احذروا تقسيم سورية
د. محمد كمال الشريف
لقد وصلتني الدراسة المثبتة في نهاية هذا المقال وعنوانها {الدولة العلوية بين الحقيقة والخيال.. نظام الأسد يبدأ برسم معالم دولته الجديدة}، وهي دراسة رائعة لكنني أختلف معها بنقطة هامة، فأحببت أن أطلعكم عليها وعلى وجهة نظري المختلفة معها. لقد اعتبرت الدراسة حرص النظام منذ الأيام الأولى للثورة على تحويلها إلى صراع طائفي دليلاً على نيته إقامة الدولة العلوية. لكن لي تفسير مختلف لسعي النظام إلى تطييف الثورة منذ بدايتها.
كنت من أوائل من حذر من تحول الثورة إلى صراع طائفي تستغله إسرائيل ومن ورائها أمريكا لتحقيق حلم إسرائيل القديم وهو: تقسيم سورية ولبنان إلى دويلات طائفية متناحرة، وتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات: كردية وسنية وشيعية. حاولت إسرائيل أن تبدأ التقسيم من لبنان حيث وجدت من الموارنة تعاوناً وحرصاً على إنشاء دويلة مسيحية في بيروت، فكانت الحرب الأهلية اللبنانية التي امتدت خمسة عشرة عاماً من 1975 حتى 1989 حيث أنهاها اتفاق الطائف رسمياً لكنها استمرت بعده ربما أكثر من سنة. لم تنجح إسرائيل في مسعاها لتقسيم لبنان حيث وقف النظام السوري ومن ورائه فرنسا حائلاً دون أن تتغلب أية طائفة على غيرها. ومعروف أن الجيش السوري لم يقصر في إذاقة كل الطوائف اللبنانية من قصفه لمناطقهم دون رحمة. جاءت حرب الكويت لتعطي لفرنسا وسورية فرصة لا تعوض، فتمنعت فرنسا ومعها سورية من الانضمام إلى التحالف الدولي ضد العراق، حتى عقدوا على ما أعتقد صفقة مع أمريكا أن توقف دعمها لمشروع تقسيم لبنان مقابل انضمام سورية وفرنسا إلى التحالف، كما ضمن الأسد الأب حياد إيران حيث سافر إلى طهران وأمضى فيها عدة أيام.
لم تتخل إسرائيل عن حلمها الاستراتيجي في تقسيم المنطقة لكن تحولت جهودهم إلى العراق وقد نجحوا في تقسيمه.
جاءت الثورة السورية، ثورة حرية وكرامة، وثورة سلمية حيث يتلقى الشباب رصاص النظام بصدور عارية وأيدٍ خالية من أي سلاح. لكن النظام كان حريصاً جداً على تحويلها إلى ثورة دينية طائفية مسلحة.. كان يريدها مسلحة لن السلاح هو اللعبة الوحيدة التي يجيدها وبخاصة أن النية مبيتة لديه أن يبطش بطش جبار لا يرحم كما رأيناه يفعل بعد ذلك وإلى اليوم. السلمية أربكته وأحرجته فبدأ يفقد أنصاره في الداخل والخارج لأنه كان يواجه المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، لذا كان تسلح الثورة يرفع عنه الحرج، ويعطيه المبرر لمزيد من الوحشية، بحجة أنه يواجه عصابات مسلحة جهادية أو متآمرة ضد سورية، وبالتالي من حقه استخدام السلاح ضد الثورة المسلحة والبادىء أظلم كما يقال. بقذارته وجرائمه التي طالت النساء والأطفال والمقدسات الدينية ثم الأعراض، وبروح الاستشهاد عند شباب الثورة، تحول الصراع إلى صراع مسلح وكان للنظام ما أراد.
