مصيبتنا ومصيبة غيرنا في الأمم المتحدة وثعالبها!
مصيبتنا ومصيبة غيرنا
في الأمم المتحدة وثعالبها!
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
( لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)
إبتلى العراق منذ التسعينيات من القرن الماضي بالأمم المتحدة وقراراتها الجائرة التي استهدفت الشعب العراقي برمته. ومازالت الأمم المتحدة تلعب دورا قذرا في كثير من دول العالم، تحابي دولا معينة على حساب دول اخرى فتزيد من بلاء الضعيفة وتفاقم من جبروت القوية. ورغم إن العراق من الدول المؤسسة لعصبة الأمم المتحدة قبل أن تتسمى بإسم الامم المتحدة، لكن منذ إنضمامه ولحد الآن لم يقطف منها سوى الثمار العفنة. ليس للهيئة الدولية حسنة واحدة على العراق في حين أن هناك المئات من السيئات التي ليست خافية على أحد. وسيان للعراق إن كان عضوا أو غير عضو في هذه الهيئة المستضعفة ومواقفها المعادية له.
من المؤسف أن يتولى أمانة الأمم المتحدة جنود تابعين للولايات المتحدة حتى وان كانوا عربا أو أفارقة أو من جنسيات أخرى، فاللجام الامريكي مثبت على وجوههم بشكل مضبوط. وخير مثال على ذلك الأمناء السابقون كبطرس غالي وكوفي عنان، فالمصائب التي توالت على الأمة العربية كانت أشدها في زمن هذين الوغدين الدوليين، وزاد كي مون الطين بلة ليثبت للعالم أجمع بأن الولايات المتحدة هي العراب الرئيس للأمم المتحدة وغيرها هراء. ومن لا يستظل تحت فيأها فلا ظل له فيها.
وهذا ما يعترف به الامريكان انفسهم قبل غيرهم، فقد ذكر المحلل الأمريكي جيف سيمونز " لقد دأب الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان على التأكيد بأن دوره لا يتجاوز الخادم لمجلس الأمن. وان منصبة لا يزيد عن سلطة أدبية فقط. لكنه المهم إن موقفه يُرضي الولايات المتحدة". كذلك قوله" قررت إدارة بوش انه من الافضل إستغلال الأمم المتحدة بدلا عن تجاهلها" فإستغلتها أبشع إستغلال.
كانت الأمم المتحدة تتصيد في مياه الرافدين هي ومراقبيها الذين تبين ان عددا غير قليل منهم جواسيس للولايات المتحدة وبريطانيا. فإن خلى الظرف في العراق من أزمة قامت بإفتعالها. وإن بدأت شرارة أزمة صبت الزيت عليها. وإن إنتهت أزمة شعلت فتيل أخرى وهكذا دواليك. لقد عكرت مياه الرافدين صافية لأسباب عير خافية!
ما أن تصدر كلمة من مسؤول عراقي إلا واقامت الدنيا عليه. وما أن تفوه احد مراقبيها ببدعة من بنات أفكاره إلا وبنت عليها بناءا شاهقا. و ما إن تصرف العراق بنية حسنة إلا وأعتبرته ضعفا. وما أن جابه رعونة قراراتها بقوة إلا وإعتبرته تحديا للشرعية الدولية! لكن هل تفعل ذلك مع الولايات المتحدة والدول العظمى؟ الجواب:بالطبع لا! فهي أسد هصور مع العراق والدول الضعيفة وفأر مذعور مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
التهديد بالعدوان وفق منطوق الميثاق
خير مثال على ذلك إعلان وزير الدفاع البريطاني جون هون في 20 آذار 2002 أمام اللجنة الدفاعية في مجلس العموم بان" في وسع دول منها العراق ان تكون على ثقة تامة بأننا سنستخدم ضدها أسلحتنا النووية في الظروف الصحيحة". وفي وثيقة أمريكية سميت مراجعة الموقف النووي(Nuclear Posture Review ) نشرتها وسائل الإعلام في شهر آذار عام 2002 جاء فيها" ان العراق يعتبر هدفا محتملا لهجوم نووي". كما أعلن المتحدث بإسم البيت الأبيض في 11كانون الاول عام 2002 بأن بلاده " مستعدة لإطلاق صواريخ نووية على العراق إذا أستخدم صدام حسين أسلحة كيمياوية او بيولوجية ضد قواتنا او القوات المتحالفة معنا".
