من حلب مع محبتي

الطبيب الحلبي

أصدقائي .. أكتب إليكم اليوم بظروف خاصة جداً .. كتابة من تحت الحصار .. و حتى الانترنت فقد تم تأمينه بصعوبة و لفترة مؤقتة فقط . أكتب إليكم من سورية.. من مدينة تتصدر الأخبار هذه الأيام على وجه التحديد.. نعم.. أتحدث عن مدينة حلب لمن لم يخمن بعد ..

بداية دعوني أحدثكم قليلاً عن الوضع الميداني ..

في الأيام الأولى لإعلان الجيش الحر بدء العمليات في المدينة و تحرير صلاح الدين .. ساد تفاؤل مشوب بتوتر عنيف في الأجواء ..

فكل الدول تكالبت على التحذير من مجازر مرعبة يحضر لها النظام في حلب، ستالينغراد سورية إن جاز التعبير .. و رغم كل التحذيرات .. يتركون بشار الأسد يعربد كيفما شاء في أرجاء سوريا .. يقصف هاهنا .. يذبح الناس هاهناك .. و السوريون يتساقطون يومياً بالمئات .

لم يكن هنالك شك لدى الجميع بأنه

سيحيل المدينة إلى تراب إن استطاع ! و لا تنقصه النية لفعل ذلك على الإطلاق كما هو معلوم !

التزم النظام صمتاً مطبقاً في الأيام الأولى للمعركة.. وهو يتحدث عن أم المعارك ومدد عسكري كاسح في الطريق إلى المدينة.. وحبس الجميع أنفاسهم و هم يترقبون ما سيحصل.. و بدأ الهجوم ..

بدأنا نسمع أصوات القصف المرعبة ليل نهار بلا توقف أو هوادة.. ثم بدأت مسلسلات الدمار و هجرة السكان من الأحياء المنكوبة.. ليستقروا في مدارس الأحياء التي تنتظر دورها.. أصوات كان الحلبيون يسمعونها مسبقاً و هي تنطلق لتدك الريف الحلبي الثائر..  لكنها طبعاً لم تكن بذات الشدة أو قوة الصوت.. و كأن الأوغاد في مدرسة المدفعية و ألوية بطاريات المدافع قد أدركو أن الصوت يرعب أحياناً بأكثر من الفعل ذاته..

بعد بلوغ القصف حداً غير معقول.. بدأت الطائرات تدخل المعركة جدياً.. و لأول مرة يرى الحلبيون طائرات هيليكوبتر و ميغ تقصف الأحياء في صلاح الدين و الصاخور و مساكن هنانو و غيرها..

و على صعيد موازٍ .. انطلقت مجموعة من الألعاب القذرة التي يبرع فيها النظام بامتياز تهدف إلى : عملية – ترباية – نفسية لكل الحلبيين إن سولت لهم نفسهم التهليل للجيش الحر، بل و يمكن القول بأنها أيضاً انتقامية استباقية ! و أيضاً كي يجعلو الناس تكره الجيش الحر ! و ذلك لأنه ( أوصل أحوالهم إلى هذا السوء ).

و فيما يلي تفاصيل الخطة المعدة لخنق المدينة :

1- قرر النظام قطع البنزين عن حلب بشكل كامل ، و يترك فقط لعصابات الشبيحة بيعه بأسعار تصل إلى 500% من ثمنه الأصلي لليتر الواحد ( السعر الحالي 250 ل.س بينما السعر الأصلي 50 ل.س لليتر )، و هو مغشوش أيضاً.

2- غاز الطبخ مقطوع أيضاً عن المدينة ، تباع فقط جرر غاز معبأة بنسبة 70% من قبل زعماء الشبيحة بسعر 3500 ل.س ، بينما سعرها الأصلي 400 ل.س ، و رغم ذلك يجب أن تكون شخصاً ذا صلات لتستطيع تأمينها.

3- تم إصدار تعليمات مشددة بمنع توريد الخضراوات إلى المدينة.

4- هنالك أزمة خبز خانقة و الطوابير على الأفران بالمئات.

5- المياه مقطوعة 12 ساعة وسطياً في اليوم.

6- الكهرباء مقطوعة 6 ساعات وسطياً في اليوم.

7- الإتصالات الخلوية غير مستقرة على الإطلاق و قد قطعت تماماً أول البارحة لمدة يومين.

8- تغيب الانترنت عن مساحات كبيرة من المدينة.

9- معظم الدوائر الحكومية لا تعمل.

10- هنالك غياب كامل لعناصر شرطة المرور بغرض إشاعة الفوضى في الشوارع.

11- هنالك نقص كبير في عملية جمع القمامة و تحولت بعض الشوارع لمكبات قمامة رهيبة تنذر بالكثير من الكوارث.