من جهة أخرى لم يكن مسعاه لتحويل الثورة من ثورة وطنية إلى ثورة طائفة ضد طائفة يهدف إلى إنشاء دولة علوية، إنما تحول الثورة إلى إسلامية طائفية مسلحة كان الوسيلة الوحيدة لبقاء النظام جاثماً على صدور السوريين جميعهم. عندما كانت الثورة ثورة شعب مظلوم ومهان ضد نظام مستبد ومستأثر بخيرات البلد، كان من الممكن أن ينضم إليها أبناء الأقليات كلها بما فيهم العلويون. العلويون هم جند النظام الذي حرص على إبقائهم فقراء وقليلي العلم ليبقى منتهى طموح أكثر شبابهم هو أن يصبح جندياً أو عنصر مخابرات. النظام اعتمد على العلويين في الجيش والمخابرات لا لإنه نظام ديني يريد نشر عقيدة طائفته، إنما لأنه لا يثق ولا يطمئن لغيرهم ولن يجد مخلصين له أكثر منهم بحكم أنهم عشائر تجمعها عصبية العربي لقبيلته، إضافة إلا أنهم أبناء طائفة مميزة عن غيرها بمعتقدات خاصة. النظام استخدم الطائفة العلوية واستفاد منها أكثر مما استفادت منه. وعندما بدأت الثورة كان من الممكن ان يشارك العلويون فيها لأنهم مثل باقي الطوائف يريدون ان تزدهر مناطقهم المهملة ويريدون حرية وديمقراطية حقيقية. كان الضمان الوحيد لبقاء الطائفة العلوية مع النظام تدافع عنه حتى النهاية هو ان تتحول الثورة من ثورة ضد النظام إلى ثورة ضد الطائفة العلوية، أو على الأقل أن يعتقد العلويون أن الثورة هي ضدهم كطائفة وليست ضد النظام كنظام. عندها يرتبط مصير الطائفة بمصير النظام ولا يبقى لها خيار غير الاستماتة وراءه.
إضافة إلى ضمان ولاء العلويين وعدم انقلابهم على النظام فإن تحول الثورة إلى طائفية تقوم بها جماعات سلفية جهادية كما كان النظام يزعم كذباً من أول يوم، يضمن له أن لا تنخرط الطوائف الأخرى بالثورة لأنهم يخشون من حكم إسلامي يعاملهم كمواطنين درجة ثانية، هذا إن لم يكسب النظام تأييد هذه الطوائف في صراعه مع الثورة. وهذا يفسر لنا أعمال الاستفزاز للمشاعر الدينية استفزازاً ما كان يخطر بالبال، حيث صاروا يعذبون المعتقلين حتى يقولوا: (لا إله إلا بشار) ثم يفرجون عنهم ليخبروا أهلهم وأصدقاءهم. بل سربت لقطات فيديو بشكل متعمد تظهر جنود النظام ومخابراته يجبرون الناس على قول كلمة الكفر، كل ذلك كي يستفزوا الشباب المتدين فيحمل السلاح ويعلنها جهاداً في سبيل الله، فيزداد رعب العلويين وباقي الطوائف من سقوط النظام ووقوعهم تحت سيطرة الجهاديين.
كما كسب النظام عندما تحولت الثورة إلى جهاد استقطب آلاف الشباب المسلم من خارج سورية وداخلها، وعندما بدأ الشحن ضد النظام على أساس طائفي وتكفيري، الشيء الذي صوره النظام لشيعة الشرق الأوسط بكافة فرقهم ومذاهبهم على أنه هجوم على نظام حكم من أنصار وشيعة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن دولاً معادية للشيعة والتشيع تقف وراء هذه الثورة، كسب النظام بذلك تعاطف وتأييد جميع شيعة البلاد المحيطة، وهم كثيرون ولهم قوة أكبر بكثير مما يظنه أغلب السوريين. شيعة العراق وشيعة لبنان وشيعة السعودية والخليج وشيعة إيران وشيعة تركيا، عشرات الملايين ورثوا من أسلافهم الشعور المزمن بالاضطهاد من السنة، والاعتقاد أن السنة يكرهون آل البيت ولذلك يضطهدون شيعتهم، فتقبل الجميع رواية النظام أنه ضحية مؤامرة دولية لأنه نظام ممانع في وجه إسرائيل ولأنه نظام شيعي، علماً أن العلويين السوريين يكثر بينهم الملحدون، وحتى غير الملحدين فإنهم بحسب مذهبهم، لا يصلون ولا يصومون ولا يحجون ولا يزكون ولا يبنون مساجد في مناطقهم، على عكس الشيعة في الدول المحيطة بسورية الذين يغلب عليهم التدين والالتزام. بلغ تعاطف شيعة المنطقة مع النظام أن بدأ المتطوعون منهم يقاتلون معه ويموتون في سبيله. وكذلك فتاوى آيات الله في إيران وغيرها كانت عاملاً قوي التأثير على الشيعة ليدعموا النظام.