بالتأكيد لا يجهل امناء الأمم المتحدة السابقين والحالي بأن التهديد بالعدوان يعني عدوانا، وهذا ما مثبت في ميثاق الأمم المتحدة، لأن التهديد بإستخدام القوة قد يؤدي نفس الغرض من إستخدامها. والتصريحات السابقة والمئات غيرها تمثل تهديدا بإستخدام القوة. وعندما قامت الولايات المتحدة الامريكية بعدوانها الغاشم على العراق عام 2003 بدون موافقة مجلس الأمن. إستبشرنا خيرا بموقفها المبدئي وهو الموقف الطبيعي الذي يقره الميثاق. فقد اعلن الأمين العام للامم المتحدة آنذاك كوفي عنان بأنه من دون الحصول على قرار من مجلس الأمن، سيكون العمل العسكري ضد العراق غير شرعي". لكنه سرعان ما شرٌعن الغزو الغاشم، وسجلت بوصلة الشرعية الدولية إنحرفا خطيرا!!
جرائم الحرب
يفترض بالأمم المتحدة بعد إنتهاء رئاسة من تخشاهم أو من إرتشاهم من الزعماء كالرئيس بوش وتابعه الذليل بلير أن تفتح ملفات جرائم الحرب ضد الزعماء المشاركين في العدوان على العراق والأمناء العامين للهيئة الدولية الذين لم يكونوا أمناء في مواقفهم. فإبادة اكثر من مليون عراقي خلال الحصار الجائر وما بعده، وتدمير كل المؤسسات المدنية لا تبررها الحروب. مفهوم إستهداف المواقع العسكرية ومؤسسات التصنيع العسكري والاتصالات في الحروب. لكن تدمير الأسواق والمدارس والمستشفيات والمعامل والجامعات ومباني مدنية غير مفهوم. هذه شريعة غاب وليست شريعة دولية! سيما إن الحرب بحد ذاتها غير شرعية، وهذا ما يقره القانون الدولي والأمم المتحدة وليس نحن.
فقد ذكر روبرت جاكسون – عضو المحكمة العليا بأن " حرب الرئيس بوش على العراق تمثل إنتهاكا صارخا للقانون الدولي. إنها في الحقيقة جريمة حرب". وإعترف فيرماج استاذ القانون الدولي في جامعة يوتا الامريكية بأن " الرئيس بوش يقود البلاد الى حرب غير دستورية. كما انها تمثل خرقا للقانون الدولي، وإعتداءا على حقوقنا المدنية وتهديدا لأمننا القومي، وإنتهاكا لمعايير المنطق السليم".( عراق المسقبل/ جيف سيمونز). الرجل يتحدث عن أنفسهم كامريكان متضررين وليس رحمة بنا كضحابا لحكومته! فإن كان يجد في شعبه قد تضرر، فماذا نقول نحن؟ وجاء في تصريح عضو مجلس العموم توم داليل( Tom Dalyell) الذي نشرته صحيفة الغارديان في 27 آذار 3200 بأن " السيد بلير مجرم حرب. ويجب ان يساق الى محكمة لاهاي لأنه مستمر في دعمه للهجوم الامريكي على العراق دون موافقة الأمم المتحدة".
ويستمر مسلسل الأمم المتحدة المتعارض مع أحكام الميثاق ضد العراق. وهاهو البلد ما زال قابعا تحت سقيفة البند السابع بإنتظار رحمة الأشقاء الاعداء. فهم لم يكتفوا بعد بمصائب البلد رغم الثمن الذي قبضوه من ارض ومال ودماء العراقيين لقاء ذلك. ورغم الدور القذر الذي لعبوه في الحرب على العراق ومازالوا يلعبوه بذكاء وخبث. متناسين بأن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، ويا ويلك من يوم مظلم سيكون عليك. بالرغم من وجود عدد غير قليل من العراقيين ممن رفضوا غزو الكويت سابقا. لكن اليوم لا أحد نادم على ذلك الغزو بسبب سياسة الأسرة الاميرية الجائرة وإستغلالهم ضعف العراق وضعف حكامه العملاء. يوم بعد يوم تتعاظم كراهية العراقيين لهذه الإمارة المستضعفة التي سيكون مصيرها مشؤوما على شعبها، وليس هذا اليوم ببعيد.
