رسائل لأفراد المجتمع الحلبي
رسائل لأفراد المجتمع الحلبي
د. عبد الله السلقيني
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد: فإن جبهة علماء حلب توجه الرسائل التالية للمجتمع الحلبي خصوصاً والسوري عموماً ليستعد للمرحلة التالية من المحنة العظيمة التي تمر بها بلادنا، آملين أن يرزقنا الله جميعاً الإخلاص في القول والعمل:
رسالة للأطباء:
أيها الأطباء العاملون على الأرض؛ دوركم لا يقل أهمية عن دور المجاهدين بدمائهم وأموالهم، فبارك الله جهودكم وأوقاتكم.
أيها الأطباء الهاربون؛ إن كنتم مسلمين فأين أنتم من إخوتكم في الدين الذين يقتلون وتسفك دماؤهم ولا يجدون طبيباً يعالجهم.
هل أنتم أطباء؟!! فأين أنتم من يمين أبقراط الذي أقسمتم به قبل مزاولتكم للمهنة.
هل أنتم سوريون؟!! فماذا قدمتم لوطنكم وبلدكم وأهلكم؟!!
رسالة للتجار:
بلاد الشام بلادكم، وبيت المقدس هي قبلتكم الأولى، والخيرية العظيمة التي ذكرتها الأحاديث النبوية الشريفة في بلاد الشام لا يحسن أن تغيبوا عنها، ولا يحسن أن تغيب عنكم، والجهاد في بلادنا قد أصبح فريضة من الفرائض، وفريضتكم في جهادكم بأموالكم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من جهَّز غازيا في سبيل الله فقد غزَا، ومن خَلَّف غازيا في أهله بخير فقد غزا».
فلا تبخلوا بالقليل فتضيعوا كل شيء، ولا تبخلوا فتضيعوا الدنيا والآخرة.
رسالة للجيش الحر:
1- اخلصوا نيتكم لله، واجعلوا غايتكم رفع راية لا إله إلا الله.
2- لا تبطلوا أعمالكم وتشوهوا صورتكم باستباحة دماء وأموال الناس واستباحة المال والدم الحرام، فليست الغاية القتل، ولكن الغاية دفع الناس للعودة إلى الله والرجوع إليه.
فالتقرب إلى الله بالتزام أوامره واجتناب نواهيه هو طريق النصر، فنحن لا ننتصر بقوتنا أو عتادنا، ولكن بإخلاصنا والتزامنا بشرع الله.
3- أيها الجنود والضباط المنشقون في الخارج؛ عودوا إلى الوطن وقوموا بواجبكم، وشاركوا في تحرير بلادكم، وقدموا خبراتكم العسكرية لهذا البلد، وما فقدتموه من الرتب بسبب بعدكم وتأخركم عوضوه بجدكم ونشاطكم وجهدكم على الأرض، وتذكروا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فلا تجعلوا طمعكم فيما كان بين أيديكم، أو فيما تريدونه من أمر الدنياً سبباً في ترك ما يفترض عليكم فعله.
رسالة للطوائف:
احذروا قدر استطاعتكم ما تقوم به العصابة الأسدية من ربطكم بها، وكذبوا ما يشاع عنكم عن طريق بيانات تظهرون فيها وقوفكم مع المظلومين ضد الظالم الجزار، وعن طريق خطوات عملية تثبتون فيها وقوفكم مع الناس، ولا تسمحوا للعصابة الأسدية أن تسخركم لمصالحها الشخصية، فاستمرار الأزمة دون أن توضحوا موقفكم سيزرع الشكوك والأحقاد في القلوب.
وتذكروا أن مصيركم مرتبط بمصير شعبكم السوري، وما يقوله النظام المجرم من ارتباط مصيركم بوجوده هو محض افتراء وكذب، وهو يحاول جاهداً ربط مصيركم بوجوده ليضعكم في وجوه الملايين الزاحفة ليشعل حرباً طائفية، ويختبئ آل الأسد وراءكم.
رسالة لعامة الشعب السوري:
نحن في حالة حرب ضد نظام إرهابي سفاح مدعوم من كل الأنظمة العالمية المجرمة، وهذا يعني أننا سنتعرض لمحن كبيرة تقتضي منا الصبر، فتذكروا قول الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
فلا تُذْهِبُوا ثوابكم باليأس أو الجزع أو الركون لعدوكم الذي يقتلكم ويعتدي على حرماتكم أو الاعتراض على قضاء الله وقدره، ولا تبطلوا أعمالكم باقتراف شيء من ذلك، فتخفقوا في الامتحان والابتلاء. فما خوف الدنيا وجوعها وفتنتها الذي يصيب المؤمن للتكفير من سيئاته بشيء أمام عذاب الآخرة للكافرين في جهنم.
واعلموا أنكم إن قمتم على عدوكم قومة رجل واحد فلن تقوم له قائمة، وإن تقاعستم وترددتم وقمتم أفراداً بقيتم في الذل والتيه أربعين سنة أخرى.
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا
فالنصر بيد الله وليس بيد الجيش الحر، والجيش الحر هو صورة مصغرة عنكم وعن ذنوبكم وأخلاقكم ودينكم، والجهاد فريضة عليكم كما هو فريضة عليهم.
رسالة للإعلاميين:
لا تقولوا كلاماً بدواعي الفخر فتكونوا سبباً في قصف قراكم ومدنكم، ولا تقولوا كلاماً لا فائدة من ذكره فتكونوا سبباً في حملة صليبية على بلادكم، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ لاَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ»، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ».
فأكثروا من الأعمال، واجعلوا أعمالكم أكثر من أقوالكم، واحذروا أن تهلكوا أهلكم بالفخر ، أو أن تبطلوا أعمالكم بالرياء.
رسالة لمعارضة الخارج:
كفّوا عن رهانكم الخاسر على الدول الكبرى ودول الشرق والغرب، وعودوا إلى الشعب الذي ستسألون وتحاسبون عنه في الدنيا والآخرة، وقدموا كشف حساب علني بما جمعتموه باسم حراك الداخل من أموال، وسخّروا ما بقي منها في ما يواجهه هذا الشعب من مجاعة قريبة. ونخشى إن لم تفعلوا ذلك أن ينادي الناس بسقوطكم كما نادى بسقوط النظام من قبل.
رسالة للعلماء وطلبة العلم:
أنتم أول من توجه له الرسالة، فأنتم محاسبون عن جميع الفئات السابقة، فأنتم المطالبون بتحكيم شرع الله والحكم بين الناس بالعدل في المحاكم الشرعية، وأنتم المسؤولون عن توجيه الجيش الحر ورفع معنوياتهم ووعظهم وتذكيرهم بالله، وأنتم المطالبون بالوقوف في المساجد وفوق المنابر، وأنتم المسؤولون عن إرشاد عامة الناس وتوعيتهم. فالكفاية لم تتحقق بسبب النقص الفادح في الكوادر في الداخل.
فالله الله فينا وفي أنفسكم وفي دين الله وفي أهليكم وفي أهلينا، فنحن أول من تسعر بنا النار يوم القيامة.
والرسالة العامة لكل الفئات السابقة هي:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
وأبشروا يا أهل الشام ببركة الشام، ونصر الله لأهل الشام ولو خذلكم جميع البشر.
فأصلحوا ظواهركم وبواطنكم ليتحقق فيكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا فَسَدَ أهْلُ الشام فلا خير لكم، ولا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم مَنْ خَذَلَهُم حتى تقوم الساعة».
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين