الثورة السورية و مسالة القيادة
الثورة السورية و مسالة القيادة
نبيل الطرابيشي
إن تحول الثورة السورية من السلمية إلى العسكرة بدون قيادة واضحة قد أدى لمشكلة عويصة تحتاج لانتباه العقلاء و الحكماء من شعبنا لكي تستطيع الثورة التقدم و إحراز النصر و تقليص المعاناة و الدمار اللذين حلا بهذه البلاد و إن المستقرئ للواقع على الأرض يرى بوضوح الانقسام و التشرذم و تباين الأهداف و الغايات و التي يمكن أن تجر الويلات على هذه الثورة. قال تعالى : " و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم" و قد كانت الهزيمة من نصيب المسلمين حتى مع قيادة الرسول عليه السلام حينما أهملت مجموعة من الجنود توجيهاته و انطلقت لجمع الغنائم فكيف يكون الأمر و قد أضحت بعض الكتائب لا هم لها إلا جمع ما تستطيع من الغنائم.
و الحقيقة أن هناك أكثر من مشكلة و لكن المشكلة الكبرى في رأيي المتواضع هي عدم وجود قيادة واضحة للثورة. و ربما كان هذا الأمر جيدا عند البداية لتجنب القضاء على الثورة و لكن في الوقت الحالي فإن هذا الأمر يقف حجر عثرة في طريق الثورة. المفروض أن يكون الائتلاف الوطني هو وجه الثورة السياسي و لكن السؤال الذي يجب طرحه هو: كم يستطيع هذا الجسم السياسي و قيادته متمثلة بالشيخ معاذ الخطيب التأثير في مجريات الأحداث على الأرض و توجيهها و توظيفها لصالح الثورة ؟ إننا إذا كنا صادقين مع أنفسنا رأينا أن الجناح العسكري و القيادة السياسية متصلان بأوهن الخيوط بدل أن يكونا وحدة متكاملة لذلك وجب علينا أن نتوقف و لا ندفن رؤوسنا في الرمال و نتجاهل المشكلة و إنما يجب علينا جميعا التعاون لإيجاد الحل.
إنني شخصيا لست من منحبكجية السيد معاذ الذين قد يرونه القائد الملهم الذي لم تلد النساء مثله و لكنني أعتقد أنه رجل جيد و يستطيع بمساعدة المخلصين حوله قيادة الكفاح السياسي و أعتقد أن على الجميع دعمه و مساعدته في هذا الأمر و نصحه في حالة ارتكابه الأخطاء لأننا إذا أردنا الإنسان الكامل فلن نتحرك من مكاننا و يبدو أن هناك تقبلا له بشكل معقول في أوساط المعارضة و لكن القضية الأهم هي كيف يستطيع ضبط الثورة على الأرض و توجيهها لتحقيق النتائج المرجوة و هل تشكيل حكومة انتقالية سيحل هذه المشكلة حيث أن الثوار سيتبعون التعليمات التي تصدرها الحكومة المؤقتة و إذا كان الأمر كذلك فلماذا تأخر تشكيل هذه الحكومة إلى هذا الحد حيث أن كل يوم تأخير سيجعل الإتباع لأي حكومة أشد صعوبة حيث أنه وبالأساس هناك عدم احترام و تشكيك كبيرين بمعارضة الخارج (مبررا و غير مبرر) .
أما إذا كانت الحقيقة أن الثوار لن يستمعوا إلا لواحد منهم ألا يجدر بالثورة و رجالها أن يوجدوا هذا الرجل كي يلتف الناس حوله و يتقدم بهم ؟
لست أدعي أن عندي حلولا لهذه المشكلات العويصة و لكنها دعوة للحوار و محاولة لإلقاء الضوء على واقع قد يحاول الكثيرون تغطيته أو تجاهله و السير و كأن كل شيء على ما يرام.
أسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا و يعيننا و ينصرنا.