لغةُ الدُّموعِ السُّوريّة
لغةُ الدُّموعِ السُّوريّة
د. محمد خالد الفجر
بأيِّ حروفٍ تُكتبُ قطراتُ دموعِنا في سوريا، وكلُّ دمعةٍ تحملُ في بريقِها ذكرياتِ فراقٍ وذكرياتِ حزنٍ تتشنجُ الكلماتُ وتخجلُ الأخيلةُ مُعلنةً عجزَها عن فَهْمِ تلكَ الصورةِ العجيبة الجامعة في سيلانها على خدودِنا قصةَ حياتِنا.
كم حرقةً سبقَتْ هطل دموعنا، حرقةُ فراقٍ لأمٍّ وأبٍ، وجرحُ عزةٍ أهينت وأهدرت، فقدِ اختنق بحرقتنا النَّفس فكان الدَّمعُ صوتَها ولغتَها، دمعةٌ جمعَتْ كلَّ شيءٍ فراقًا ومهانةً وذلةً وغربةً هذه هي دمعتُنا في سوريا، لا إذاعةٌ ولا صحيفةٌ ولا قناةٌ فضائيةٌ ولاروايةٌ أدبيةٌ تصوِّر تلك الغصةَ. غصةٌ لم تجدْ سبيلًا تنفَد منه لتري العالم حجمَها، فترجمتْها دمعةٌ من عيونِ الآباء والأمهات والأخوات بل من عيون مجموع السوريين الذين وحَّدتُهم اليوم لغة الدموع، بلغَت هذه اللغةُ من وضوحها أنّك صرت تميزها باللمحة والإشارة لأن لها نحيبها المنفرد، المنتمي لمنظومة الدموع السورية، فصوتُ غُصةِ طفلِنا السّوريِّ لها ماركتها الخاصة تميزها لغة دمعه السورية... هكذا يا محنَّطِي القلوب صرْنا في سوريا، أتظنونَ أنَّ أرواحنا هانت علينا؟ أم أنَّ دمعَنا استغذبناه فلم نعدْ نتذوقُ ملوحته؟ تبّتْ تحليلاتُكم ولُعِنت حلولُكم... نعم أيَّها العالم الأخرس كفرْنا بوجودك فسقطَتْ دموعُنا لغةً جامعةً لحزننا ولغسيلِ وجودِ البشريةِ من قلوبِنا... دموعُنا لم تعد تُرينا غيرنا تقول لكم: إما ننالُ حريتَنا أو يخسر العالم حريتَه معنا.... فانزل يا دمعَنا؛ لأنَّه قيل عنك: إنَّك غسيلٌ للقلوب، فاغسلْ بقايا بشرٍ كانوا في قلوبِنا وازرعْ في كلِّ ذرةٍ من كياننا ما لنا غيرك يا الله... فهلْ فهمتُم دلالةَ لغةِ دموعِنا؟