الإرهاب الإسلامي... حتى البلشفة
الإرهاب الإسلامي... حتى البلشفة
د. سماح هدايا
الإرهاب الإسلامي... وتبدع الأقلام في توصيف إرهاب عقليتنا الإسلامية... وثورتنا ثورة إرهاب أسلامي,,,,وفي مصر يحكم الإرهاب الإسلامي. وفي ليبيا يتوحش الإرهاب الإسلامي. وفي تونس تندلع الحروب باسم الإرهاب الإسلامي....وفي سوريا يحطم الإرهاب الإسلامي دويلة سوريا العلمانية.....الإرهاب الإسلامي...والإرهاب الإسلامي.... وحرب ضد الإنسانية والبشريّة والنور والديمقراطية....وخصوصا إرهاب السنة المجرمين المنغلقين التكفيريين الظلاميين أكلة أكباد البشر...
هذا هو الخطاب ومسار الإعلام ومدار الألسن من كل الكلام....ويلتقطون جرائم هنا وهناك..منها المفتعل. ومنها الواقع والقبيح والبشع. ومنها المجزوء عن سياقه. ومنها الطبيعي الناجم عن ردة فعل في مواجهة إرهاب الحاكم وسيافيه وعصاباته المجرمة المخمورة بالانحلال من ضوابط الأخلاق والقيم والمبادىء. ومنها ، ايضا، حكايات وخرافات وموروثات جاهلية. ومنها المرتبط بحالة ضعف الأمّة وجهلها نتيجة الاستبداد. ومنها، وهو كثير، طبخات وتشكيلات في بيوت الاستخبارات العالمية التي تصول وتجول في بلادنا بفعل أنظمة الفساد المستبدة العميلة، وبفعل الفوضى الشديدة الحاصلة نتييجة الثورات والانتفاضات الشعبية العارمة وبفعل غياب المرجعيات الناظمة للسلطة، تتحرك وتلعب بالدماء لكي تحمي شبكة مصالحها وهيمنتها. أما الحق التاريخي وثورة المقهورين والمظلومين والمقموعين وحتميّة التغيير والنهضة... ومايفرضه من استحقاق دموي وصراع أهلي وطبقي وعقيدي واجتماعي وسياسي؛ فهي بعيدة عن التداول وعن التحليل والتأطير..
غباء شديد إصرارنا على امتهان تجارب الشعب وانتفاضاته وثوراته وتصغيره وتضخيم أخطائه كأنها حالات استثنائية ناجمة عن ظلامية الإسلام.... وخيانة للدماء والضحايا والثوار، وقصور في قراءة التاريخ أن نظل على هذا المنوال ننسج إعلامنا وخطابنا. ..ومن الظلم لأنفسنا وأمتنا ألا تقرأ التاريخ لنفهم طبيعة التغيير والانقلابات التاريخيّة..حتى التاريخ فيه حقائق ودروس وعبر وتجارب. ليس التاريخ كله مزيفا ومرزوا. هناك حقائق موثقة..لا يكفي أن تحصل على شهادة من الجامعة لكي تكون صاحب معرفة. ولا يكفي أن تقرأ كتب الماركسة ومناهج العلمانية وأصول الفقه لتكون صاحب معرفة. ولا يكفي أن تتابع وسائل الإعلام التي تغسل الدماغ، لكي تصير بصيرا بما يدور. الحياة تحتاج لموقف ورأي وهما لا يحصلان من دون قراءة التاريخ وتأمّل تجارب البشر وتفقه القوانين. ليس هناك حياد مطلق في الحياة. وليس هناك فضيلة مطلقة. وليس هناك ثورة ملائكية. وليس هناك أمة لم تتحرر من دون دماء. وفي التاريخ مجال للتفسير والتأويل والتدوير.
الثورة البلشفية التي غيرت خارطة أوروبا سياسيا وعقائديا واجتماعيا واقتصاديا والتي يتغنى بها كثيرنا وكثير العالم ويسترشد بها...كيف قامت؟؟؟؟ووماذا فعلت؟؟؟.....الحرب الروسية الأهلية بين الجندي الأحمر والجندي الأبيض(المعنى العقيدي الأيديولوجي) ، راح ضحيتها ملايين من القتلى والجرحى والمشردين. وعلى يد قوات عسكريّة عقائديّة تم تنفيذ ما يقدر بحوالي 250 ألف من الإعدام بلا محاكمة ل " أعداء الشعب....وقد قتل الملايين من المجاعة، والمذابح التي وقعت بالجملة من كلا الجانبين، الحقد على اليهود من قبل الجندي الأبيض(الحرس) تركهم يقتلون مائة ألف يهودي في أوكرانيا، مئات الآلاف من الروس البيض هاجروا خوفا من العقاب والملاحقة والتطهير السياسي من الجندي الأحمر(الحرس)...وإجراءات قمعية بحق الفئات الغنية للتخلّص من قوة نفوذها الاجتماعي....وممارسات قمعية شديدة للحيلولة دون اي محاولت للإطاحة بالثورة .وبتكوين لجان قمعيّة خاصة لمكافحة الثورة المضادّة، خصوصا في الفئات المثقفة والغنية ورجال الدين.....ثم إطاحات بحكومات وصراع بين الرفاق وإقصاء وقتل..واتهامات بالاستيلاء على الثورة....وكثير كثير بالإضافة إلى مجاعات وتشرد اطفال ونساء وجفاف وانهيار اقتصادي.....وتحوّلت الثورة إلى دولة وسلطة. ودخلت حروبا مع الدول التي كانت تتدخل في رسم سياسات بلدها.... وقامت إمبراطورية كبيرة باسم الاتحاد السوفيتي...
ومن دون خوض في كثير من تفاصيل الأعمال الوحشية التي تم ارتكابها من طرفين متقاتلين في روسيا وأطراف متقاتلة أخرى، خصوصا فيما بعد انتصار الثورة البلشفيّة؛ فإن الحرب الأهلية الروسية هي برأي كثيرين، كتابة الفصل الأخير من الثورة الروسية، وقد تميّزت بالشراسة والوحشية الشديدة خصوصا ضد المدنيين مما أدي بحياة ما يقرب من ثلاثة عشر مليون نسمة وتهجير ما يقرب من مليون نسمة هجرة شبه دائمة. ... فأين نضع هذا الخراب والتدمير والقتل والصراع الدموي والإقصاء والاستحواذ الشمولي المخيف ؟ هل نضعه في بقعة الإرهاب الإسلامي؟؟؟؟ ..ليتنا نستطيع ان نحكم بموضوعية على إرهابنا الإسلامي . وليتنا ندرك جيدا عمق مشروعيّة ثورتنا الربيعية وطليعتها الصدامية...في الصراع بين الحياة والموت..وما يتعربش عليه من زواحف وطفيليّات. لابد من فقه طبيعة الثورات وتجارب الأمم قبل التنطّح للهجوم والتحقير والاستخفاف.