خطوات مقترحة من أجل مناقشة شعبية للدستور
خطوات مقترحة من أجل مناقشة شعبية للدستور
بدر محمد بدر
أيام قليلة وتنتهي اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، من وضع اللمسات الأخيرة على مواد أول دستور مصري يكتبه الشعب، ويصبح متاحا بالتالي لكل مواطن أن يطالع ويلمس ويقدر الجهد الكبير، الذي بذله أعضاء هذه اللجنة الموقرة، وينفتح أيضا الباب واسعا أمام الناس للنقاش والجدال حوله.
وبالطبع سوف تزداد، ولا أقول تبدأ فهي قائمة حاليا، شراسة حملات التشويه والتضليل والتزوير، التي يقودها التيار العلماني بكل فصائله، للطعن في مشروع مواد الدستور الجديد، وسوف يجتهد محترفو الهدم والفوضى في إيهامنا بأن المستقبل أكثر سوءا وسوادا، وأن مشروع الدستور سوف يؤدي بنا إلى التهلكة، وسوف نسمع الأعاجيب والأكاذيب على شاشات الفضائيات، وأيضا ـ للأسف ـ في محطات التليفزيون الرسمي، التي لم تبرأ بعد من هؤلاء العلمانيين المضللين.
هذه الأكاذيب والافتراءات يجب مواجهتها عبر أكثر من محور: الأول أن تقوم الأحزاب الكبيرة ذات الثقل الشعبي، وهي الأحزاب والتيارات ذات المرجعية الإسلامية، مثل "الحرية والعدالة" و"النور" و"الوسط" و"البناء والتنمية" وغيرها، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي تمتد في كامل ربوع الوطن ببذل جهد ميداني حقيقي ومتواصل، لشرح مواد الدستور لأبناء الشعب، ومناقشتهم في جوانبه المختلفة، والرد على بعض ما يثيره هؤلاء العلمانيين من ادعاءات كاذبة.
والمحور الثاني أن يقوم معالي السيد وزير الإعلام بالتأكد بنفسه، ومن خلال الأجهزة المعاونة له، من حيادية ـ ولا أقول حكومية ـ وأمانة واحترافية الأداء المهني في قنوات التليفزيون الرسمي، الأرضية والفضائية، التي يدفع الشعب المصري أجور موظفيها ومعديها وإعلامييها، فلم يعد مقبولا أن تساهم هذه القنوات في تضليل الشعب، وإشاعة اليأس والإحباط والخوف، عبر الإصرار على استضافة شخصيات لا تمثل إلا نفسها، تساهم متعمدة في خرق سفينة الوطن.
المحور الثالث هو واجب ومسئولية الجنود المجهولين في اللجنة التأسيسية، وهو أن يقوموا بالمشاركة في شرح الصورة الحقيقية لمشروع الدستور الجديد، عبر وسائل الإعلام وفي مؤتمرات جماهيرية تتحرك في كل المحافظات والمدن الرئيسية، وأن يقوموا بالمقارنة بين مشروع الدستور وبين دساتير مصر السابقة، إضافة إلى المقارنة بدساتير دول أخرى متقدمة، حتى يعرف الشعب الحقائق الناصعة، ويناقش دستوره بحرية، ولا ينخدع بالأكاذيب التي تذاع هنا أو هناك.
صحيح أن الجهد الميداني سوف يكون صعبا ومرهقا ومكلفا، لكن المؤكد أن تأثيره الإيجابي المباشر أقوى بكثير من حناجر فلاسفة الفضائيات وفقهاء القانون وخبراء السياسة المزعومين، هذا التأثير المباشر لا يقارن بتأثير وقتي تقوم به وسائل الإعلام، يسهل زواله سريعا إن وجد حوارا مجتمعيا مباشرا، والدليل واضح من جهد الإخوان المسلمين الميداني، الذين نجحوا بامتياز في اقناع الرأي العام بفكرتهم ورموزهم، بالرغم من الحملة المسعورة ضدهم في كافة وسائل الإعلام.
يتبقى بعد ذلك أن يتم تحديد موعد رسمي قريب لإجراء الاستفتاء العام على الدستور الجديد، بعد أن تتاح فرصة زمنية مناسبة للحوار حول مواده، وأتمنى ألا يتأخر هذا الموعد عن منتصف نوفمبر المقبل، كي نشرع بعدها في التحضير لإجراء انتخابات جديدة لاختيار أعضاء مجلس الشعب الجديد، بعد شهرين من نتيجة الاستفتاء، أي خلال شهري يناير وفبراير 2013، لنستكمل مؤسسات الدولة الحديثة، ثم يتبقى بعد ذلك إجراء الانتخابات المحلية.
إن فريقا يبذل كل ما في وسعه من أجل إشاعة الفوضى، وإعادة الوطن إلى الوراء، نكاية في الصعود الشعبي للإسلاميين، وحزنا على مكتسبات تمتعوا بها في العهد الفاسد، ولهؤلاء أقول: لا تفرحوا كثيرا فمصر تتقدم إلى الأمام، رغم كيدكم.