التكفيريون والمرض النفسي
جميل السلحوت
شاهدت قبل ثلاثة أيام على شاشة فضائية M.B.C. مقابلة مع سعودي تكفيري اسمه وليد السّناني، يقبع في أحد السجون منذ ما يزيد على ثماني عشرة سنة، ويرفض التوقيع على تعهد بعدم العودة الى ممارسة الارهاب مقابل تحريره الفوري من السجن، وكان الرجل يتكلم بهدوء وثقة وهو مطأطئ رأسه حتى خلته في البداية كفيفا، وممّا قاله في المقابلة أنّه قاتل في أفغانستان ضدّ الاحتلال السوفييتي لذلك البلد، والمذهل فيما قاله بأنه قد أنهى المرحلة الثانوية في دراسته، وأنه حافظ للقرآن الكريم، ومتزوج وله ثلاثة أبناء ذكور، وثلاث بنات، لم يرسل أيّا منهم الى المدرسة، لأن المناهج الدراسية تعلمهم العلمانية –حسب زعمه- وأنّه علّمهم أصول القراءة والكتابة بطريقته الخاصة، وقال بأن لديه ستة كتب في السجن منها المصحف الشريف والسيرة النبوية العطرة، ولا يقبل تغيير هذه الكتب لأنها تحوي العلوم كلها، وأنه يحب العزلة في السجن، حيث يقضي وقته معزولا بناء على طلبه، وأنه يرفض مقابلة ابنه السجين معه في نفس السجن، كما أنّه يكفر مفتي السعودية ويسميه"المفتري" بدل المفتي، كما يكفر المفتي السابق العلامة بن باز، وأنّه تبرأ من أقاربه الأخوال والأعمام، لأن منهم من خدم في جيش"الطواغيت". ومن أغرب ما قال أنه يؤيد قتل الأجانب العاملين في السعودية، والبلدان الاسلامية، بل إنه يؤيد قتل عرب ومسلمين في تفجيرات تستهدف الأجانب، واستشهد بذلك بفتوى لابن تيمية لا أعرف مدى صحتها. كما أنه ليس على استعداد لمحاورة علماء مسلمين معروفين لاقناعه بخطأ معتقداته.
وكان الرجل يتكلم بهدوء وثقة وخشوع تامّة، ويستشهد بآيات قرآنية يفسّرها حسب أهوائه وبما يخدم فكره. فغير المسلمين كفرة محاربتهم واجبة، والمسلمون الذين لا يفكرون مثله كفرة أيضا، وهو يبيح حتى قتل المسلمين الذين يفكرون مثله اذا كانوا متواجدين-ولو بالصدفة- قرب أجنبي مستهدف بالقتل.
وقد تمنيت لو تواجد في المقابلة نفسها طبيب نفسي ليعطي رأيه بالصحة النفسية للرجل، أم أن هذه قناعاته "الايمانية"؟ لكن المشاهد السّوي لا يمكن أن يقتنع بأن هذا الرجل سليم نفسيّا، وبالتالي يجب معالجته عند أطباء مختصين بعلم النفس. أمّا اذا كان الرجل سليما ومعافى نفسيا فاننا سنجد أنفسنا أمام فكر تكفيري يشكل اساءة كبرى للاسلام الصحيح، وللمسلمين الذين يفهمون دينهم. وأن هكذا اشخاص يشكلون خطرا على المجتمعات الاسلامية قبل غيرها.