تورُّط مليشيا حزب الله في المستنقع السوري
تورُّط مليشيا حزب الله في المستنقع السوري
بين الإثبات، و الإنكار
محمد عبد الرازق
في الوقت الذي تضافرت فيه القرائن، و الأدلّة على تورّط ميليشيا حزب الله اللبناني في المستنقع السوري، و بأوامر إيرانية مباشرة؛ في محاولة منها لوقف تقهقر قوات حليفها في دمشق، من خلال تشتيت جهود المعارضة على أكثر من جبهة، تأتي تصريحات وزير الخارجية تصريف الأعمال اللبناني ، لتنفي هذا الأمر جملة، و تفصيلاً.
و لا ندري مَنْ سيصغي إلى هذا التصريح الذي أقلّ ما يُقال بحقه: إنّه يمثِّل استخفافًا بعقل المتابع للحدث السوري من لدُن الوزير عدنان منصور، الذي تُشير أصابع الاتهام أيضًا إلى تورّط مجموعات مسلحة محدودة من حركة أمل التي يمثِّلها في الحكومة اللبنانية، إلى جانب نظرائهم من ميليشيا حزب الله في مناطق القصير بريف حمص، مدعومة بغطاء جويّ، و مدفعي من كتائب الأسد.
إنّ الحديث عن تورّط هذه الميليشيات اللبنانية المسلحة في الحدث السوري، لم يأتِ من لدن المعارضة السورية، التي وثّقت ذلك من خلال أدلّة مادية محسوسة فحسب، بل كان أيضًا من مصادر لبنانية، منها ما هو وثيق الصلة بتركيبة حزب الله، و نعني بذلك ( الشيخ صبحي الطفيلي: الأمين العام السابق لهذا الحزب )، أو من جهات أخرى معنيّة بالحدث السوري، و هو ( الشيخ داعي الإسلام الشهّال: مؤسس التيار السلفي في لبنان ).
فلقد أظهر شريط فيديو بثّه المركز الإعلامي في القصير التابع للجيش السوري الحر، يوم الإربعاء: 24/ نيسان/ 2013م، بطاقة هوية مدنية لبنانية، و أخرى حزبية صادرة من حزب الله، لأحد عناصر ( حزب الله )، و يدعى ( محمد حسن المقداد )، و يظهر على بطاقة الهوية أنّه من بلدة مقنة البقاعية، في سيارته التي سيطرت عليها كتيبة ( عبد الله شمس الدين ) التابعة للجيش الحر في منطقة القصير.
و أكّد أحد القادة الميدانيين في تلك الكتيبة، أنّ كمينًا نُصِب لعناصر من ( حزب الله ) في منطقة تمَّ التحفظ على تحديدها لأسباب أمنية؛ أدّى إلى إصابة ( المقداد )، مشيرًا إلى ( أنّ مقاتلي الجيش الحر تمكّنوا من نصب كمين لسيارة بيك أب كان يقودها المدعو محمد المقداد بنفسه حينها، فأطلقوا النار عليها وأصابوا السائق المرافق، الذي لاذ بالفرار، و بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي الحزب قامت تلك العناصر بسحب ( المقداد ) من الميدان، فيما حصلوا هم على غنائم هي عبارة عن آليّة عسكرية، و أسلحة، و وثائق لم يكشف عنها حاليًّا؛ بانتظار الكشف عنها في وقت آخر ).
(( رابط الفيديو الذي يظهر سيارة المقداد، و أوراقه الثبوتية في أيدي الجيش الحر ))
ثمّ بعد ذلك يأتي الحديث، الذي كشف فيه الأمين العام السابق لـحزب الله ( الشيخ صبحي الطفيلي عن ) سقوط ( 138) قتيلاً لـحزب الله في سورية، فضلاً على عشرات الجرحى، مؤكّدًا على أنّ بعض القيادات في الحزب يعارضون هذا التوجّه للانخراط في هذه الحرب، و بقوّة. إلاَّ أنّ هناك قرارًا إيرانيًّا قد اِتُّخذ لمشاركة عناصر الحزب فيها، و ليس بمقدور قيادته سوى الرضوخ، و الاستجابة.
و هذه فتنة بين المسلمين ـ حسب قوله الذي يرى فيه أنّ ( كلّ الدعوات الجهادية فتنة سواءً أكانت من قبل الشيعة، أو السنة. و هو أمر يؤدّي بنا إلى الدمار جميعًا، و ينفّذ الأجندة الإسرائيلية الأميركية، والقتال في سورية ليس سوى مصلحة إسرائيلية، ولا يفعله إلا من كان مع إسرائيل ).
