عجباً لقضايا التعليم في السودان !!!
توثيقي للفن السوداني
مبدع وزمن من ذاك الزمن الجميل
سليمان عبد الله حمد
تمهيـــــــد :
المتناول لقضايا التعليم العالى فى السودان يقف حائرًاً أمام مفترق طرق ، هل يركز على المناهج ، أم على كادر" هيئة " التدريس ، أم على المناخ العام " التعليم الأولى والثانوى وسياسة السلطة الحاكمة تجاه التعليم "
أن نزرع بذرة قمح أو شعير أو ذرة معناه أن نجنى سنبلة من كل نوع . أما أن نأتى بإنسان إلى هذه الحياة ونغرسه فى حقل التعليم معناه أن تحصل على الطبيب والمهندس والمعلم والجيولوجى والعديد من التخصصات . إذن التعليم والتعليم وحده هو الذى يضمن تعدد المجالات وتنوعها لتوفير احتياجات مستقبل الأمة .
إذا تمعنا فى ما هو عليه التعليم فى السودان فى وقتنا الراهن، سنجد أن السلطة ركزت على ما تأكله نتيجة ما تزرعه ! فهل زرعت ؟! وماذا كان عليه حصاد ما مضت من سنين ؟!
و يجب أن نقول شيئا أو ربما نتساءل : من المسئول عن تدنى مستوى التعليم فى السودان ؟! وإلى متى سيظل هذا التدهور فى مستوى التعليم الجامعى بالسودان ؟! هل نحتاج إلى إعادة النظرفى البناء التعليمى ككل ، أى التعليم الأولى والمتوسط والثانوى ثم العالى ؟! أم نحتاج إلى نظام سياسى جديد يضع الكفاءة قبل المحسوبية؟! لقد أصبحت الشهادات كما العملة السودانية فى تدهور مستمر !!!
التعليم العالي في السودان: المشاكل والحلول
هناك العديد من المشاكل التي تعوق تحقيق التعليم العالي في السودان لوظائفه وأهدافه.
فهناك مشاكل متعلقة بالتوازن بين الكم والكيف، فقد اعتمد الاستعمار سياسة الكيف والنوع على حساب الكم ، باحتضان القوى الاستعمارية للعناصر المتفوقة من المتعلمين، وأتاحه فرصه إكمال ثقافتهم سواء في الجامعات التي أنشاها فى السودان (كليه غردون التذكارية كمثال) أو في معاهدها وجامعاتها عن طريق البعثات، بهدف تغريب هذه العناصر وعزلها عن مجتمعها. وبعد الاستقلال اتجهت الدولة عبر النظم المتعاقبة إلى حل مشكله الكم بالتوسع في قبول الطلاب لكن على حساب الكيف والنوع،ولهذه المشكلة عده مظاهر: كإهمال الجوانب النوعية للنظام التعليمي وانخفاض مستوى الطلاب والخريجين، والتوسع في الكليات النظرية(العلوم الانسانيه) على حساب الكليات التطبيقية والعلمية ، والتركيز على أنماط التعليم التقليدية، والتركيز على وظيفه التدريس وإهمال الوظائف الأخرى للتعليم كخدمه المجتمع...
كما أن هناك مشاكل متعلقة بالتوزيع الجغرافي وأهمها مشكله الاختلال في التوزيع الجغرافي لمؤسسات التعليم العالي التي أدت إلى عده نتائج: كزيادة حده التفاوت الاجتماعي بين العاصمة والأقاليم والمدن والقرى، وحرمان الأقاليم من الخدمات التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي ، و الهجرة من القرى إلى المدن...
كما أن هناك مشاكل متعلقة بالبحث العلمي، حيث أن هناك عددا من الأسباب التي أدت إلى انخفاض ومحدودية البحث العلمي:كعدم توافر الإمكانيات المادية والاقتصادية، والنقض في أعضاء هيئه التدريس، وعدم توافر الفنيين ومساعدي البحث، وعدم تدريس ماده البحث العلمي في المستويات الأدنى أو تدريسها بصوره نظريه،وضعف مبدأ استقلاليه الجامعة، والانفصال بين الجامعات والمجتمع...
وهناك المشاكل الاداريه وأهمها الجمود الادارى وعدم المرونة الكافية لاستيعاب مظاهر التجديد، وضعف الرقابه الاداريه،وانفصال الجامعه عن مؤسسات التعليم العالي الأخرى على المستوى الوطني والعربي والاسلامى والعالمي، وتضخم الميزانيات الاداريه واستحواذها على القسط الأكبر من مخصصات الجامعة،واقتصار الجامعات على وظيفة التنظيم مع غياب الوظائف الاداريه الأخرى(التخطيط ،التوجيه، التنسيق، الرقابة)...
وهناك مشاكل متعلقة بالبرامج التعليمية حيث تم وضع اغلب هذه البرامج التعليمية أساسا في الفترة الاستعمارية ،وبعد الاستقلال حدثت محاولات للتغيير، لكن هذه المحاولات كانت جزئيه وأدت إلى حدوث اختلالات منهجيه، بالاضافه إلى مشكله عدم توافر الكتاب الجامعي ،وندره المراجع والمصادر...