12- المواصلات العامة مقطوعة و لا باصات تسير في المدينة ، باستثناء بعض الباصات للأحياء الكردية ( عملية دنيئة جدا بغرض بث روح التفرقة و الأحقاد بين العرب و الأكراد).

13- و هنالك أيضاً حملات تحريضية لدى المسيحيين لجعلهم يصابون بالذعر مما هو قادم و يصطفوا خلف النظام.

و القادم أكبر كما يعرف الكل في المناطق السورية المنكوبة طبعا..

معظم العوائل الحلبية التزمت البيوت وهي تشعر بالقلق الشديد ، يا ترى .. هل الجيش الحر يدري ما الذي يفعله ؟ أم أن الموضوع ارتجالي و حماسي و سينتج عنه تخريب حلب كما خربت حمص .. و هو موقف لو سمحتوا لي لا يخلو من الأنانية رغم صحته ..

فعلى الرغم من دفاعي الدائم عن حلب كوني من شباب الثورة .. إلا أني لا أستطيع إلا أن أجزم بضعف المسؤولية الجسيم في المدينة .. عندما كانت المدن السورية الأخرى تحت النار.. رغم أنها لم تبخل بالمال و لا الدعم اللوجستي قط .. و كان رأي الجميع مع شكرهم بأن هذا لا يكفي ..

طبعاً نحن لسنا في سياق جلد الذات أو الشماتة .. فالشعب السوري أرقى من هذه الأوساخ التي يتلطخ بها النظام فقط .. لكني أذكر هذه المشاعر من باب التذكير و التحليل للمستقبل و التاريخ معاً .

أما الشباب الذي خرج في المظاهرات وبحت حناجره و هو يهتف : ليش خايفين الله معنا ، فيشعر بأنه على الأقل حاول تحذير الجميع و تنبيهم إلى أن المحظور قادم.. و أن على الكل المجازفة و المخاطرة و المشاركة في الثورة .. و بأنه أدى دوره و ما يجري الآن خارج عن مقدرته أو رغبته.

بقيت هنالك تفصيلة الجيش الحر و مدى اقتدار قياداته على استيعاب الدروس من المجابهات مع النظام ، وهنا كان المحك .. بينت لنا الأيام التالية ، مايلي :

1- استطاع الجيش الحر تحقيق اختراقات هائلة في الجسم الأمني المتغلغل في حلب كالسرطان، وقد تم تحرير العشرات من الشوارع و الكثير من الأحياء في المدينة .

2- كل ادعاءات النظام عن الحشود الضخمة ثبت أنها مجرد فقاعات حرب إعلامية نفسية .. لقد بدا واضحاً أن النظام مكشوف و يعاني صعوبة في خطوط الإمداد ووفرة العتاد و هو يحارب كل سوريا معاً .. هذا الانكشاف العسكري يعد الانكشاف الأول للنظام منذ بدء الثورة .. و من هنا جاءت القيمة المعنوية الهائلة لدى الثوار عند اكتشافه .

3- طبعا الكل كان في البداية يعتقد أن الموضوع كان مجرد ( جس نبض ) و من الطرفين على حد سواء ، أو أن النظام يتريث كي يجمع أكبر عدد ممكن من الجيش الحر في حلب و من ثم يقضي عليهم دفعةً واحدة .. و العديد من التحليلات الموازية و التي أعتقد شخصياً أنها ضعيفة المصداقية في هذه اللحظات و بعد مرور كل هذا الوقت.

4- يقوم الجيش الحر بعملية ناجحة تماماً تتلخص بضرب الإمدادات قبل وصولها إلى حلب ، في حمص و إدلب و أريحا و غيرها من المدن التي أظهرت شجاعة بطولية في الدفاع عن حلب وهذا يقلل من قدرة النظام على الهجوم هنا بشكل فادح .

5- يتم أيضاً استهداف المطارات العسكرية المجاورة بهدف تعطيل قدرة النظام على القصف الجوي نقطة تفوقه الوحيدة في ظل عجزه عن الاقتحام البري .. و في حال تم عكس هذه المعادلة فستصبح الأمور مطلقة السيطرة في يد الجيش الحر.

6- يبدو حتى الآن أن الجيش الحر عميلعبها صح .. هو لا يتحرك إلى حي إلا عندما يبدو له قدرته على إحكام السيطرة عليه .. و المراكز الأمنية المحررة حتى الآن لم تخرج من سيطرته.. و سرعة التحرك كبيرة نسبياً مما يحفظ المعنويات مرتفعة بشكل قياسي.

7- التفاؤل الآن دوماً على الحد المنطقي.. لا أحد يجازف بالقول بأن النظام عاجز تماماً ، و الكل يتوقع مكيدة ما في الأيام القادمة.. وهذا النوع من الحذر صحي جداً كما أرى.. لكن ما يبنبؤ على الأرض بالفعل يعني أن النظام فقد السيطرة و يفقدها بشكل متسارع جداً في المدينة.

