الفتنة الكبرى التي تهدد الثورة السورية العظمى

عبد الله المنصور الشافعي

عبد الله المنصور الشافعي 

بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ... مقالة منقحة وفيها بعض الزيادات  

أرسل إلي أحد الأفاضل رسالة بعنوان"موجبات الانضمام للدولة الإسلامية في العراق والشام ، اعتراضات وجوابات" لأبي الحسن الأزدي"وطلب مني الإجابة عنها ثم لم ألبث إلا قليلا حتى أرسل والله إلي آخر مقالة لما يسمى مشيخة الإسلام في الشام لماذا أكره داعش وأردف ثالث على إثره بإحصاء لمثالب داعش منذ قيامها إلى اليوم حتى صرت في حيص بيص فعزمت على كتابة هذه الأحرف خشية أن تصير الثورة كلها إلى ماصرت إليه أول وهلة .

أما بعد فإنه مما يدرك من مسلّمات الديانات والعقول أن الاتحاد من لوازم الانتصار والنزاع من لوازم الفشل والبوار -ولن أسوق الأدلة الشرعية الإسلامية لما التزمته من الاختصار ترغيبا في القراءة والانتفاع بالانذار ثم لشهرتها وتجنب التكرار- . فأنت أيها القارئ الكريم ترى إلى ما بلغني جميعا في سُوَيعة فأما ما يخص مقالة مشيخة الإسلام في بلاد الشام فهؤلاء مشيخة الشيطان واليهود وقد كتبت في التعريف بهم وبعملهم أكثر من مرة وفي شيخهم عبد الله حمد التميمي والذي زار اسرائيل وتكلم مع قناة اسرائيلية وتوعد بقطع كل علائق حماس من الشام والداعي إلى تسميم مياه سوريا! وهو يعمل لحساب فريد الغادري وما كنت لأسوق كلامه فأعمل من خلال ذكره على شهرته كما يفعل البعض وبحسن نية فليس كل ما يعرف يقال فإن لكل ساقطة في الحي لاقطة ولكني ذكرته لأنبه بذكره داعش ومهاجميها من أنصار الثورة على أمر لطيف مهم فإن هذا الفئة يعملون على ما يلي من نقاط : 1- الدعوة إلى الفتنة ومحاربة داعش والنصرة وبعض فصائل الجيش الحر بالرغم من أنهم يوافقونهم في كثير في أفعالهم كوجوب قتل النصيري وحرمة ترك قتله فورا بل ولو كان طفلا رضيعا أو امرأة .2- الدعوة التطرف وإلى إفناء وقتل كافة النصيريين والشيعة في الشام أي لبنان وسوريا بل في العالم تحت شعار كل شيعي لا تنحره فسينحرك !. 3-الدعة إلى التكفير فهم يكفرون ويخونون كل من الإخوان المسلمين والسلفيين ويتهجمون على السعودية لمساعدتها بزعمهم المتطرفين! ويدارون اسرائيل ويدعون لرفع علمها وهم موافقون للانقلاب في مصر وإن لم يجهروا بذلك . وقد وافقهم في هجومهم على داعش والنصرة الطرف الثالث وفيهم المتدين وغير المتدين والإسلامي والعلماني .

فما أريد أن أخلص إليه هو أن تلك الفئة المشبوهة والتابعة للموساد حتى أن أحد قادتهم شرفوه فخطب في الكونغرس الأمريكي وزار اسرائيل صحبة التميمي فهؤلاء يتلقون تعليماتهم قطعا من طرف خارجي خبيث إسرائيل مباشرة أو غيرها منها غير مباشرة فأقول يا أمة الشام ويا ثوار الشام ويا من يناصر ثورة الشام انظروا إلى فعل هؤلاء فخالفوه وتأملوا غايات اسرائيل من ورائه والمتجسدة في الدعوة إلى التطرف وعدم التعقل وإلى التكفير والتمزيق والفتنة والتقتيل فاجتبوه فهذا مايريده منكم العدو وأن تقتتلوا فيما بينكم ويعمل بكل جهده على شيطنة داعش اليوم والنصرة غدا فلا تكونوا مثلهم فإن لكم في ذكر طريقتهم موعظة بليغة .

 

وها أنا أقول للمرة السابعة وأدعوا الحكماء والعلماء هلموا إلى ما دعوتكم -منذ آب 2011- إليه إلى مجلس شرعي تتوافق عليه كل الفرق في الشام وتقبل به فيعمل هذا المجلس على دراسة الخلافات والإعداد للإجابة عنها ورفعها ما استطاع وقطع النزاعات بين المجاهدين والكتائب وبذل الجهد في توحيدهم ولم شملهم وتوجيههم ونَصْب قادتهم ودفع الخبث والدخيل عن الثورة وتنقيتها ووقايتها من تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين ودسائس العملاء والخائنين 

وأما الداعي إلى وجوب الانضمام إلى الدولة (داعش) فإنه يستدل على مذهبه كسائر كل الفئات الخارجة عن الجماعة بالآيات والأحاديث على أنها له ومناطها عليه ورجوعها إليه !! وقديما قال ابن أحد السلف في فئة غير مرضيّة يحتجون بالآيات على أنها لهم وهي عليهم! لذا فإني لن أعمد في الجواب عليه إلى تعقب الأغلاط والدعاوى العِلاط -السيئة المخطئة- والتي تدل على حاله المستعلية على الأقران بل المشايخ والعلماء والتي توحي إلى أن كل ماسواه ليس من أهل الايمان بله الصلاح مما يربأ عنه أهل التقوى والتواضع ممن هو مخبت لله موقر للعلماء خافض جناحه للمسلمين . ولا ما ادعاه في إمامه المزعوم من وجوب السمع له والطاعة والنصرة وحرمة الخروج والمنازعة !!! على كل أولائك لن أجيب بيد أني سأتناول أولى غايات نصب الإمام في الإسلام -بل وفي سائر الأديان والأمصار- .

