لقيمة العليا في المنهاج الإسرائيلي: “ذبح عشرات آلاف الأطفال والنساء الفلسطينيين”

يئير فايغلر، وهو مرب إسرائيلي ومدير عام منظمة “معلمون للتغيير”، عاد من خدمة طويلة في الاحتياط. “الرمال، الزيتون، شاطئ البحر، الشجاعية، البريج، يارون، مارون الراس… المستوطنون، التل أبيبيون، المخلون من “غوش قطيف”، أخوة السلاح، رجال تعليم ورجال “هايتيك”… فصيل واحد للمدرعات”، هذا ما كتبه بشكل شاعري هذا المربي وكأنه شاب عاد من نزهة بعد الجيش وهو مسرور من المناطق التي زارها. الشجاعية؛ الوحدة. أي جيش وأي شعب لنا.

رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت، سارع إلى مشاركة أقوال رجل التعليم: “جيل أسود جاء لشعب إسرائيل. لا شك لدي بأن هؤلاء الأشخاص، المقاتلين ورجال الاحتياط، سيعودون إلى الحياة المدنية كأشخاص مثاليين أكثر وسيهتمون بالمجتمع أكثر، وهم الذين سيبنون دولة إسرائيل من جديد لخمسين سنة قادمة. لدي أمل!”، كتب بينيت. حتى لو تجاهلنا الرحمة المعدية الموجودة في القبعة المنسوجة، فثمة انزعاج من جنون الأنظمة الذي يحدث أمام أنظارنا المندهشة والعاجزة. النهار ليل والليل نهار. التطهير العرقي والقتل الجماعي مثل عليا، وجرائم الحرب تنتج مواطنين أفضل وأكثر قيمة، هذا هو الأمل لدى بينيت.

أنت تقرأ ولا تصدق. هكذا عبر المربي في إسرائيل عن خدمته الإشكالية في الاحتياط، وهكذا رد أحد زعماء اليمين المعتدل. الأمل في إيجاد بديل. لا توجد في إسرائيل 2024 بداية لمحاسبة النفس بسبب ما فعله الجيش في غزة ولبنان – تعودنا على ذلك – الآن يرفعون الجرائم والوحشية إلى درجة القيم. قريباً دروس المدنيات، هكذا يذبحون عشرات الأطفال والنساء ويحولون ذلك إلى قيمة. هكذا يدمرون البلاد ويحولون الإسرائيليين إلى مواطنين أفضل. الإبادة الجماعية كسلسلة تعليمية.

من توقع ظهور مشاعر الندم والانتقاد الذاتي وعلامات استفهام أخلاقية، يحصل على العكس. ومن توقع مجيء جيل يصاب بالصدمة مما فعله، مع كوابيس لا تتركه وصراخ أثناء النوم بسبب الأفعال الفظيعة، سيحصل على التفاخر الوطني. المثال الصهيوني الآن هو الحرب في غزة. جريمة فظيعة، هكذا ستعتبر في محكمة العدل الدولية، كل العالم صدم منها، يتم رفعها لتصبح قيمة. جيل من الأسود ظهر لدينا.

جيل الأسود هذا لا ينظر مباشرة إلى ما فعله بيديه، هو جبان. يمكن فهم هذا القمع والإنكار – بدونهما لا يمكن إدارة مثل هذه الحرب، حرب لا هدف لها ومنفلتة العقال. ولكن إسرائيل أخذت هذا الأمر إلى مكان لا يمكن تخيله. لم نتفاخر هنا ذات يوم بجرائم حرب فظيعة جداً. الضباط يتجولون بين الأنقاض في غزة أمام العدسات مثل الطاووس. لا مراسل طبياً واحداً ينقذ كرامة المهنة ويسأل عن سبب هذا التدمير وما الهدف منه، ما هي قانونيته وأخلاقيته، وعن الحق في فعله. قوافل من البؤساء تمتد فوق الرمال، أشخاص يمشون على العكازات أو على الكراسي المتحركة أو على الحمير الجائعة، مستعدون للترديد في أذن المراسل إيهود حمو كل ما يريد سماعه مقابل نقطة مياه – هو يسمي ذلك إنجازاً صحفياً، وبسبب ذلك يأتي تفاخر حمو المهني. مشكوك فيه أن التلفزيون الروسي كان سيتجرأ على بث مسرحية قبيحة كهذه من أوكرانيا. ربما الخجل هناك يمنعهم، أما هنا فلا خجل، سواء لحمو أو القناة 12 أو وسائل الإعلام أو فايغلر أو بينيت.

إسرائيل لم تفقد الخجل فقط، بل تتفاخر بأفعالها. الإسرائيليون لم يعودوا يعتبرون الحرب شراً لا بد منه، كأنه فرض علينا العيش فيه. أصبحت الحرب الآن نموذجاً قيمياً، وقصيدة تعليمية. الترانسفير في شمال القطاع والمذبحة في جنوبه باتا إرثاً وطنياً. قريباً ستأتي الألبومات والمتحف. وسيكون من الصعب التعافي من ذلك. بينيت وعد بأن جيل الأسود هذا الذي لا بوصلة له أو ضمير، سيبني الدولة في الخمسين سنة القادمة. تخيلوا: هناك ما ننتظره.

وسوم: العدد 1103