8- هنالك إنهيار كامل في معنويات المنحبكجية ، من النادر جدا أن ترى الأن أحدا يضع صورة بشار في محله ، أو على واجهته أو أي شيء يمت للنظام بصلة . الكل بات يخشى فعلاً من المجاهرة بمنحبكجيته ..و هو أمر يجب نعته بالجيد نظراً لأن معظم أولئك الناس كانوا من الشامتين بكل الشعب السوري عندما تصلهم أخبار القصف و الذبح .. و يستمرون بالضحك و القهقهة في مقاهي تشي تشي و البولمان بكل وقاحة على ندى الأراكيل و مباريات الدوري الإسباني و ذلك في أيام سوداء مثل أيام مجزرة الحولة !! يا ناااس يا عالم .. كان الحلبيون الأشراف يمرون من جانبهم و في عيوننا دموع القهر من إخوة لنا في وطننا يضحكون على الدم السوري المسفوح .. الغالي .. الآن تدور الدوائر .. و ليتحدث لي أحدهم الآن عن : المجسمات في حمص و إنو مافي شي و كلو مفبرك من قبل حمد ..

9- أدى القصف العنيف إلى موجات نزوح كبيرة .. بعضها خارج المدينة .. بعضها إلى الريف .. بعضها إلى الأحياء التي لم تقصف بعد .. و على إثره امتلأت أكثر من 64 مدرسة بعائلات نازحين يقدرون ب 50 ألفاً على الأقل .. حتى الآن تقوم الجمعيات الخيرية و سكان الأحياء بتأمين مستلزماتهم .. إلا أن الأمن الغذائي و انقطاع الموارد يهدد الجميع و الوضع يهدد بالتحول إلى كارثة في وقت قصير.

السيناريوهات المتوقعة الآن متعددة و لكن هنالك الإحتمالات التالية :

1- يتوقع الكل حصول النظام على مدد عسكري بري من روسيا و إيران لحسم المعركة في حلب ، و هو سيناريو وارد و الكل يتحضر له بشكل أو بآخر.

2- يقوم النظام بالإجهاز على المناطق الأخرى بغرض التفرغ لحلب ، و هو سيناريو صعب الحصول جداً كما أعتقد لأن النظام الأحمق تورط بمالا يقاس في كل أنحاء البلد.

3- من الوارد جدا أن يتمكن الجيش الحر من تحرير المدينة بالكامل و أن يطالب عندها بتشكيل منطقة حماية عازلة جوية.

4- من الوارد جدا أن يحرر الجيش الحر المدينة عبر تدمير كل قوات النظام وفروع الأمن ثم ينسحب إلى مناطق أخرى بعد أن كبد النظام ضربة معنوية قاصمة .. فالكل و منذ تطبيل النظام لأم المعارك يجهز نفسه لأن لا يشعر بالخذلان إن تمكن النظام من إعادة تدنيس المدينة مجدداً.

5- من الوارد جدا حصول موجات نزوح كبيرة من حلب باتجاه تركيا تجبر الجميع على تحرك ما خصوصاً بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، و يعتمد ذلك على مدى حماقة النظام في استمرار استهداف الأحياء و التضييق على الناس في الوقود و الغذاء و الاتصالات .. كلما شعر الناس بالذعر كلما زادت حركة الهجرة و ازداد الضغط على النظام .. كما أن أبطال الجيش الحر يحرجون النظام عبر تأمينهم كل المستلزمات الحياتية بشكل معقول جدا في المناطق المحررة .. مما حدا ببعض الحياديين إلى الكفر بالنظام الذي يدمر المدينة من أجل حفنة من الإرهابيين اللي طلعو أشرف منو على حد الوصف !

6- من الوارد جداً أن نشهد الاعتصام الحلم في ساحة سعد الله الجابري بعشرات الآلاف وصولاً للمئات بعد التحرير و على غرار اعتصامات الساعة في حمص و حماه و سيكون هذا ضربة قاصمة للنظام و هو الكابوس بالنسبة لبشار الأسد المتخفي حاليا و الذي يوشك على أن يتحقق.

7- الذي يحصل فعلياً أن الانتصار يجلب الانتصار .. إن انتصار الجيش الحر يدفع الجميع إلى تعزيز صلاتهم به .. بنفس الطريقة التي يفكر بها بشار الأسد و هو يقصف المدن .. أنا أثبت أني قادر على النصر لروسيا و إيران و لذلك هما تدعمانني .. و إن كان الكل يجمع على أن الدعم الآن لنظام الأسد انتحار و طريق خاسر لا يرغب أحد في الخروج منه الآن بسبب الكبر و العناد و اليأس أيضاً.