ألا وهي وحدة الأمة واجتماع الكلمة للاستقرار وحماية بيضة الديار ثم الحكم بالعدل في الرعية حتى بلوغ الازدهار ولهذه الغاية أشار أمير المومنين ومحدث الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال وبلغه أن أحدهم قال: والله لو قد مات عمر بايعت فلانًا إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت...فقال عمر : "فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن وقى الله شرها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، فمن بايع رجلًا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا" . وقد كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قد نصح عمرا لما همّ أن يخطب في الناس بكلمته هذه في الحج أن يؤخر الكلام فيها فقال : " يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنًا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعوها على مواضعها" فوافقه على نظره عمر فأخر خطبته إلى أول جمعة جمعها في المدينة فقال في مطلعها :" فمن عقلها -أي مقالته- ووعاها فليحدث بها حيث انتهت راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي"....  

 فيا أيها المرء وجماعته (داعش) لا تكونوا من الغوغاء الرعاع ولا تكذبوا على عمر والإسلام واتقوا الله تعالى وتدبروا قول عمر الدقيق الحكيم فعمر قد علم كما علم عبد الرحمن أن جِماع أمر المسلمين ووحدة كلمتهم ليس في قريش فحسب ولا في خيارها وأهل السابقة فيها فقد روى البزار أن الرجل المعني بمبايعته فيما لو مات عمر هو طلحة بن عبيد الله وهو أحد العشرة وهو أهل وخليق بالإمارة ومع ذلك أهدر عمر دم من بايعه بل ودمه إن وافق ورضي لما في ذلك من شبهة تفريق الكلمة وإثارة الفتنة فإن كان طلحة الخير الفياض الشهيد السائر على الأرض لا تصح له بيعة إلا أن تكون عن مشورة من المسلمين بحيث يأمن بعد هذه المشورة الفرقة والشقاق فما ظنك ببيعة أبي فلان وأبي علان !!؟ ومن المعلوم العقلي القطعي أن انتخاب الخليفة أو الأمير أو الرئيس وإن كان قد نص العلماء على عدم لزوم اجتماع جميع أهل العقد والحل في اختياره فإنه من المقطوع به حكما لا تردد فيه أن يكون أولائك النفر الممنتخبين له بمكان يقطع النزاع فيه حتى يصير المنازع بعدهم خلافه لاغ أو لا اعتبار له لضعفه وانفراده بحيث لا تتأثر كلمة المسلمين العامة ولا تنخرم وهذا ما أراده عمر وعبد الرحمن فقد روعي هذا حتى في مثل طلحة وهو أحد العشرة وهو قرشي ، ولا يفوتك هنا أن تعلم أن مع اتساع رقعة البلاد الإسلامية يتحتم على العالم المجتهد أن ينظر في تجربة أمير المومنين علي فمن أسباب انخرام النظام في عهده عدم مراعاة هذا الذي أنا في فيه حق مراعاته (وبغض النظر عن القطع بأن عليا كان أولى الطائفتين بالحق وأن فئة معاوية كانت الباغية ولا من أن عليا بذل غاية الجهد في الصلح فلست في صدد هذا البحث بل في تقرير عظم الفتنة المترتبة على عدم اتحاد كلمة قادة المسلمين في كل النواحي والأمصار عند اختيارهم الإمام) .ونحن اليوم إن أردنا مثلا نصب خليفة لأمة الإسلام على -وجه الافتراض- ماجاز لنا أن ننصب أميرا أو رئيسا وقد أجمع عليه كافة مشايخ وعلماء وقادة وسادة الشرق العربي دون الغربي ولا العكس إن كنا فعلا أدركنا الحمكة من نصب الإمام وهو الاجتماع فلا بد من قطع كل دواعي الخلاف بالشورى بين كافة النقباء من مشارق الأرض ومغاربها تغرة الفتنة وإثارتها وهو معنى ظاهر ظهور المهاه في قوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) فهو لكافة المسلمين اليوم أو لنقبائهم في الأرض دون تخصيص بفئة تستأثر بهذا الحق وتدعيه دون سائر المسلمين وإنما أجاز العلماء ما أجازوا لأن النادر القليل لا حكم له . فأن تقوم فئة من المسلمين فتنصب أميرا من غير مشورة من المسلمين ثم تعمل على فرضه بالإكراه على بقية المسلمين فلعمر الله قد خالفت أهم حكمة في نصب الإمام وعكستها فجعلت ما وضع للضم سببا للتفريق ، ناهيك عن أن ما ذكره صاحب الكتاب من استشهاد بقول أسامة بن لادن من عدم لزوم معرفة هوية الأمير لضرورة الحرب أمر عجاب وقد قال الله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) أي تعرفونه وتعرفون نسبه فيكم فالمعرفة والمقام من دواعي الاجتماع والوئام وقد تجرأ الفساق على لوط لما لم يكن ذا ثروة أو ذروة  في قومه أي صاحب كلمة ونفوذ يجمع الناس إليه وهذا ممتنع في المجاهيل المنتقبين . فالله الله يا رجال داعش... والله الموفق.