هذا كله جعل إسقاط النظام أصعب مما ظن الثائرون، وبخاصة أن الجهات الدولية التي تدعم الثورة كانت وماتزال تدعمها بحيث تستمر ولا يستطيع النظام القضاء عليها لكن دون أن تكون قادرة على الحسم، أي بحيث تستمر دون أن تنتصر، لأن إطالة الصراع المسلح يخدم إسرائيل على المدى القريب والبعيد ويسير بالمنطقة نحو التفتيت. وهكذا تورطت الثورة السورية في صراع مسلح يغلب عليه الطابع الديني الطائفي وتحقق للنظام ما كان يسعى إليه.
كما جعل ظهور الجهاديين سواء منهم السوريون أو القادمون من بلاد أخرى وحديثهم عن دولة إسلامية في سورية يقاتلون من أجلها، جعل الكثير من القوى الدولية تفضل بقاء النظام إلى أن يتوفر بديل عنه يكون موالياً ومخلصاً لأمريكا وإسرائيل، مما سمح لحزب الله أن يدخل الحرب مع النظام دون خشية من أية ضربات إسرائيلية أو أمريكية تأتيه من الخلف وتستغل تورطه في سورية للقضاء عليه كقوة عسكرية تهدد إسرائيل.
النظام حتى الآن مايزال حريصاً على سورية كلها وبخاصة دمشق وحمص تكون له، ومايزال يقاتل لاستعادة كل المدن التي تحررت منه أو على الأقل تدميرها. المذابح التي ارتكبت في البداية كانت استفزازية للقضاء على سلمية الثورة ولجعلها طائفية مسلحة، والمذابح الأخيرة كلها انتقامية بالدرجة الأولى، وليست نوعاً من التطهير العرقي الطائفي. بالتأكيد إذا انهزم النظام فستكون الدولة العلوية ملاذه الأخير، لكن حتى الآن هو لم يصل لهذه المرحلة، والمناطق التي هجرها أهلها ليست فقط القرى والبلدات والأحياء التي يمكن أن تكون يوماً ما جزءاً من دولة علوية، بل هي كل المناطق المحررة، ولا أحد يعتقد أن دير الزور داخلة في الحلم العلوي.
أعتقد أن الخطر القريب الآن هو ما يبدو أن أمريكا تخطط له من إنشاء دويلة على حدود الأردن ودويلة على حدود تركيا كمرحلة أولى لتقسيم المنطقة. هم نَفَسُهم طويل وغير مستعجلين، طالما هم متحكمون بخيوط اللعبة جيداً. علينا أن نكون حذرين من أن تترك الدول المتورطة الثوار وحدهم أمام النظام في دمشق وحمص، ليستقر له الأمر فيهما، ويترسخ إنفصال درعا وحلب وشرق سورية، وتكون المرحلة الأولى من التقسيم قد أنجزت. إن مجرد التقصير بالدعم الذي نلاحظه هذه الأيام مع استمرار روسيا والقوى الشيعية في المنطقة في دعم النظام بكل ما يلزمه سيؤدي إلى أن يستعيد حمص وريف دمشق ومناطق أخرى قد تكون متفق عليها بين الذين يقفون وراء النظام، روسيا بالذات وإيران من خلفها وأمريكا وإسرائيل. السياسة لعبة قذرة والغربيون يمارسونها بلا أخلاق وبلا ضمير.