8- هل كل ما يحصل في حلب مجرد فخ للنظام ؟؟ لجره إلى هنا فقط ؟؟ لن أوضح أكثر من ذلك ، و لكن الجيش الحر بدأ يطور تكتيكاته بسرعة تثير الإعجاب.

خلاصة هذا الكلام أن هنالك الكثير من التكهنات عما يجري و سوف يجري في الأيام القادمة ، هل حلب مقبلة على خراب ؟ أم على نصر ؟ و تبدو كافة الاحتمالات مفتوحة .. لكن شيئاً واحداً تعلمته خلال الشهور الماضية من عمر الثورة السورية .. و هي أن النظام إن أراد دفعك إلى شيء .. فعليك الذهاب إلى الطرف المعاكس ..

الكثيرون و أنا منهم لديهم الكثير من التحفظات على الجيش الحر .. لدينا تخوفات من أنهم يدارون من قبل الأمريكان و الأتراك وبطريقة معينة تضمن الصراع ضمن حدود تتيح تدمير البلد بالكامل .. نشعر بأنهم يتعمدون إعطائهم السلاح كي لا يخسروا فقط .. ولكن ليس لكي يربحوا .. الشام و حلب على أبواب الدمار و هو طموح اسرائيلي بامتياز ..

ولكن هذا بالضبط الفخ الفكري الذي يجب تجاوزه .. فأولئك الأبطال انشقوا عن الجيش الأسدي ليس سوى رفضاً لأوامر إطلاق النار على الشعب .. و هم ليسوا أغبياء و يعرفون تماماً ما الذي يريده منهم الأمريكان أو غيرهم .. ولن ينفذوا إلا ما يتطابق مع مصالح الشعب في اسقاط النظام .. أما ما هو دليلي على ذلك .. فأرغب بالقول بأني أريد أن أثق بأولئك الشجعان .. و عندما أقول أني أثق بهم و أفوضهم فأنا لا أتحدث برفاهية من المغترب .. أنا مواطن حلبي يسمع الآن أصوات المدافع تدك الأحياء فوق رأسه و هو جالس أمام الحاسب ليكتب هذه الكلمات .. و أتحدث عن الثقة من النوع الذي يُعطى مرة واحدة .. ثقة .. و تفويض .. و اتكال على الله رغم الأخطاء و أوجه القصور التي لا بد منها ..

علمتنا الثورة و المظاهرات أن هنالك دوماً مجازفات يجب أن يقوم بها الإنسان .. ليس طريق النصر مضموناً على الإطلاق .. و من يريد الوصول عليه أن يجازف .. وقد تصل المجازفة أحيانا إلى المجازفة بكل شيء .. كل شيء ..

علينا أيضاً أن لا ننسى رحمة الله بنا و بالبلد .. و نسمع يومياً عن انشقاقات كبيرة في صفوف شرفاء الجيش النظامي تحدث في ربوع المدينة مفتوحة الطرق إلى الحدود .. إضافة إلى الخوف الحقيقي لدى الشبيحة .. فهم يرون الآن أن المعركة أصبحت كبيرة و جدية و ليست مجرد حصار نذل على حمص جريحة .. هنا توجد حدود مفتوحة و إمدادات و مقاتلون أشاوس .. و سمعنا الكثير من الحكايات عن اعتراض ثلة من المقاتلين الأحرار أرتالا من الدبابات و الشبيحة و انتصارهم عليهم .. و ما النصر إلا من عند الله..

لانعلم إلى متى سنتحمل نحن كمدنيون الوضع .. ماهي حدود السلامة الشخصية المتبقية لنا .. و لكننا لا نملك سوى التفاؤل و الثقة بلطف الله سبحانه وتعالى و كرمه و بركات الشهر الكريم حتى لو طالت السيناريوهات .. وفي تراثنا الطاهر ظل الرسول الكريم في شعب آل طالب محاصراً ثلاثة أعوام .. حسناً .. لسنا نتشاءم بهذا القدر و لكننا نحاول التوكل على الله و الثقة به إلى أقصى حد ..

هذه من اللحظات و التجارب العميقة و المؤثرة في حياة أي شخص ،بينما نحن تحت الضغط و الحصار وخطر أن نتعرض للدهم أو القصف في أية لحظة ، وجل ما أتمناه في هذه الأوقات أن أصمد على مكارم الأخلاق و أتحلى بالصبر و القدرة على الابتسام في وجه النوائب .

اللهمّ اقسم لنا من رحمتك ما يصبرنا على أهوال الدنيا و اعصمنا من الفتن فنحن مقبلون على أيام لا نعرف كيف نهايتها .. و إن كنا نرى أن النصر قادم .. مع مسك الختام.

لا أدري متى يصلني النت مرة أخرى .. دعواتكم لسوريا و ليس لحلب فقط بالنصر المؤزر .. و السلام.