صراع سياسي أم صراع بين حق وباطل ؟
صراع سياسي أم صراع بين حق وباطل ؟
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
يرى كثيرون أن المشهد السياسي في مصر ما هو إلا صراع بين أحزاب وفرق سياسية ، ويرى آخرون - وأنا منهم - أن جوهر الصراع هو بين المشروع العلماني والمشروع الإسلامي 00 ومن داخل هذا الصراع صراعات أخرى ، ومنها صراع بين الثورة والثورة والمضادة ، وصراع بين أقطاب الفساد في النظام السابق وبين أصحاب المشروع الإصلاحي ، وأخيرا صراع بين زعامات همها الأول والأخير كرسي الحكم ، وتريد أن تخرج على الشرعية المنتخبة بأي وسيلة حتى لو تحالفت مع الشيطان
وقد يغيب عن رجل الشارع تلك التحليلات ولكنه قد يسأل سؤالا عفويا ماذا يحدث ؟ 00 أين الحق ومن هم أصحابه ، وأين الباطل ومن هم أصحابه ؟ 00 هل هو التيار الإسلامي أم التيار الليبرالي (العلماني) ، هل الحق مع الإخوان والسلفيين أم مع المعارضين وما يسمى بجبهة الإنقاذ ؟
سوف أحاول أنا أساعد نفسي وأساعد من يقدر له قراءة هذا المقال لنصل إلى إجابة عن هذا السؤال
تعالوا بنا نقسم الأطراف الفاعلة في المشهد ، ثم نقيم فعلها حتى نستطيع أن نحكم علىه وبالتالي يمكننا أن نحكم على أصحابه 00 إن كانوا دعاة حق أم دعاة باطل
الطرف الأول : وهو تيار ما يسمى بالإسلام السياسي وهذا التيار يؤيد الرئيس المنتخب الذي جاء بانتخابات نزيهة ، وبالتالي هو يؤيد ما يسمى بالشرعية الدستورية ، وهو أيضا يدافع عن الشريعة الإسلامية وهوية مصر الإسلامية 00 فهل هذا الفعل حق أم باطل ؟ 00 أعتقد أنه حق
الطرف الثاني : تيار يعارض الرئيس المنتخب وهذا التيار ينقسم إلى تيارين : الأول : يعارض قرارات وسياسات الرئيس المنتخب ، ولكنه لا يسعى لإسقاطه ، وهذا التيار له الحق في ذلك طالما لم يستخدم العنف 00 وهذا أيضا حق
الثاني : يريد أن يسقط الرئيس المنتخب ، وإن تذرع بالإعلان الدستوري أو تحجج بمشروع الدستور ، ونحن نتذكر أن من بين زعماء ما يسمى بجبهة الإنقاذ من وقف منذ أول يوم في ميدان التحرير ليشكل مجلس رئاسي بالرغم من وجود رئيس منتخب ، هذا التيار يريد أن يغتصب حقا ليس له ، وهو يعادي المشروع الإسلامي سرا وجهرا ، وهناك تصريحات تدل على ذلك ، هذا التيار تحالف مع الفلول الذين أخذوا يحشدون الناس للتظاهر بالأموال الحرام ويحشدون معهم " البلطجية " لإراقة دماء المصريين ، وليس سرا ما جاء في مقال د0البرادعي لصحيفة الفاينانشيال تايمز بأنه يقود تحالف بينهم وبين الفلول في مواجهة المشروع الإسلامي 00 فهل هذا الفعل حق أم باطل ؟ 00 أعتقد أنه باطل
الطرف الثالث : ويمثله فلول النظام السابق الذين يديرون معركة الثورة المضادة منذ قيام الثورة ، وهم الذين أداروا كل المعارك التي سقط فيها الضحايا بدءا بعركة الجمل ومرورا بمعركة محمد محمود وانتهاء بمعركة قصر الاتحادية الأخيرة 00 هذا الطرف لا يختلف اثنان على أنه على باطل
بعد هذا العرض أريد أن أستدعي حادثة تاريخية قديمة ربما تساعدنا على فهم الواقع ، وربما تساعدنا على تحديد أصحاب الحق وأصحاب الباطل 00 هذه الحادثة هي حادثة موقعة الجمل ، ولا اقصد موقعة ميدان التحرير في ثورة 25 يناير ، ولكن أقصد تلك الموقعة التي كانت بين أمير المؤمنين علي بن طالب رضي الله عنه ، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
هذه الموقعة كان فيها أيضا ثلاثة أطراف :
الطرف الأول : فريق سيدنا علي رضي الله عنه ويمثل الشرعية بوصفه أمير المؤمنين ، والطرف الثاني : فريق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ومعها معاوية رضي الله عنه ويمثل المعارضة وقد كان موضوع المعارضة المطالبة بدم سيدنا عثمان رضي الله عنه ، وقد ضم كل فريق نفر من الصحابة
أما الطرف الثالث في تلك الموقعة فكانوا هم قتلة سيدنا عثمان رضي الله عنه
وتحكي كتب التاريخ أنه عشية موقعة الجمل تصالح الصحابة من الفريقين ووصلوا إلى اتفاق لتجنب الحرب ، ولكن الطرف الثالث وهم قتلة عثمان علموا بذلك ، فأبوا إلا الحرب والدماء ، فقاموا في فجر تلك الموقعة بقتل مجموعة من الفريقين في وقت واحد ، فظن كل فريق أن الفريق الآخر قد نقض الاتفاق وغدر فقامت المعركة
وهنا نقارن بين الطرف الثالث في موقعة الجمل التاريخية الذي كان السبب في إيقاع الفتنة بين المسلمين والتي ظلت آثارها ممتدة حتى حولت الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض ، وبين الطرف الثالث في موقعة الجمل في ثورة 25 يناير ، الذي أوقع الفتنة بين المصريين بعد أن نهب ثروة مصر ، والذي لا يزال يحاول إحداث الفتنة ، ومع الأسف فإن في مصر الآن من يتحالف مع هذا الطرف الثالث ثم يدعي أنه وطني
أرجو ألا ننسى أن الطرف الثالث في الحادثتين كان ينتسب إلى الإسلام ، ويصلى ويصوم
أعتقد أننا الآن قد عرفنا الحق وأهله.