لمصلحة من يعمل كل هؤلاء ؟
حمزة منصور*
الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وجبهة الإنقاذ الممثلة للقوى القومية واليسارية والليبرالية، وحركة تمرد التي ظهرت فجأة وسط ضجيج إعلامي هائل، والإعلام الذي عمل منذ بداية ثورة 25 يناير دون كلل على تشويه صورة الرئيس المنتخب، والجماعة التي ينتمي اليها، والسلطة التشريعية المنتخبة، والدول والاشخاص الذين سارعوا الى تأييد الانقلاب، والاجهزة والتنظيمات التي فتحت النار على الركع السجود وشرفاء مصر وحرائرها، والحكومات التي قدمت المليارات لحظة الاعلان عن الانقلاب، هؤلاء جميعا وغيرهم مدعوون للاجابة عن سؤال: لحساب من يعملون؟ وهل مصلحة الشعب المصري والامة العربية هي المحكمة لدى هؤلاء والبوصلة التي تحدد اتجاههم؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال وهي على درجة عالية من الاهمية، ليدرك هؤلاء جميعا خطورة ما يفعلون، وليعلم الذين غشى على عيونهم الاعلام الحقائق الناصعة، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بينة. قبل الاجابة عن هذا السؤال أسوق جملة حقائق وتصريحات رصدها الباحث والصحفي صالح النعامي على موقعه في 3/8/2013م:
- المستشرق الصهيوني «آفي ميدا» يقول: جهد عظيم يقوم به عسكر مصر عبر سعيهم لتغيير البيئة الثقافية بما يضعف التطرف الاسلامي.
- أمنون ابراموفيتش معلق القناة الثانية يقول: بالنسبة لنتنياهو انجاح الانقلاب على مرسي يتقدم على إحباط النووي الايراني.
- القناة العاشرة «نتنياهو طلب من أوباما الضغط على زعماء العرب لتكثيف زياراتهم لمصر».
- البروفيسور افرايم كام كبير باحثي مركز ابحاث الامن القومي في صحيفة «اسرائيل اليوم» يقول : «ان مصلحة «اسرائيل» الاستراتيجية تقتضي نجاح تحالف العسكر والليبراليين في ادارة شؤون مصر وكبح جماح الاسلاميين».
- دان حالتوس رئيس أركان الجيش الاسبق يقول:أهم نتيجة لخطوات السيسي الاخيرة إضعاف الجيش المصري على المدى البعيد، وإسدال الستار على إمكانية تطويره.
- افرايم هيلفي رئيس الموساد الاسبق يقول:»نجاح الانقلاب على مرسي سيعزز مكانة أمريكا، وهذا بدوره سيعزز مكانتنا الاقليمية.
- المستشرق «الاسرائيلي» ايال زيسير يقول: «افشال مرسي يمثل دوما مصلحة استراتيجية لنا لانه يوقف تحقيق سيناريو الرعب الذي بشر به الربيع العربي.
- وكيل الخارجية الصهيوني الاسبق آلون ليفين رئيس تحرير مجلة «سيكورمموكاد» في بحث أعده حول عزل الرئيس مرسي يقول: «انتهى حلم الديموقراطية العربية».
- أودي سيغل معلق التلفزة «الاسرائيلية» الثانية يقول : نتنياهو أكثر الناس سعادة بسقوط مرسي فقد جرح كبرياءه خلال الحملة الاخيرة على غزة.
- المفكر اليهودي دانييل بايس يشرح أسباب سعادته بالانقلاب على مرسي ويشيد بخطوة الجيش المصري.
- الاذاعة العبرية تقول: بيرس يخشى ان يوجه المصريون غضبهم الى «اسرائيل» بعد ما فضح الاعلام دور نتنياهو الكبير في دعم الانقلاب على مرسي.
- صحيفة معاريف الصهيونية تقول: الجيش طالب بإضافة 4.5 مليار دولار لموازنته بعد فوز مرسي.
- الاذاعة العبرية-المحطة الثانية تقول: نتنياهو جمد مؤقتا الاهتمام بمسألة المشروع النووي الايراني وبات أهم ما يعنيه هو الحرص على ضمان نجاح الانقلاب في مصر.
- رؤفين بيدهتسور رئيس هيئة أركان سلاح الجو «الاسرائيلي» سابقا يقول في برنامج حواري في اذاعة الجيش «الاسرائيلي» حتى في أكثر الاحلام وردية لم يكن «لاسرائيل» أن تتوقع حدوث هذه النتيجة.