ممثلو الأمين العام في العراق مجموعة من المستثمرين الذي يمكن شراء ذممهم بسهولة وبسعر مناسب. ويبدو إن من شروط المرشحين لتمثيل الأمين العام في العراق أن تتوفر فيه المواصفات التالية. إن يكون جشعا للغاية ولا يمكن إشباع مارد جشعه. وأن يكون ضميره ميت وقد واراه الثرى. وأن يكون كذوبا متأثرا بالقول الألماني إكذب! إكذب! ثم إكذب حتى يصدقك الأمين العام. وأن يكون مرتشيا سرا وعلانية. وان لا يغرد خارج سرب الرئيس الأمريكي. واخيرا أن يكون جاسوسا لدولة أو أكثر حسبما يقتضي الحال.
خبرنا ممثل الأمين العام في العراق وهو لايختلف مطلقا عن الأوغاد الذين سبقوه في صفاتهم. فالتقارير التي يسوقها للأمين العام للأمم المتحدة أشبه ما يكون بمعلق رياضي يقف على قمة جبل شاهق معلقا عن مباراة تجري في واد عميق مظلم. تقارير مشوشة لا تمت للحقيقة بصلة، كلها كاذبة ومدفوعة الثمن من جيبي المالكي ونجادي سواء المتعلقة بالعراقيين أو اللاجئين من منظمة مجاهدي خلق في العراق.
وقد بصق الأستاذ غانم العابد هذه الحقيقة بوجه ممثلِ الأمين العام للأمم المتحدة في العراقِ مارتن كوبلر خلالَ زيارته الأخيرة للموصل . حيث قال خلال لقائه بكوبلر في11 نبسان الجاري " إن جميعَ المنظماتِ الدوليةِ أقرت بوجودِ انتهاكاتٍ لحقوقِ الإنسان ضد المعتقلين إلا أنت! الذي يبدو انه يرى الأمورَ بغيرِ طريقةِ! وبالتأكيدِ هي ليست مهنية. بل واجهه بكل صراحة قائلا" تقاريركم فارغة وسطحية ولا تعبر عن الواقعِ الذي يعانيه العراقيين وخصوصاً المعتقلين والأبرياء الذين تنتزعُ الاعترافاتِ منهم بالتعذيب".
وبجرأة أكبر" أن سكوتكم عن الانتهاكاتِ التي يتعرض لها المعتقلين الأبرياء يجعلكم شريكاً أساسياً في هذه الجريمة وينطبق عليه وصف المجرم، كونكم ساهمتم بشكل فعالٍ في اغتيالِ العراقيين الأبرياء". نعم هذه هي الرسالة الحقيقة التي عجز الكثير من المسؤولين ايصالها الى كوبلر. إنه مجرم دولي لا يختلف عن عناصر المافيات الدولية سوى إنه مشارك بجريمة الإبادة البشرية ضد العراقيين والاشرفيين الذين ذاقوا الأمرين من دجله ونفاقه ووعوده الكاذبة.
لقد عبر الغانم عن رأي العراقيين الشرفاء والاشرفيين المظلومين بقوله لكوبلر" لن أستغربَ إذا ما تبين يوماً انك مرتبط بمليشيات عراقية كانت أم إيرانية ". نعم! هذا بالضبط رأي الشعب العراقي بالثعلب الدولي، ولا يمكن أن نفسر بحسن نية إصرار الأمين العام على إبقائه في منصبه رغم أنف الشعب العراقي! وتساءل العابد عن ثورة المنظمات الدولية على أحكام الإعدام الجائرة في العراق ومطالبتها بإلغائها لأنها مبنية على إنتزاع إعترافات كاذبة وسكوت كوبلر كإن الأمر لا يعنيه! فقد جابهه بالقول"أن العراق الآن ثالثُ أعلى دولةٍ في الإعداماتِ وبقراراتِ محاكمِ جميع المنظمات اعتبرتها غير مطابقة للمعايير الصحيحة ، إلا انتم لازلتم تُحابونَ الحكومة المركزية ولم نسمع منكم أي شيء ".
