ليل غزة الطويل
د.مصطفى يوسف اللداوي
غزة يلفها الظلام، ويسكنها الليل الطويل، فقد هدأ هدير محطة توليد الكهرباء الوحيدة فيه وسكنت، فما عادت تبعث الحياة في شئ، ولم تعد مصدر الضوء ومبعث النور، وعما قريب ستقف مولداتها الصغيرة عن العمل، ولن يبقَ في أراجئه أنوار صغيرة خافتة ومبعثرة، تتراقص كأنوار الشموع، تظهر وتختفي على استحياءٍ شديد، فإن طال الحال فإنها لا محالة ستغرق في بحرٍ لجيٍ من الظلام الدامس.
ومستشفياتها يتهددها الخطر، فأجهزتها الطبية قد تتوقف، ومولداتها الخاصة قد لا تجد وقوداً يحركها، لتسعف مرضى الكلى والقلب، وأصحاب الأزمات والمضطرين لإجراء عملياتٍ وتلقى علاجٍ، وغيرهم من الأطفال الخدج الذين يعيشون في قفازاتٍ طبية لا يصح أن تفصل عنها الكهرباء لحظةً واحدة.
أما السيارات وآليات النقل الخاصة والعامة، الصغيرة والكبيرة، فإن وقودها سيشح، ومآله إن دام الحصار إلى نفاذ، ولن يجد الغزيون وسيلةً للتنقل إلا الأقدام، أو العودة إلى الرواحل والدواب.
فهل من ثائرٍ من أجلها، وهل من أصواتٍ حرة تغضب لها، وتعمل على تخليصها من أزمتها، فتنير عتمة لياليها، وتبعث الأمل في قلوب ساكنيها، لا أطال الله ليلك يا غزة، ولا أتعب أهلك، ولا أسهد شعبك، ولا أضنى أيامك ضنكٌ وجوعٌ وحصار.