هجرة الأستاذة الجامعيين
هجرة الأستاذة الجامعيين ناقوس
يدق على باب تردي مستويات الخريج !!!
سليمان عبد الله حمد
ضمتني جلسة مع بعض أساتذة الجامعات السودانية، وتطرقنا للحديث بشكل عام عن تزايد هجرة السودانيين للخارج في الفترة الأخيرة، وخاصة أساتذة الجامعات، وبعد ذلك تركز الحديث عن أسباب هجرة الأساتذة الجامعيين وأثر ذلك في مسار التعليم الجامعي، وقبل أن نتطرق لهذا الأثر ورؤية هؤلاء الأساتذة لهذه الآثار روى عدد منهم بعض المواقف المضحكة المبكية عن هجرة الأساتذة فمن بعض هذه الروايات أن عددًا من الأستاذة في إحدى الجامعات يلجأون إلى أحد العاملين في الجامعة كل خميس ليقرضهم بعض المال لمواجهة الصرف الأسبوعي على الأسرة والبيت وهو يقرضهم بأريحية لأنه يشعر بفخر كونه يقرض أساتذة جامعيين ويروي أحدهم أنه اشترى ركشة بعد أن اقترض مالاً من أحد أقاربه ويعمل بها في الفترة المسائية متنكرًا بلبس زي بلدي ونضارة، وكثير من مثل هذه الروايات، يقول لي أحد أساتاذة الجامعات وكان مهاجرًا لاكثر من ربع قرن وعاد عودة نهائية طوعية ويعمل في إحدى الجامعات بأنه بات يفكر مليًا في الرجوع مرة أخرى للاغتراب، وقال أحدهم بأن بعض زملائهم ممن تقاعدوا عاد للعمل مرة أخرى بالهجرة لإحدى الدول العربية، وتحدث هؤلاء الأساتذة عن الأسباب التي تدفعهم للهجرة فكان الاتفاق على أن ما يتقاضونه من مرتبات لا يكفيهم ولا يغطي «10%» من احتياجاتهم والتزاماتهم تجاه الأسرة والأبناء، ويتحدث البعض عن النقص الكبير في المعدات والأدوات اللازمة في المعامل إضافة إلى فقر المكتبات من المراجع المهمة، كما يتحدث البعض عن المنهج التعليمي في بعض الجامعات وعدم مواكبته للتطور في العالم إضافة إلى ضعف قدرات الطلاب خاصة في اللغات سواء كانت العربية أو الإنجليزية.
فمن الأسباب التي جعلت وتجعل الكثيرين يهاجرون إلى خارج الوطن ، وفي هذه الأسطر نسلط الضوء على الآثار المترتبة على هذه الهجرة، ومن أول آثار هذه الهجرة هي النقص الحاد في الكوادر واللجوء إلى الاستعانة بأساتذة من خارج الوطن مما يكلف الدولة أموالاً باهظة بالعملة الأجنبية، إضافة إلى أن هؤلاء الأساتذة لن يستطيعوا التلاؤم مع المجتمع السوداني بسهوله مما يؤثر على أدائهم، وكذلك من الآثار المترتبة على هذه الهجرة تدني المستوى التعليمي الجامعي للطلاب، وهذا التدني يؤدي للتأثير على أداء الخريجين عند التحاقهم بالعمل في شتى المجالات، خاصة في ظل غياب التدريب المستمر للخريجين سواء كان داخل أو خارج الوطن، وتدني المستوى التعليمي الجامعي دفع ببعض أولياء الأمور المقتدرين إلى إرسال أبنائهم إلى خارج الوطن من أجل نيل الشهادات المختلفة من دبلومات أو كورسات خاصة في اللغة الإنجليزية أو شهادات الماجستير، ولكل ذلك فإن الحريصين من هؤلاء الأساتذة يدقون ناقوس الخطر فالأمر لا يتعلق بفتح المزيد من الجامعات أو الكليات الجامعية ولكن يتعلق بالعملية التعليمية بكاملها، والحل قيام مؤتمر جامع يناقش كل هذه الأمور ووضع توصيات عملية والبدء في تنفيذها مهما كلف الأمر؛ لأن التعليم الجامعي هو مربط الفرس في التطوّر والنماء للوطن، ودونكم بلدان النمور الآسيوية (اليابان وماليزيا وسنغافورة) كل هذه البلدان لم تتطوَّر وتتقدَّم إلا بفضل التعليم العام والجامعي بصفة خاصة، وعلى ذلك فإن الأستاذ الجامعي هو ثروة قومية يجب المحافظة عليها والأستاذ الجامعي مشهود له بالكفاءة ولذلك فلا تخلو في العالم جامعة من الأساتذة السودانيين سواء كانت الجامعات في أوربا أو أمريكا أو أستراليا أو آسيا أو إفريقيا، ويجب على الدولة أن تراعي هذا الأمر وتوليه اهتمامها وحرصها.
فإن بذره النجاح في أي مجال من مجالات الحياة تبدأ بخطوة ثم تتوالى النجاحات على الرغم من وجود بعض الهنات هنا وهناك فنحن لا نشد الكمال ولكن نكون على عتبة النهوض بالوطن في ظل هذه الاطروحات التى تقدم حلول متأنية ذات مدلولات تقود إلى المحافظة على المتبقي من أستاذة الجامعيين فهم بلاشك ممن يحملون هم الوطن والطالب بهدف النهوض بالوطن والخريج على حد سواء ..!!!