نعم لا تستبعدوا وجود صفقات واتفاقات على حساب وحدة أراضينا ووحدة شعبنا. ولا تستبعدوا أن يكون النظام طرفاً مباشراً فيها وأن يكون قد قدم لإسرائيل ما تشتهيه من تنازلات حتى يسمحوا له أن ينتصر على الثوار في دمشق وحمص والبقاء مسيطراً على نصف مساحة سورية، بحيث تتضمن كل مناطق الدولة العلوية إن قامت يوماً ما، ويبقى هذا المتبقي من سورية بيد النظام اسمه سورية ويتمتع بكل الاعتراف والامتيازات التي هي لسورية الآن على المستوى العربي والدولي. لا دليل عندي على هذه النقطة لكنني أعتقد أن القوى الاستعمارية التي تلعب دور المؤيد للشعب السوري وثورته يمكن أن تتصرف هكذا ودون تردد إن خدم مصالحها ومصالح إسرائيل. ما زال أمام منطقتنا العربية الكثير من الجهد والعمل لنصل إلى مرحلة الاستقلال الحقيقي عن أمريكا وأوربا.
كانت سورية حتى الحرب العالمية الأولى تضم ما يعرف حالياً باسم سورية ولبنان والأردن وفلسطين وما كان يسمى لواء اسكندرون، وبموجب اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا تم فصل الأردن وفلسطين عن باقي سورة واحتلتهما بريطانيا، بينما احتلت فرنسا ما تبقى من سورية. كان اقتطاع الأردن وفلسطين أول عملية تقسيم لسورية. ثم احتل الفرنسيون سوريا عام 1920 حيث رحب بهم الموارنة اللبنانيون على أنهم محررون لهم من استعمار اسلامي امتد ثلاثة عشرة قرناً، بينما قاوم باقي السوريين الاحتلال الفرنسي بكل ما استطاعوا. وما أن احتلت فرنسا المتبقي من سورية بعد تقسيمها واقتسامها مع بريطانيا، حتى قامت بتقسيم هذا الجزء الذي بقي اسمه سورية إلى ست دويلات على أساس طائفي. أصبح للموارنة دولة وأعطوا إضافة لمناطقهم في جبل لبنان مناطق واسعة حوله بحيث صار يسمى جبل لبنان الكبير ودويلتهم دولة لبنان الكبير. كانت الميول الانفصالية لدى الموارنة موجودة من قبل ذلك بقرنين على الأقل. لكن باقي طوائف السوريين من سنة ودروز وعلويين رفضوا التقسيم بشدة وناضلوا حتى ألغي بشكل تام عام 1937 لكن مع بقاء دولة لبنان منفصلة لتصبح دولة مستقلة يسيطر فيها الموارنة رغم أنهم لم يكونوا أكثرية السكان فيها. وهكذا تمت المرحلة الثانية من تقسيم سورية. تلاها بعد سنتين فصل لواء اسكندرون عن سوريا لا ليشكل دولة مستقلة بل ليتم ضمه إلى تركيا. ثم بإعطاء فلسطين لليهود وقيام دولة إسرائيل تمت المرحلة الثالثة من تقسيم سورية. إذن مابين عام 1920 وحتى 1948 تم تقسيم دولة سوريا التي تسمى بلاد الشام إلى أربع دول إضافة إلى لواء اسكندرون الذي أعطي لتركيا. وما تزال لدى القوى الاستعمارية وعلى رأسها إسرائيل رغبة قوية في تقسيم ما يسمى سورية ولبنان الآن إلى عدة دويلات طائفية تكون بعضها لبعض عدو وتكون إسرائيل في المنطقة هي الأخ الأكبر الذي يوفق بينهم إن شاء.