وهناك مشاكل متعلقة بالوسائل التعليمية حيث يسود في التعليم الجامعي السوداني استخدام الوسيلة التعليمية التقليدية(اللوحة التعليمية) دون الاستعانة بالوسائل غير التقليدية...
كما أن هناك مشاكل متعلقة بطرق التدريس حيث يعتمد التدريس على الطريقة التقليدية اى الإلقاء(المحاضرة)دون استخدام الطرق غير التقليدية...
كما أن هناك مشاكل متعلقة بنمط التعليم العالي حيث يعتمد التعليم العالي في السودان على النمط التقليدي للتعليم العالي(الجامعة بشكلها التقليدي)مع إهمال الأنماط غير التقليدية للتعليم العالي...
وهناك المشاكل المتعلقه بالتمويل،فقد اتجه التعليم إلى سياسة الخصخصة وإلغاء الدعم الحكومي، مما يؤدى إلى الإلغاء الفعلي لحق التعليم ونقض مبدا المساواة وتكريس الطبقية التعليمية ،ولا مجال للمقارنة مع المجتمعات الليبرالية الغربية العريقة لان هذه المجتمعات وصلت إلى درجه من الرخاء المادي يجعل من الممكن تطبيق سياسة الخصخصة التعليمية بالاضافه إلى انه حتى هذه المجتمعات لديها أشكال من الدعم الحكومي غير المباشر (المنح،التخفيضات والإعفاءات الضريبية....).
وأخيرا يمكن أن نقدم مقترحا ببعض الحلول للمشاكل السابقة الذكر ومنها :
تحقيق التوازن بين الكم والكيف...
وتطوير الاداره التعليمية...
واستحداث أساليب التعليم القائمة على مشاركه الطلاب ...
وتفعيل دور مؤسسات التعليم في خدمه المجتمع من رعاية صحية،الإرشاد والتوجيه، محو الاميه، تعليم الكبار...
واستحداث أساليب وطرق تمويل تستند إلى واقع اتجاه التعليم إلى سياسة الخصخصة وإلغاء الدعم الحكومي المباشر دون أن تؤدى غلى الإلغاء الفعلي لحق التعليم ونقض مبدأ المساواة وتكريس الطبقيه التعليميه ،وذلك باستحداث مصادر تمويل مختلفة ،وتنشيط الاستثمار فى مجال التعليم ،تنشيط اشكال الدعم الحكومى غير المباشر(المنح،التخفيضات والاعفاءات الضريبيه....)...
والاستفادة من الخبرات العالمية في تطوير التعليم بما لا يتناقض مع القيم الحضارية للامه... والاستعانة بالوسائل التدريس غير التقليدية( الصور، الخرائط، الرسوم البيانية، المتاحف، المعارض، الأفلام التعليمية التسجيلات الصوتية ،المحاضرات والندوات ،الرحلات والزيارات ،التمثيليات و المسرحيات ،الاذاعه والتلفزيون... واستخدام طرق التدريس غير التقليدية كالحوار، المشكلات، المشروعات، التعيينات، الوحدات...
والأخذ بالأنماط غير التقليدية للتعليم العالي كالتعليم عن بعد والجامعة المفتوحة والجامعة الشاملة والتعليم قصير الدورة وجامعه بدون جدران والتعليم التعاوني وفقا لفلسفتنا التعليمية والمشاكل التي يطرحها واقعنا. وتفعيل مشاركه الطلاب في العملية التعليمية عن طريق تفعيل دور الاتحادات والروابط والجمعيات العلمية والثقافية .... وتفعيل النقابات التعليمية...
وتفعيل الدور الخدمي والثقافي والاكاديمى والاجتماعي للاتحادات الطلابية بدلا عن الاقتصار على النشاط السياسي، و أن يكون للنشاط السياسي في الجامعات دور نشر الوعي السياسي وليس مجرد أداه للأحزاب السياسية واعتماد أسلوب الحوار بدلا من العنف والأساليب السلمية في التعبير عن الراى بدلا عن التخريب...
والعمل على أن لا يتناقض تعريب التعليم العالي مع تدريس اللغات الأخرى أو الاتصال بالعالم الخارجي والإسهامات العلمية للمجتمعات الأخرى وبشرط توفير شروطه من توفير الكتاب المعرب ، والترجمة المستمرة للكتاب العالمي، وتأهيل الأستاذ الجامعي...
هذه بعض التأملات الفكرية التي قد تسهم ولو بقدر ضئيل في تصحيح مسار التعليم العالي بالسودان ... فهل من يرفع اللواء .. لأن مشروع المليون يبدأ بخطوة صغيرة ثم الصغيرة بتكبر ... فهل أنت معي ...
هذه وقفات فيها كثير من التقاسيم الملونة ولكن برؤي فيها كثير من الإشفاق على مستقبل جيل الغد الذى نعول عليه كثيراً في بناء مسيرة الإصلاح ...فهل أنت معي ...