جريمة كوبلر مزدوجة، ضد الشعب العراقي وضد اعضاء منظمة مجاهدي خلق فقد كان الطرفان ضحايا لوعود كوبلر الكاذبة. ولو كان كل اللاجئين في العالم قد تعرضوا إلى ما تعرض له الأشرفيين من ظلم وعدوان في العراق، لما فكر عاقل بطلب اللجوء الى دولة أخرى! ولأغلقت المفوضية العليا للاجئين أبوابها وإرتاحت واراحت. لا توجد دولة في العالم تتعامل مع اللاجئين السياسيين على ارضها بمثل هذه الإستهتار والرعونه. ولا يوجد إستهتار دولي بقضية إنسانية تخص اللاجئين كما يحصل لعناصر مجاهدي خلق في العراق.
لم يطرق سمعنا لحد الأن أن يتعرض معسكر للاجئيين إلى قصف مدفعي وصاروخي في دولة تدعي إن لها سيادة على أرضها! ولم يطرق سمعنا لحد الآن بأن تتآمر الدولة التي تحتضن اللاجئين على قتلهم وتشريدهم بإيعاز من دولة أخرى. ولم يطرق سمعنا لحد الأن أن يقتل العشرات من اللاجئين على أيدي عناصر الدولة المكلفة بحمايتهم. لم يطرق سمعنا لحد الأن أن تقوم الدولة الحاضنة للاجئين بسرقة ممتلكاتهم من آليات ومولدات كهربائية وحتى الأجهزة المنزلية. لم يطرق سمعنا لحد الأن أن تقوم مجازر ضد اللاجئين ينجم عنها العشرات من القتلى والجرحى دون ان تتمكن الحكومة من إلقاء القبض على واحد فقط من الجناة! علما إن المنطقة معزولة أمنيا وهناك المئات من كاميرات الشوارع ونقاط التفنيش.
لم يطرق سمعنا لحد الأن أن يعلن إرهابي(واثق البطاط) بكل وقاحة مسئوليته عن القصف الصاروخي لمعسكر اللاجئين الأشرفيين، وتعجز الدولة في الوصول إليه وتطلب بلا حياء مساعدة المواطنين للعثور عليه رغم وجود مليون منتسب ما بين عسكري وشرطي ورجل أمن ومخبر سري! في حين تصل إليه وسائل الإعلام بسهولة وتنقل اخباره وتصريحاته وتهديداته أول بأول! لم يطرق سمعنا لحد الأن أن يتعرض لاجئون للقصف والدمار دون أن يقوم المبعوث الدولي المسؤول عنهم بتفقدهم للإطمئنان عليهم ولتقدير الأضرار التي وقعت عليهم! لا نعرف كيف قدر كوبلر الخسائر في تقريره الذي رفعه لأمينه العام؟ هل بضرب الرمل وقراءة الكف والإستعانة بالجان أو بتحضير ارواح الشهداء؟
الوطنيون الشرفاء يجمعون التواقيع بمئات الآلاف لإستبدال كوبلر، ورُفعت مئات الرسائل مذيلة بالتواقيع من جمعيات ونقابات وإتحادات وكتاب ومحاميين للامين العام بهذا الصدد. لكنها فشلت جميعها في رفع قطعتي القطن من إذني كي مون.
نخشى أن يكون القطن الذي يستخدمه الامين العام أيضا ساخت إيران! الدولة التي تحتل المرتبة الثانية في العالم بإعدام مواطنيها. لقد غسل العراقيون والاشرفيون أياديهم من كوبلر. فعل سيغسل الأمين العام يده من كوبلر؟ أم ستبقى ملوثة بدماء العراقيين والأشرفيين؟