وقال في حديثه إلى قناة المستقبل اللبنانية يوم الثلاثاء: 23/ نيسان/ 2013م: ( هناك دعايات تساق عن عمد، و هناك مقولات تنشر عن عمد؛ للتضليل، و للإيحاء بين الناس مثلاً أن كربلاء هي سورية، و أنّ على الشيعة إذا أرادوا أن يكونوا أنصارًا للحسين أن يذهبوا إليها ).
مذكرًا بـأنّ ( في سورية أطفالاً تقتل، و أعراضًا تنهتك، و مدنًا تُمحى، و فيها طائرات تُحرق، و مدافع تسحق المسلمين والأطفال والنساء ).
و رأى أنّ ( الشعب السوري المظلوم البريء هو كربلاء، و هم حقيقة يمثّلون اليوم أبناء الحسين، و زينب المقهورة، و يمثّلون اليوم تلك الأسرة الطاهرة التي اعتدى عليها الظالم ).
وذكر أنّ ( إيران هي التي دفعت ببعض الشيعة، و حزب الله في كثير من الأحيان إلى حروب غير واقعية، و غير منطقية، و غير شرعية في لبنان، و خارجه، من أهمّها ما يجري في سورية ).
و حسب معلوماته الأكيدة ( أنّ الأكثرية الساحقة من عناصر حزب الله ضدّ هذه الحرب و بقوّة، لكن هناك قراراً حاسماً أتى من إيران بالمشاركة؛ لأنّ الجميع يدرك أنّ هذا الأمر خطر جدًا، لأنّ هذه فتنة بين المسلمين لا تبقي، و لا تذر، و هي بداية لمرحلة قادمة ).
وتوجّه إلى الشيعة بالقول: ( إنّنا ذاهبون إلى معركة رهيبة تقضي على كلّ شيء، و قتلاها بالملايين من المسلمين، و إنّ دخول حزب الله إلى سورية، و المشاركة إلى جانب البعثيين العفلقيين في قتل الشعب السوري؛ سيستدعي، و يستثير كلّ المسلمين في كلّ العالم للمجيء إلى سورية. هذا أمر جنوني).
وتساءل: ( هل أنقذنا فلسطين، و حرّرنا القدس حتى نذهب إلى القصير؟ الأموال التي تنفق على الحرب تكفي لإيواء عشرات أمثال من تقولون إنّكم تقومون بحمايتهم سواء في أرضهم، أو خارجها. إذا انسحب حزب الله فأنا متأكّد من أن المعارضة ستتكفل أن يكون الشيعة في سورية في سِلْمٍ، وأمان، و سيجلس الطرفان على طاولة، و يتمّ توقيع تعهّدات في هذا المجال ).
وعمّا إذا كان هناك فتوى للجهاد في سورية، أجاب: ( لا توجد فتوى. لكن أتوجّه إلى المرجعيات في النجف، و أتوجّه إلى المرجعيات في لبنان التي لديها دين، و التي لا تباع، و لا تشترى؛ قولوا الحقيقة: هل يجوز للمسلم اللبناني الشيعي أن يذهب ليقف مع بشار الأسد، و يقاتل المسلمين في كلّ المواقع؛ لأنّ حزب الله لا يقاتل في القصير، بل يقاتل في كلّ المواقع القتالية في سورية. حزب الله لا يدافع عن الشيعة في القصير، حزب الله يقاتل، و يدافع عن النظام في سورية، و هو لا يدافع عن السيدة زينب، و لا يهمّه مسألة السيدة زينب هذه، هي مسائل فقط لخداع الناس. هل السيدة زينب في خطر لكي نحميها؟ الموضوع ليس هنا، فلا نكذب على بعضنا، و لا نخادع بعضنا ).
(( رابط فيديو مقابلة الشيخ صبحي الطفيلي في قناة المستقبل اللبنانية ))
هذا، و تشير مصادر مطلعة إلى قيام حزب الله بتشيع قتلاه بصورة علنية هذه الأيام، بعد أن كان يتمّ ذلك من قبل بصورة شبه سرية، و أنّ الحزب يقوم بتعويض أهالي القتلى بواقع ( 45000 ألف دولار ) للقادة، و ( 30000 ألف دولار ) للعناصر الأخرى.
و يبقى السؤال الذي سيكون عليه الردّ برسم السيد الوزير: هل بإمكان خيوط غربالكم أن تحجب شمس الحقيقة يا سيادة الوزير؟.