الإدارتان الأمريكية والبريطانية تستخفّان بمحكمة العدل الدولية والكيان الصهيوني يرى أن حربه في غزة لا تعنيها
انتظر العالم البارحة كشف محكمة العدل الدولية عن توصلها بفحوى ما طالبت به الكيان الصهيوني بخصوص الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة ، ولا زال يتعرض لها يوميا طوال الشهر الذي أمهلته لموافاتها بما طالبته به. وطلع علينا الإعلام بقرارها تسيلم ما أدلى به الكيان الصهيوني إلى الطرف الذي رفع ضده دعوى الإبادة الجماعية وهو جنوب إفريقيا ، شريطة أن يبقى ما أدلى به طي الكتمان . ولا ندري ما الذي حمل المحكمة على اشتراط هذه السرية ، فهل كان ذلك أمرا مسطريا أم أنه شرط اشترطه الكيان الصهيوني عليها أو اشترطته الجهات التي تدعمه ؟ ولا ندري هل ستجرؤ جنوب إفريقيا على الكشف عنه أم أنها قد خُطّ لها خطا أحمر لن تجرأ على تجاوزه وبذلك ستبقى سرية ما أدلى به الكيان الصهيوني للمحكمة أبدية ؟
وبالرغم من شرط المحكمة ، فإن الكيان الصهيوني على لسان رئيس وزرائه ، وعصابته صرحوا لوسائل الإعلام بأن المحكمة لا يعنيها موضوع الحرب الدائرة في غزة ، وهذا مؤشر على أن ما أدلى به للمحكمة، لن يكون غير هذا الذي تم التصريح به ، والذي ينطبق عليه القول المشهور " ما خفي أعظم " .
وتزامنا مع استخفاف الكيان الصهيوني بمحكمة العدل الدولية ، سارعت الإدارتان الأمريكية والبريطانية إلى التعبير عن استخفافهما الصريح بها ، الأولى على لسان وزير خارجية، الذي يباهي بكونه صهيونيا ، والثانية على لسان رئيس حكومتها الهندي، البنجابي، السيخي ، وكلمة "سيخ " تعني تابع ، وهي صفة تناسبه وتلازمه، لأنه ممن الهنود الذين ألقوا وراء ظهرهم ما فعله بهم المحتل البريطاني من فظائع ، وتعلقوا بأهدابه ، ورضوا بأن يحملوا جنسيته التي لن تلحقهم أبدا بعرقه وإن حرصوا على ذلك ، وهم خونة بتعبير الأمم التي عانت من الاحتلال الغربي ،وانضم إليه عناصر منها.
وهكذا اجتمع الثالوث الأمريكي، والبريطاني ، والصهيوني على الاستخفاف بمحكمة العدل الدولية ، وربما التحقت بهم كيانات أوروبية أخرى تصريحا أو تلميحا، حسب ما يمليه عليها اللوبي الصهيوني المتحكم في زمام أمورها .
وتزامن مع استخفاف الإدارة الأمريكية بمحكمة العدل الدولية، حدث انتحار الشاب الأمريكي الجندي الطيار في سلاح الجو أمام السفارة الصهيونية بالعاصمة واشنطن، تعبيرا عن إدانته لمشاركة بلاده في جرائم الإبادة الجماعية في غزة إلى جانب الكيان الصهيوني . ومع أن دوافع إقدامه على إضرام النار في جسده حتى الموت حسب تصريحه قد برأت ذمته ، وأرضى بذلك ضميره ، وعبر عن إنسانيته ، فإننا لا ندري هل كان مشاركا متورطا في الإبادة الجماعية ، فأنبه ضميره ، أم أنه أريد إكراهه على ذلك فرفض ، وتخلص من التورط بقتل نفسه . ولقد عزى الفلسطينيون الشرفاء أهله ، وأدانوا إدارته ، والكيان الصهيوني، وحملوهما مسؤولية انتحاره، دون أن يعرفوا هل كان متورطا في قتلهم أم لا ؟
ولئن كان هذا الطيار بريئا من المشاركة في الإبادة ، وأقدم على قتل نفسه ، فإنه قد عبر عن إرادة كل الشرفاء في الولايات المتحدة الرافضين لسياسة إدارتهم الداعمة بلا حدود للكيان الصهيوني ، والتي لا تبالي بتنامي التيار الرافض لسياستها المتصهينة ، ولتورطها في جرائم ضد الإنسانية ، ولا ندري ما هي تداعيات موت هذا الطيار في الأوساط الشعبية الأمريكية خصوصا الشباب ، فهل سيكون موته شرارة قادحة لثورة ربيع أمريكي على غرار ثورة ربيع الشعب التونسي التي قدح شرارتها الشاب التونسي البوعزيزي ؟ وهنا نعبر عن الأسف الشديد على إجهاض الغرب لثورة الربيع العربي بطريقة خبيثة أعادت الاستبداد إلى تونس كما كان من قبل أو أشد ، و بذلك ذهبت تضحية البوعزيزي هباء ، ونتمنى ألا تذهب تضحية الطيار الأمريكي هدرا أيضا ، ويجهض تيار معارضة تورط الإدارة الأمريكية في دعم مجرمي الحرب الصهاينة . ونرجو أن يمتد الاعتراض على سياستها في صفوف رفاق الطيار الهالك ، وفي صفوف باقي القوات الأمريكية التي يطوح بها في حرب قذرة ،ضحايا أبراء أطفال، ونساء، وشيوخ، ومرضى .
ونأمل أيضا أن يطال الاعتراض على دعم الكيان الصهيوني ، ومشاركته في جرائمه ضد الإنسانية كل البلاد الأوروبية ، وعلى رأسها بريطانيا الشريك الثاني له بعد الولايات المتحدة ، وأن تستمر الاحتجاجات ، وتزداد وتيرتها إلى أن تتوقف الحرب على غزة . ومعلوم أن الأنظمة الغربية في الشمال الأمريكي ، وفي أوروبا، تواجه سخطا شعبيا كبيرا ، وقد أثبت أنها ضد إرادة شعوبها التي تحرك حسها الإنساني ، وأنهاعكس ما تدعيه عبارة عن أنظمة شمولية مستبدة بالقرار الذي يفرضه ويمليه اللوبي الصهيوني المتحكم فيها ، وقد صهينها ، وأنها تتاجر بشعار الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والدفاع عن العدالة ، وعن السلام والأمن العالميين ...
وسنعود إلى موضوع الإبادة الجماعية في غزة كلما جد فيه جديد .
وسوم: العدد 1071