لو تحقق حلم إسرائيل بتقسيم سورية ولبنان فسيبقى الجولان معها إلى الأبد، ولن تبقى هنالك دولة يحق لها أن تطالب به على أنه جزء محتل من أرضها.. وهذا كسب عظيم جداً لإسرائيل يدركه كل من يعرف قيمة الجولان لها من الناحية العسكرية والاقتصادية. لذلك علينا أن لا نستهين بخطر أن يقسمونا من جديد لأنه لهم في ذلك مصلحة كبرى، وعلينا الانتباه إلى مخططاتهم وإلى ما يقومون به من خطوات قد تبدو في الظاهر مناصرة ودعماً للشعب السوري في معركته مع الاستبداد لكنها في الحقيقة ترسخ انفصال أجزاء من وطننا لتصبح بعد سنين تطول أو تقصر دويلات مستقلة، تماماً كما كان فرض الحظر الجوي على جنوب العراق وشماله منذ 1991 وحتى الغزو الأمريكي للعراق عاملاً قوياً في ترسيخ انقسام العراق الذي نشهد هذه الأيام عملية تحويله إلى واقع معلن عنه.
أغلب العلويين نزعتهم قومية وضد أي تقسيم للوطن العربي، لذا علينا أن لا ننشغل بخطر إقامة الدولة العلوية الذي نتصوره كخطر قريب عن ما يخطط له من فصل مناطق غيرها عن سورية وتأجيل تقسيم المتبقي منها بضع سنين بما في ذلك إنشاء دولة علوية. خطر الدولة العلوية قائم لكن خطر سلخ المناطق المحررة الآن من سورية وتقسيمها ربما إلى أربع دويلات هي: درعا وما حولها، وحلب وما حولها، ودير الزور وما حولها من مناطق عربية، والرابعة القامشلي وما حولها من مناطق كردية، خطر أولى بالتدارك في هذه المرحلة وقد نكون غافلين عنه ومنشغلين بخطر الدولة العلوية.
لا تسألوني ما العمل لتجنب هذه الهجمة التقسيمية التي تتعرض لها سورية الآن.. يكفي إدراككم لهذا الخطر وإدراككم أن التقسيم ليس في مصلحة أية طائفة أو قومية لتعرفوا ما يجب فعله للحفاظ على سورية موحدة. جاء في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأتين من بني إسرائيل كل واحدة منهما معها طفلها الرضيع، فغفلت الكبرى منهما عن رضيعها فأكله الذئب. فسطت على ابن الصغرى مدعية أن الذئب إنما أكل ابن الصغرى وأن هذا المتبقي هو ابنها، وتحاكمتا إلى داود عليه السلام، وكانت الكبرى على ما يبدو ألحن في حجتها من الصغرى وأقدر على المجادلة، فظن داود أن الطفل المتبقي هو فعلاً ابن الكبرى وحكم لها به. لكنهما صادفتا سليمان بن داود عليهما السلام وكان حكيماً رغم صغر سنه وقصتا عليه قصتهما. لم يكن سهلاً على سليمان أن يعرف لمن الطفل ألصغرى أم للكبرى وبخاصة أنه لم يكن في عصره تحليل البصمة الوراثية ومعرفة النسب بواسطتها. حكمته هدته لتصرف ذكي جداً يعرف بواسطته من هي أم الرضيع. أخذ سليمان الرضيع وأوهمهما أنه سيقسم الطفل نصفين تأخذ كل واحدة منهما نصفاً وتنحل المشكلة. ما كان سليمان ليفعل ذلك حقاً، لكن أم الطفل التي خشيت أن ينفذ ابن الملك حكمه، قالت على الفور: "لا تفعل يرحمك الله.. هو ابنها". لقد تنازلت عنه لتُبقي على حياته، فعرف الحكيم أنها هي أمه وحكم به لها. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئبُ فذهب بابنِ إحداهما، فقالت لصاحبتِها: إنما ذهب بابنِك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنِك، فتحاكمتا إلى داودَ عليه السلام فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمانَ بنِ داودَ عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكينِ أشقه بينهما، فقالتِ الصغرى: لا تفعلْ يرحمُك اللهُ هو ابنُها، فقضى به للصغرى.} (رواه البخاري في صحيحه). هذه القصة تعلمنا كيف نفكر لنحافظ على سورية موحدة.