أقول لنفسي: إذا كان هذا لا يعجبك هات البديل
أقول لنفسي: إذا كان هذا لا يعجبك
هات البديل
زهير سالم*
ما أكتبه هنا مجرد مقاربة وطنية للخروج من دائرة الشر التي أغلقت – مع الأسف – علينا وراح البعض يحاصر العمل الوطني فيها . أقول مقاربة للصادقين ثقة بهم ؛ أما الآخرون فنعلم أنهم يؤدون دورا قد كلفوا به ، ووظيفة قد انتدبوا إليها . (( لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ )) .
أقول للصادقين – مرة أخرى - وهم من كثير هذا الشعب الطيب : ليتوقف الجميع عن رجم الجمار . ليتوقف ذلك من كل الأطراف . وليتوقف التراشق بالعجز وبالإثم والتضييع والتفريط . يجب أن يتوقف هذا لأنه أصبح دوامة للإثم ومشجبا للشر ، وذريعة للمتقاعسين والمشككين والمثبطين .
ليتوقف هذا لأنه يخدم مشروع بشار لا مشروع الثوار . يخدم مشروع إظهار الفرقة والتناحر والتخويف من المستقبل . ويظهر المعارضين وهم يتربصون ببعضهم أكثر من استعدادهم للدفاع عن الأهل والوطن ..
أقول هذا لا رغبة في تغطية على سوء ، ولا تعمية على قصور ، من أراد النصح فللنصيحة مداخلها . ومن لم يعجبه أمر فله عنه متحول .
أقول هذا وأنا واحد ممن قد لا يعجبه ما يفعله الكثيرون ، و لا يرضيني ما يقولون ولا ما يكتبون أيضا . تريح نفسك أقصد أريح نفسي من كل هذا بأن أقول : إن كنت قادرا فاصنع الأفضل وقل الأحسن واكتب الأجمل . يقول علماء الحياة إن البقاء للأصلح . في عصر ديمقراطي علينا أن نثق بخيارات الجماهير في المفاضلة بين ما نقدم ، وليس بالعمل على التشويش على هذه الخيارات .
تعج ساحة العمل الوطني ما قبل الثورية وما بعدها بالعديد بل بالكثير من الأحزاب والتجمعات والهيئات . ومن حق الناس جميعا أن تختار . إن كنت واثقا من بضاعتك قدمها واعرضها بثقة . وليس من طرائق الدعاية التجارية أو السياسية الناجحة أن تذكر عيوب الآخرين ، وأن تنشغل بشن الحملات المضادة عليها . ( هات ما عندك ) عبارة تجدها كثيرا في كتب التراث العربي . وليكن هذا هو منهجنا منذ اليوم .
تسمعه يصرخ لماذا لم يفعلوا ؟ وأجيبه ولكن لماذا لم تفعل أنت ؟ سيقول الناس مكنوهم أو أعطوهم أو وثقوا بهم – ستدخلنا في قضية الدور – فلماذا لم يمكنوك ولم يعطوك ولم يثقوا بك . أكتب هذا للصادقين وأذكر بالأثر : شر الناس العيابين .
ولأكون واضحا ومبينا لستُ راضيا عن كثير مما نحن فيه ، وعلى أكثر من مستوى وطني ثوري ودعوي وسياسي واجتماعي واقتصادي ، ولكن قلة الرضا هذه لا يجوز أن يتم التعبير عنها بالتسخط على الناس ، واتهامهم ، وتثبيط الناس عنهم ، وهدر القليل الذي أنجز ؛ وإنما يتم التعبير عنها بالجهد المكمل إن وجدنا أساسا صالحا ، والمقوم إن وجدنا اعوجاجا عارضا ، أو بتأسيس بديل صالح إن وجدنا قدرة على صناعة البديل ..
لماذا أكتب هذا ؟
أكتب هذا لأنني أسمع أصواتا لا أشك في صدق لهجة أصحابها تنغمس في التعبير عن شكوى أصبحت مملة ومؤذية ومدمرة للذات والمشروع ، أريد لها أن تنتقل إلى التفكير الإيجابي . هذا ما أنجزه هؤلاء العاملون . لا عليك منهم ( هات ما عندك ) ، قدم الأفضل وتجاوز ضعف الضعفاء ، وقصور القاصرين . وإساءة المسيئين . ولن يكون أحد على المشروع الوطني ضربة لازب
إن الهجوم على الآخرين ، والتنديد بضعفهم وقصورهم واتهامهم بالعجز ليس بطولة . ولا هو فعل إيجابي . ولا هو إنجاز يقدمه البعض للثورة . ولا ينبغي أن يكون هذا معراجا لانتزاع إعجاب جمهور ديمقراطي الأصل فيه أن يسأل هذا الذي يبعق بإدانة أخيه : وماذا قدمت أنت ؟ نحن لا نتطهر برجم الآخرين ، ولا بلعن العصاة والمذنبين . نحن نتطهر بما نقدم من خير واسمع معي إلى توجيه رب العالمين
(( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.))
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية