حملات لاستئصال الإيمان
حاول الصليبيون يوم استعمروا بلادنا في بدايات القرن العشرين أن يُبعدوا الناس عن دينهم بوسائل شتى: بتغيير المناهج التعليمية، وإرسال بعض أبنائنا إلى بلادهم في بعثات دراسية ليعودوا وقد تمثّلوا كفرهم، كلياً أو جزئياً، وباستبدال قوانين علمانية من القوانين التي كانت مستمدّة من الإسلام...
ثم وجد المستعمرون أن تكلفة بقائهم في بلادنا باهظة، فانسحبوا منها بلداً بلداً، لكنهم تركوا خلفهم وكلاء لهم يديرون شؤوننا وفق التوجيهات والأوامر التي تأتيهم من وراء البحار. وإذا حصل، بين الحين والآخر، أن حاكماً خرج عن الخط المرسوم، فلا بد من تصفيته أو الانقلاب عليه بطريقة من الطرق.
إنهم يعملون على إضعاف الإيمان في النفوس، وتزيين الباطل، وتسميم روافد الفكر والثقافة، وتشويه صورة أي زعيم أو حزب أو فصيل يدعو إلى تحكيم شريعة الله... وهم يمارسون ذلك تحت شعار تجفيف ينابيع التطرف، وكلُّ مَن يدعو إلى الحكم بكتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، في معيارهم، متطرّف!.
وحيث إن اقتلاع الأمة من دينها، دفعة واحدة، أمر مستحيل، فهُم يمارسون ذلك بسياسة التدرّج، خطوةً خطوة. وبقدر ما يتجاوب معهم وكلاؤهم تكون الخطوات بطيئة أو سريعة. وإن من أخطر السياسات التي يتبعونها في ذلك هي إفساد المناهج المدرسية والروافد الثقافية، وفتح منافذ الشهوات الجنسية ونشر الإباحية وثقافة الشذوذ التي يسمونها "مثلية"، وتمكين مَن يتبنّى هذه القيم الهابطة من تسنّم مواقع التأثير في المجتمع، بمقابل التضييق على "الرجعيين والأصوليين" الذين ما يزالون يعتزّون بإيمانهم ويدعون إليه، وتصيُّد الأخطاء التي قد يقع فيها دعاة الإسلام وتضخيمها، واختلاق أخطاء لم يقعوا فيها... حتى تسوء سمعتهم وينبذَهم المجتمع.
لقد هدمت هذه السياسات كثيراً من النفوس، وأفسدت كثيراً من العقول... لكن الحق لا يموت، بل يظهر وينتصر: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليُظهرَه على الدين كلّه ولو كَرِهَ المُشركون). {سورة الصف: 9}. فللحقّ جذور في الفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها، ولهذه الجذور عمقٌ في نفوس أبناء هذه الأمة، ولذلك تستمر المعركة بين دعاة الضلال والفساد، ومعهم أربابهم الذين يوجّهون ويمكرون... وبين دعاة الحق الذين يمثّلون الصحوة الإسلامية، ومعهم ربّهم الذي يرعاهم.. وشتّان شتّان!.
(كَتَبَ اللهُ لأغلبنَّ أنا ورُسُلي. إنّ اللهَ لقويٌّ عزيزٌ). {سورة المجادلة: 21}.
وسوم: العدد 1065