تنبض قلوب فلسطينية.
بن زيما يرفع الهامات إلى حين
بعد تضامنه مع غزة في تغريدة قوية، ها هو يوسف عطال يعتذر عن منشوره عبر «تويتر»، لكن لن تقبل فرنسا باعتذاره وستعاقبه على تمجيد حركة حماس المقاومة، والتي تضعها في قائمة الإرهاب، وهذا بعد نعته بكل الصفات، فهو حسب أحد قدماء مسيري نادي نيس، الذي فضل أن لا يفصح عن اسمه، فإنه: «جزء من هذا الجيل الذي هو في الأساس معاد للسامية بواسطة التربية. بالإضافة إلى ذلك، وبالضبط فإنه شخص لم يتلق أي نوع من التربية».
وفي مقال «لوباريزيان» أين تظهر هذه التصريحات، التي تقدم لاعب نادي نيس على أنه: «طفل فقير نشأ في جبال القبائل، وفي أحياء تيزي وزو… وسط الماعز»!
نعت اللاعب عطال بكل الأوصاف المنحطة، وما زالت ردود أفعال فرنسا «الأصولية» تملأ مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، والكل جاء ضد اللاعب الشاب.
كذلك أثارت تغريدة «بن زيما» الفرنسيين و»اتهمه وزير الداخلية «جيرالد دارمانين» بأنه من جماعة الإخوان، وقالت عنه عضو البرلمان الأوروبي «نادين مورانو» إنه متواطئ مع حماس والتهمة نفسها صرح بها عضو البرلمان الأوروبي فرانك تابيرو، كما طالبت البرلمانية الفرنسية فاليري بوايي بسحب الجنسية من كريم بن زيما.
وإثر هذا قرر بن زيما مقاضاة وزير الداخلية ونواب وبرلمانيين، بعد تهجمهم على شخصه. أبو إبراهيم أظهر تضامنه مع فلسطين وطلب الدعاء لضحايا القصف العدواني على غزة. ومحامي بن زيما يؤكد أن كريم يعمل حاليا على تقديم شكاوى ضد 4 أشخاص كبار في فرنسا».
كل هذا الغليان الرسمي الفرنسي والشعبي ضد بن زيما، بسبب تغريدته: «كامل صلواتنا لسكان غزة، ضحايا مرة أخرى للقصف غير العادل الذي لم يسلم منه لا امرأة ولا طفل»، التغريدة التي كان قد شاهدها أكثر من ثمانية ملايين، في غضون ساعتين ووصل عدد مشاهديها 14 مليون شخص. هذا هو تأثير اللاعبين الكبار الذين يمتلكون منصات إعلامية قوية فهي كفيلة بأن توصل الحقيقة لأكبر عدد ممكن من الناس، لهذا السبب يعتمد الكيان الصهيوني في حربه على غزة، إلى جانب حرب الأسلحة، على تجنيد أكبر المشاهير والمؤثرين بشتى الوسائل».
مرتضى فتيتي وإلغاء التأشيرة الفرنسية
ظهر وجه الغرب الحقيقي، الذي لن يرضى على الشرق، «حتى يتبع ملته»، ولو انسلخ العرب عن جلدتهم فما عرفوهم إلا بلعق قيمهم وتطرفهم الراكد تحت شعارات ثبت خواؤها، فقط «قنابل» تصدر للمغلوبين على أمرهم.
الفنان التونسي مرتضى فتيتي يحرم من تأشيرة «وكان قد صرح الخميس الماضي أن التأشيرة التي سلمت له من طرف سفارة فرنسا في تونس قد سحبت منه في نهاية الأمر، وهذا الرفض ناتج عن مساندته للقضية الفلسطينية، وحسب صورة التأشيرة، يظهر بوضوح أنها سلمت له بتاريخ 20 الشهر الماضي ومدة صلاحيتها ستة أشهر. والتي من المقرر أن تنتهي في 17 أبريل/نيسان المقبل. ولكن، في الأخير تم شطب التأشيرة»! وعلى إذاعة «موزاييك أف أم» ذكر «فتيتي» أنه بعد مروره على الحوار التونسي وإبداء موقفه تجاه أحداث غزة، كلمته سفارة فرنسا أن يحضر جوازه بعد تحصله على التأشيرة، لتغيير مدتها، وبعد فتح الجواز وجد تشطيب على التأشيرة، أحسست، كما قال، إن هناك اعتداء وتطاولا على مواطن وفنان تونسي، حتى لو كان السبب وجيها فإن الطريقة مهينة جدا».
لكن الفنان ظل موقفه صامدا ومتضامنا مع «غزة». وما زال في جراب فرنسا الكثير من المفاجآت، التي ستغير في تشدقها بالديمقراطية، ومن لا يرى من الغربال فليس فقط أعمى، بل هو خائن ولا يمثل سوى نفسه ويذهب أدبه وفنه ومجده إلى الجحيم، ويبقى الشعب بعفويته و»طيبته» في واد والنخب، بحساباتها وما تجنيه من فائدة، في واد سحيق آخر.
وسوم: ألعدد 1056