أحكام فقهية تتعلق بتنظيم العمل العسكري

د. عبد الله السلقيني

أحكام فقهية تتعلق بتنظيم العمل العسكري

د. عبد الله السلقيني

) وحدة التشكيلات العسكرية في كل محافظة فريضة شرعية (

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:

فالقتال في سبيل الله صفّاً واحداً فريضة شرعية واجبة على كافة التشكيلات العسكريِة في محافظة حلب؛ وعليه:

1- يفترض الاتحاد الكامل بين جميع التشكيلات الكبرى في محافظة حلب: لواء التوحيد، لواء الفتح، المجلس العسكري، أحرار الشام...

2- كل رافض للاتحاد أو متباطئ فه هو آثم شرعاً، وليس هناك أي عذر شرعي في التأخير.

3- يجب على جميع العاملين في السلك العسكري أو من لهم اتصال به أن يبذلوا جهدهم لتحقيق ذلك الاتحاد.

4- يجب السعي للاتحاد على الفور لا على التراخي.

5- يجوز تأخير الاتحاد إن استحال تحقيقه على الفور، أو في حالة الخوف الأكيد على إحدى الضروريات الخمس.

6- يجب على التشكيلات الصغيرة الالتحاق بالتشكيلات الأكبر والأكثر التزاماً بأوامر الله، ولا يجب عليها تغيير اسمها (كتيبة كذا أو كذا) أو كيانها (عدد أفرادها وتنظيمها) أو ميزاتها العسكرية (كتيبة مهام خاصة، أو قناصة، أو مشاة، أو مدفعية).

7- المبادرة لتحقيق ذلك هي «فرض كفاية»، و«قبول العسكريين للاتحاد» هو «فرض عين» على كل عسكري.

8- يجب تشكيل مجلس قيادة جديدة للكيان الجديد يعتمد على مبدأ الاختصاصات والكفاءة، ويجب أن يكون له قائد واحد.

9- يجب على القائد العام أن يعامل سائر القادة بالمعروف وبالتي هي أحسن، لا بالاستعلاء.

10- يشترط في القيادة أن تجمع ولا تفرق، وتـُدْني ولا تـُـقصي، وتعمل بقول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}.

11- يجب تسليم جميع الغنائم العسكرية للقيادة، ويجب على القيادة توزيعها تبعاً للحاجة العسكرية لها، وأخذ أي شيء من الغنائم قبل التوزيع يعد من الغلول.

12- يجب على التشكيلات أن تلتزم بقرارات المستوى الأعلى، ويجب على الأفراد الالتزام بأوامر قادتهم المباشرين.

13- لا يجوز طاعة القائد المباشر إذا انشق عن القيادة العليا.

14- لا يجوز انشقاق الأفراد أو التشكيلات عن القيادة العليا بعد تشكيلها سواء للقتال الفردي أو للانضمام إلى جماعات عسكرية أخرى.

15- لا يجوز تبنّي «عملية» باسم تشكيل وإغفال ذكر القيادة العامة «بعد تشكيلها».

16- إذا اشترط تشكيل شرطاً مباحاً فمن حق الطرف الآخر أن يرفض، ويبقى الاتحاد فرضاً شرعياً على الطرفين. أما إذا اشترط قبل الانضمام -لنفسه أو لتشكيله- شرطاً واجباً دل عليه النص فيجب على الآخرين قبول شرطه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولا يجوز تعليق الاتحاد «المفروض شرعاً» على شرط مباح أو واجب، فيلزم الطرف الأول بأداء فريضة الاتحاد، ويُلزم الطرف الثاني بأداء الشرط الواجب.

أدلة الفتوى:

1- من القرآن: قوله تعالى:{إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4]، فالذين يقاتلون «صفوفاً» لا «صفّاً» لا ينالون ذلك الحب من الله، إن لـم ينالوا سخطه. ولأهمية ذلك سمّيت السورة بسورة «الصف».

2- من السنة: قول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ» قالها 3 مرات. رواه أحمد. وقوله: «إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ» الترمذي. وقوله: «إذا خرجَ ثلاثة في سفر فليُؤَمِّروا أحدهم» أبو داود. وهذا في القتال أوجب.

3- الإجماع: لـم نسمع أحداً من علماء الحق يقول بجواز وجود قيادتين لعمل واحد بمكان واحد. ابتداء بإمامة الحكم وانتهاء بإمامة الصلاة، مروراً بقيادة الجيش، ولا يخفى أخذهم بحديث: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا» مسلم.

4- القياس: تستند الفتوى على أصل عام في الدّين يتجلى في مبدأ «الجماعة»، و«الأمة الواحدة»، و«الجسد الواحد»، وفوق ذلك «وحدة المعبود: التوحيد»؛ ومعلوم فضل يوم «الجمعة». وقياساً على هذا الأصل نقول بالوجوب.

5- العقل: من بدهيات العقل أن وجود أكثر من قائد للعمل الواحد يفسد العمل؛ أمَا قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء:22] وقال: {وما كان معه من إله إذاً لذهبَ كلُّ إله بما خلق ولعَلا بعضُهمْ على بعض}؟ [المؤمنون:91] فالتعدد يؤدي إلى النزاع المحظور {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46] ومبدأ عدوّنا «فرّق تسدْ».

6- القاعدة الفقيهة: [ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب]. إن كان الجهاد ضد الحاكم المفسد المحارب لله ورسوله واجباً، وتحرير البلاد منه واجب، ولا يتم التحرير إلا في ظل القتال «صفاً واحداً»، فتوحيد الصف واجب.