حرمة سوء الظن والاتهام بالباطل والخوض في الأعراض
حرمة سوء الظن والاتهام بالباطل
والخوض في الأعراض
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فتفادياً لشيوع الإرجاف والتخذيل بين المسلمين والمجاهدين من حيث لا يشعرون ارتأت جبهة علماء حلب بيان الأحكام التالية:
1- يحرم الاتّهام بالسوء لجماعة بالجملة، فالحديث عن الخير يعمم، والحديث عن الشر يخصّص بالأشخاص الفاعلين للشرّ، ويستثنى من ذلك الجماعة التي عمّ فسادها واشتهر وكان عليه دليل.
2- يحرم اتّهام شخص بذاته من غير بيّنة؛ والبيّنة تكون إما بالمشاهدة، أو بالنقل عن شاهدي عدلٍ، أو بالاعتراف.
3- يحرم اتّهام أحد المتخاصمَيْن دون الاستماع من كليهما. قال تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتُصْبحوا على ما فعلْتمْ نادمين ﴾ [الحجرات: 6].
4- لا يجوز الخلط بين الأخطاء الاجتهادية والجرائم. فمثلاً: الدخول الخاطئ في معركة أو الانسحاب المتسرّع شيء، وارتكاب الجرائم شيء آخر.
5- يجب على الإعلاميين وسائر المتحدثين أن يتحققوا من الأخبار قبل نقلها، وألا يتحدّثوا بكلّ ما سمعوا، كما يحرم تناقل الأخبار والأقاويل التي لا دليل عليها، فذلك من الإشاعة المنهي عنها. عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كَفى بالمَرْءِ كذباً أنْ يُحَدِّثَ بكلّ ما سَمِعَ) رواه مسلم.
ولا يُبرّئهم من الذنب أن يحتجوا بقولهم: سمعنا كذا أو قيل كذا أو زعم الناس كذا! فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (بِئْسَ مَطيّةُ الرجل « زَعَموا ») رواه أبو داوود.
6- يجب الحكم على أفعال الناس حسب الظاهر، ولا يجوز اتهام سرائر الناس أو المحاسبة على النوايا بالظن، فهذا من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله، ونحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر، لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12].
7- يستحب إحسان الظن بنوايا المسلمين، بل يجب ذلك إن توقف عليه الإصلاح بينهم.
مع التنبيه إلى أن النوايا الحسنة لا تُصْلِح العمل الفاسد، فحسن نيتك لا يشفع لك إن أفسدت بسبب قول أو فعل بغير علم.
8- يجب على المتخاصمِيْن والمتقاطعين المؤمنين السعيُ لإعادة صلة الأخوة بينهم، فالبعد والخصومة يؤديان إلى الاتهام وسوء الظن، والقرب والمصالحة يرفعان البغض ويزيلان وساوس شياطين الإنس والجن التي زرعت في صدورهما وأذهانهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا؛ وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) رواه البخاري.
9- النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنقد البنّاء هي الأساليب المشروعة، وهي البديل عن اتهام الناس.
10- تجب النصيحة للمسلم إن طلبها، أو كانت تدفع عنه الأذى، أو تمنعه من فعل المنكر.
11- من آداب النصيحة:
- أن توجّه للمخطئين أنفسهم أو لمن بيده إزالة الخطأ، حتى تكون أكثر قبولاً وفائدة.
- أن تقدم برفق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ) رواه مسلم.
12- في حالة الحرب لا يجوز نقل الأخبار جزافاً ولو كانت صحيحة إلا بعد الرجوع لأهل العلم الشرعي والمختصين بالعمل الإعلامي والعسكري، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَه مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [النساء: 83].
13- توصي الجبهة جميع المسلمين إلى خطورة الوقوع في المحظورات السابقة وقت الحرب، لئلا يتحمّلوا إثم "الإرجاف" وهو نشر الأخبار المُحْبِطة للناس والتي تبعث على الاضطراب في نفوسهم؛ فلقد قال الله تعالى في المُرْجِفين: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ﴾ [الأحزاب].
كما تخص الجبهة بتلك الأحكام أولئك القاعدين عن العمل في سبيل الله، والذين يملؤون المجالس بأحاديث الغيبة والقيل والقال والنيل من المقاتلين، وتذكرهم بقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آل عمران: 168].
والله ولي التوفيق،،،