التمدد الإسرائيلي من العقبة إلى الرياض

انعقد اجتماع العقبة في 14 من ديسمبر لمناقشة التطورات في سوريا، وبلورة موقف سياسي عربي وغربي من الحدث المباغت بسقوط نظام الاسد، وفي حينها تقدم جيش الاحتلال في الاراضي السورية مسيطرا على ما مساحته 250 مربعا من الاراضي السورية.

بعد مرور ما يقارب الشهر على انعقاد مؤتمر العقبة الذي طالب بانسحاب الاحتلال الاسرائيلي، انعقد اجتماع الرياض يوم امس 12 من يناير لذات الغاية، أي مناقشة التغيرات في سوريا ودعم الشعب السوري الذي واجه طوال اسابيع غارات اسرائيلية على بنى تحتية ودفاعية دمرت مقدرات للشعب السورية.

غارات قاربت الـ 500 الامر الذي فاخر فيه قادة الاحتلال وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو باعتبارها الحملة الجوية الاكبر في تاريخ الكيان المحتل، ليتوجه نتنياهو فيما بعد إلى الاحتفاء من على اعلى قمة جبل الشيخ في زيارة قام بها في 17 من ديسمبر 2024، معلنا نيته البقاء في المنطقة الى اجل غير مسمى.

بانعقاد قمة الرياض ضاعف الاحتلال مساحة الاراضي المسيطر عليها من قمة العقبة في الجولان والغوطة السورية الغربية ودرعا وحوض اليرموك الى600 كم مربع، بما فيها سند المنطرة الذي يزود درعا وباقي سدودها بالمياه ويمنحه سيطرة شبه مطلقة على حوض اليرموك؛ فالدعوات والمناشدات والادانات للاحتلال الاسرائيلي لم تلق منه آذانًا صاغية، فهو يتعامل مع الجولان كما يتعامل مع الضفة الغربية ويتمدد جنوبا وغربا وشرقا، معتمدا على الدعم الامريكي والنوايا الطيبة، لتكريس ما أنجزه على الارض كأمر واقع، فالمناشدات المقدمة للاحتلال منذ العام 67 لم تفض الى شيء، وكذلك الاتفاقات والتفاهمات والقرارات الدولية في حين ان الانتفاضة والمقاومة منحت المنظمة سلطة في رام الله عجزت السلطة عن تطويرها الى دولة؛ لتخليها عن المقاومة فيما بعد.

انشغل الكيان الاسرائيلي بالتوسع طوال شهر كامل في سوريا تقدم وتعمق في الاراضي السورية دون اتخاذ موقف صلب من المجموعة العربية التي لا زال بعضها يعول على امكانية التطبيع والشراكة والتعاون والنوايا الطيبة مع الاحتلال الاسرائيلي، الذي مارس كل صنوف الوحشية في قطاع غزة، وتمدد وتوسع في الضفة الغربية على نحو مدمر لحياة الفلسطينين ووجودهم على ارضهم، بل يطالب العرب والمجتمع الدولي بأن يقاتل بالنيابة عنه ويتحمل كلف احتلاله واستيطانه للضفة الغربية.

السيطرة على المياه والارض والمواقع الاستراتيجية وتدمير مقدرات سورية من قبل الكيان الاسرائيلي، والابتزاز الامريكي الاوروبي للشعب السوري عبر العقوبات وعبر قوات قسد لانفصالية، يتطلب التحرك باتجاهات متعددة في الاقليم، وعدم الوقوع في فخ الغرق في تفاصيل المطالب الغربية، فالتحرك السوري يجب ان لا يقتصر على اميركا واوروبا بل ان يتجه نحو روسيا وشرقا نحو الصين وغيرها لتعويم المطالب السورية الاساسية بالوحدة والاستقرار والامن والتنمية والتحرير للاراضي المسلوبة.

ختامًا.. لا بد من التذكير ان التطبيع مع الاحتلال لم ولن يعيد شبراً من الضفة الغربية، ولم يوقف الاستيطان فيها، كما انه لم يوقف العدوان الوحشي على قطاع غزة، ولا يتوقع ان يفعل ذلك في الغوطة والقنيطرة وريف درعا وحوض اليرموك، ولا يتوقع لأمريكا وألمانيا ايضا ان تفعلا ذلك بدون قتال ومقاومة!

وسوم: العدد 1111