السلف والسلفية والسلفيون.. مقاربة توضيحية

من علمَي والأصول، أعود لأسأل هل عنوان: "السلف" اسم دال على ذات، أو على معنى!!

في المفهوم الحضاري للأقوام من عمق التاريخ يعتبر تقديس الأسلاف نهجا بشريا، متبعا، يغرق في الخرافة حتى يتحول إلى نوع من الطوطمية.

نهج قرآني يظل القرآن الكريم يؤكد على إنكاره، وهو اتباع ما كان عليه الأسلاف "الآباء"

جميل الشعار الذي ترفعه مدرستنا السنية الجميلة "السلف الصالح".. فنحن لا ندعو إلى اتباع، كل من سلف!! بل إلى السلف الصالح فقط.

وأعود إلى سؤالي التأسيسي في هذه المقاربة؛ فإذا كنا نؤمن أن سلفنا الصالح يتمثل في ذوات حية، تتمثل في أعلام علماء هذه الأمة، في مدارسهم الكبرى؛ فإن الذي أريد أن أصير إليه في هذه المقاربة أن نثبت هذا العنوان، تاجا على رؤوس ممثليه…

فليس من المعقول ولا من المقبول، ولا من الدين والرأي أن نرفع عنوان "السلفية" أو "السلف الصالح" على عماء أو خواء…

عندما يقول أحدنا للناس أنا سلفي، فينبغي عليه أن يسند سلفيته بالسند العالي عبر القرون إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كثيرا ما نجمع على استنكار منهج حدثني قلبي عن ربي!! وبالطريقة نفسها هل أستطيع أن أنكر منهج من يقول: إن المسلمين لم يصلوا صلاة النبي حتى عرفوني، ولم يصوموا صيام النبي، ولم يحجوا حجه إلا بعدما كنتُ، وكذا لم يعرفوا الله، جل الله، حق معرفته، بذاته وبأسمائه وصفاته وأفعاله حتى قرؤوا كتاب شيخي أو ابن عمي أو ابن حارتي وجارتي!!

سلفي أنا أتبع السلف الصالح عبر ما وصلنا بالسند الصالح المتواتر المتين عن محمد رسول الله عن جبريل الأمين عن رب العزة..

وهو أصدق القائلين، ثم ما رواه الرواة الموثقون من حديث الصادق المصدوق، ثم ما فهمه وقعده وقرره عبر القرون السلف الصالحون من أئمة هذا الدين، وإليكم سلفنا، متضامين متضامنين متوحدين..

صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على منهج المقرر في التلقي منهم. ثم جيل التابعين وتابعيهم من خير القرون، نؤلف بين اجتهاداتهم ولا نضارب بين أقوالهم، ثم الأئمة المجتهدون متبوعون وغير متبوعين، مع حفظة السنة ورواتها، والقائمين على تنقيتها، لا نضرب قولا بقول، ولا نصادر قولا بقول، وإنما نتبع المنهج الأقوم.. في فهم المؤتلف، وتوجيه المختلف.

ثم نمر بأئمة كانت وفاتهم في القرن الرابع الهجري فنذكر من أعيانهم: مثل الطبري المتوفى- 310 . وأبو الحسن الأشعري- 324- وأبو منصور الماتريدي- 333 وأبو اسحق الشيرازي- 360- وداود الظاهري- 397…

ومن القرن الرابع ننمذج مثل الإمام الباقلاني- 403. وأبو الحسن الماوردي- 450- وعبد الكريم القشيري- 456. والخطيب البغدادي- 461. وإمام الحرمين الجويني- 487. وابن حزم الأندلسي صاحب المحلى وطوق الحمامة- 456. والإمام السرخسي صاحب المبسوط- 483. وأبو الوليد الباجي- 474..

ونعبر إلى القرن السادس فنشير سراعا، إلى

أبو حامد الغزالي حجة الإسلام صاحب الإحياء والمستصفى والمنخول والمنقذ من الضلال وفضائح الباطنية- 505. وعبد القاهر البغدادي صاحب الفرق بين الفرق- 502. وأبو بكر بن العربي بأل التعريف، المالكي صاحب أحكام القرآن، والعواصم من القواصم- 533- والإمام ابن الجوزي- 597. والقاضي عياض المالكي صاحب كتاب الشفا بالتعريف في حقوق المصطفى- 544- والإمام المقدسي صاحب عمدة الأحكام- 600. وابن رشد الحفيد صاحب بداية المجتهد ونهاية المقتصد- 595.

ومن القرن السابع أمر ببعض قمم الجبال:

الإمام الفخر الرازي صاحب التفسير الكبير- وعصمة الأنبياء، اقرؤوه وتعلموا منه معنى العصمة، في أمر الرسالة، وهل تكون عصمة في أمر الإمامة؟؟- 606.

والإمام النووي صاحب الأربعين ورياض الصالحين والأذكار وشرح صحيح مسلم والمجموع على الفقه الشافعي، موسوعة ومفخرة، ومقدمته وحدها كتاب؛ وتوفي دون الخمسين، وآثر العلم على الزواج- 676 . والإمام البيضاوي صاحب التفسير- 685- والعز بن عبد السلام، سلطان العلماء، وبائع الملوك 660.

ومن القرن الثامن من سلفنا الصالح كثير ومنهم:

شيخ الإسلام ابن تيمية، ولنا منه فيه رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته- رفع الملام عن الأئمة الأعلام. 728. وابن دقيق العيد- 702 وابن كثير صاحب البداية والنهاية والتفسير- 774. والإمام الذهبي- 748. وابن قيم الجوزية- 751. والإمام السبكي غريم ابن تيمية ونتولاهما معا- 756.

ثم نمر إلى الإمام ابن حجر صاحب فتح الباري- 852. والإمام العيني شارح البخاري أيضا- 855. والفيروز آبادي- 817..

ونمر إلى الإمام السيوطي- 911- وغريمه السخاوي- 903.

هؤلاء هم سلفنا الصالح، وعنهم نأخذ، وبهم نقتدي، وكلهم من رسول الله مغترف.، ولا تضارب بين أقوالهم ولا نحرش بينهم.

وإذ توقفت فإنما أتوقف من كلال لا من نفاد..ولو مررت ولو استقصيت في طبقاتهم على اختصاصتهم لكانت رسالة تنال بمثلها شهادة العالمية..

وحقي عليك أيها القارئ الكريم إذا وجدتني أخطأت في حرف أو في رقم أن تحسن الظن..وإن وجدتني غفلت عن علم من أعلام هذه الأمة أن تلتمس العذر.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم.، ومن كان له سلف مثل سلفنا فليعد، وإلا فليمد..

قالوا لها: ليس بعشك فادرجي

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1123