- عاموس جلبوع رئيس لواء الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية سابقا يقول: يتوجب على الولايات المتحدة توظيف تأثيرها القوي على قادة الجيش المصري، واقناعهم بمواصلة القيام بنفس الدور الذي كان يقوم به العسكر في تركيا قبل قدوم أردوغان، بحيث يضمن الجيش عدم صعود الجهات المتطرفة للحكم في القاهرة ويرى ان هذه مصلحة «اسرائيلية» وأمريكية.
- في التقرير الصادر عن الاستخبارات العسكرية بشأن خلفيات الجيش الاسرائيلي «ان الحماس الاسرائيلي لانجاح الانقلاب لا يرجع للرضا الاسرائيلي من التخلص من حكم الاخوان المسلمين، بل لان الانقلاب يؤذن بالقضاء على ما وصفه التقرير بالقوة الناعمة التي كان يمكن ان يراكمها نجاح أول تجربة ديموقراطية في مصر تحت حكم الاسلاميين».
هذا الفيض من التصريحات والمعلومات ومشاعر الغبطة في الكيان الصهيوني يرجع الفضل في نشره للباحث والصحفي مصطفى النعامي، وإلى الصحفي حلمي الاسمر الذي شدني من خلال مقالة له اورد فيها بعض هذه النصوص للعودة الى الموقع الالكتروني للسيد النعامي. وقد حرصت ان أورد كل هذه النصوص ليفيق المخدوعون والمغرر بهم من سباتهم وغفلتهم، ويدركوا أية جريمة ارتكبوا حين اسهموا بالمشاركة او المباركة او الدعم او التأييد أو السكوت على الانقلاب الاخطر في تاريخ الامة العربية. فالانقلاب وفقا لهذه النصوص، لم يكن على فشل حكومة الرئيس محمد مرسي، التي لم تحكم أكثر من سنة في بيئة معادية من الجيش والامن والقضاء والاعلام والنظام السابق، ومن بعض الانظمة العربية الحريصة على افشال هذه التجربة، ولكنه كان انقلابا على الديموقراطية الوليدة، التي تشكل خطرا على الكيان الصهيوني، والمصالح الامريكية، وانظمة الفساد والاستبداد في الوطن العربي، وانقلابا على الجيش المصري الذي بدأ يتعافى ليستعيد دوره التاريخي، وانقلابا على المصالح الحقيقية للشعب الفلسطيني، الذي وجد في حكم مرسي سندا وظهيرا جرح كبرياء نتنياهو، وانقلابا على الربيع العربي الذي بشر بمستقبل عزيز وكريم للأمة.
لكل هذه الاعتبارات فقد أكد هذا العدد الكبير من الصهاينة، ممن شغلوا مواقع أمنية وسياسية وبحثية في الكيان الصهيوني أن الانقلاب كان أهم بالنسبة لتل أبيب من القضاء على البرنامج النووي الايراني، وأنه وأد الحلم العربي بالديموقراطية، وأضعف الجيش المصري، ووضع حدا لتطويره، وانه سيعزز مكانة امريكا و»اسرائيل»، وسيوقف تحقق سيناريو الرعب الذي بشر به الربيع العربي.
ومن هنا فقد استماتت حكومة تل أبيب في ممارسة الضغط على الإدارة الامريكية، والكونغرس الامريكي، وبعض العواصم الاوروبية، للعمل على انجاح الانقلاب، والعودة بمصر الى ما كانت عليه تركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية الى الحكم.
والآن وبعد أن اتضح أن الانقلاب الذي جاء محققا لآمال الصهاينة وطموحاتهم وعلى مقاسهم وبمشاركتهم ما استحق فرحا وابتهاجا غير مسبوقين لدى كبار مسؤوليهم بما حصل نقول: هل من مبرر لعربي منتم لامته بحق، وساع لعزها ومجدها، ومتطلع الى حياة حرة كريمة، والى وضع حد للصلف الصهيوني والهيمنة الامريكية أن يرحب بهذا الانقلاب، فضلا عن ان يدعمه او يشارك فيه.
إن هذه الحقائق جديرة بأن تحمل كل من اسهم بصورة مباشرة او غير مباشرة بهذا الانقلاب، او السعي لإنجاحه، ان يسأل نفسه لحساب من أنا أعمل ؟
* أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي