هل تفعلها مصر ودول الخليج؟
هل تفعلها مصر ودول الخليج؟
علي سعادة
ينشغل جزء
غير يسير من الإعلام الخليجي بمعركة إعلامية ضخمة هدفها «إسقاط» الرئيس المصري محمد مرسي، فيما
تبدو جميع أجهزة هذه الدول موظفة ومنشغلة في محاربة السياسي الإسلامي في شتى بقاع
الوطن العربي.
في مواجهة هذا المشهد، تحكم إيران
سيطرتها على مجمل الحياة السياسية والاقتصادية في العراق، وجزئيا في لبنان، وتلعب
دورا عسكريا ولوجستيا خطيرا ومؤثرا في سوريا عبر بوابة القصير وغيرها.
الأولويات لدى بعض الحكومات الخليجية
معكوسة، ففيما يُتوقع منها التركيز على الجبهات التي تفتحها أو تسيطر عليها إيران
-الدولة القوية المنافسة لها في السيطرة على منطقة الخليج- تلجأ تلك الدول إلى خوض
معارك وهمية و»دون كيشوتية» لا طائل من ورائها، سوى اللهم إعادة إنتاج ركيك
ومستهلك للمعارك الإعلامية التي سبق أن شهدها الوطن العربي في فترة الخمسينيات
والستينيات من القرن الماضي.
إن تحويل مصر والإسلامي السياسي
والإخوان المسلمين إلى العدو الأول من بعض الحكومات الخليجية، هو إضعاف بكل تأكيد
للجبهة الخليجية العربية الموحدة في مواجهة إيران وتطلعاتها في إحكام قبضتها على
المنطقة، وهو دون أدنى شك يخدم مصالح جميع القوى التي تريد الانقضاض على ما تبقى
من الأمة، وفي مقدمة هذه القوى «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية.
لقد استنزف عَداء بعض الحكومات
الخليجية لنظام الرئيس محمد مرسي جهد ووقت وأموال بعض الدول الخليجية، لا لشيء
وإنما فقط من أجل إرضاء عيون الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وفلوله، وفي مقدمتهم
أحمد شفيق.
فهل يستحق أحمد شفيق ورئيس مخلوع يمضي
أيامه الأخيرة في المعتقل، وفلول يتبعها بضعة مئات خسارة مصر مثلا، ثم خسارة أمن
الخليج واستقراره، وخسارة العراق وسوريا ولبنان.
إن المطلوب خليجياً ومصرياً البدء في
مرحلة جديدة من التعاون والتفاهم على كيفية ترميم العلاقات العربية العربية،
وكيفية إنقاذ ما تبقى من سوريا والعراق وإعادتهما إلى الأسرة العربية من جديد،
ومنع أي قوى تحاول الاستفراد بأي بلد عربي؛ وبالتالي التدخل في شؤونه.
لن يتغير شيء من حالنا إذا لم يعِ
الجميع أن أمن واستقرار أي بلد عربي هو أمن واستقرار لباقي البلدان العربية،
وتمزيق أي بلد عربي يعني بالتأكيد انتقال الفوضى والخراب إلى باقي الدول العربية.
لا يجوز أبداً أن نترك الغرفة
المجاورة لنا تحترق؛ بحجة أن الأمر لا يعنينا! لأنه آجلاً أو عاجلا فإن النار ستصل
إلينا، وستأكل معها الأخضر واليابس.
وما يقال هنا ليس كلاماً عاطفياً
وسطحياً، لأنني أدرك أن حجم الخلاف قد كبر؛ نتيجة تدخل جهات عديدة في اللعبة
السياسية الثانية العربية العربية، لكن حجم التحدي الذي يواجه دول الخليج العربي
ومصر، يدفعها رغماً عنها إلى البحث عن المشترك والمتشابه، ونبذ وإقصاء كل ما من
شأنه إضعاف الصف العربي، أو تمزيق وحدته.
الوقت لم يفت بعد، وما يحدث في سوريا
يفرض على أي عاقل الانتباه إلى المعركة الأساسية، فالندم على الأشياء التي لم
نفعلها مؤلم أكثر من الندم على الأشياء التي فعلناها.