نقطة نظام في مسألة الفيلم المسيء
نقطة نظام في مسألة الفيلم المسيء
أ.د. حلمي محمد القاعود
الفيلم الذي بثه المجرمون المعادون لله ورسله لينال من نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - يمثل مظهرا من مظاهر التمرد الطائفي الذي قامت به الكنيسة الأرثوذكسية في مصر طوال أربعين عاما في ظل رئيسها الراحل شنودة .
قد يكون لأميركا دور ما عن طريق أجهزة مخابراتها التي ترعي ذراع التمرد الخائن في واشنطن ، وقد يكون للقس المتعصب تيري جونز الساعي للشهرة وجلب الدعم المالي لكنيسته التي لا يرتادها إلا قلة محدودة دور أيضا ، وقد يكون لليهود القتلة دور كذلك في دعم الفيلم بالأموال والإعداد والإخراج والتمثيل ، ولكن يبقى دور الخونة النصارى الذين ولدوا في مصر وعاشوا خارجها الدور الأكبر ، لأنهم يتحركون وفق تخطيط إجرامي حقير ظل يتنامى على مدى أربعين عاما ويتحرك بحرية دون خوف من مساءلة أو من تيار شعبي رافض ، أو شعور بمسئولية وطنية تفرض الوحدة والكفاح ضد الاستبداد والفاشية .
التمرد الطائفي في مصر له تجليات عديدة – عبرت عنها في أربعة كتب - كانت تصوره الآلة الإعلامية للنظام الفاسد البائد على أنه فتنة طائفية بين طائفتين إحداهما إسلامية وأخري ليست كذلك ، ومازالت هذه الآلة تلح على أن الأمر مجرد فتنة طائفية تتأجج عقب حادث هنا ، وحادث هناك ، بيد أن الأمر كان تخطيطا مجرما لتقسيم الوطن و حرمان الأغلبية الساحقة من التعبير عن دينه وشريعته وهويته الحضارية ، منطلقا من مبادئ جمعية الأمة القبطية الإرهابية ، واستطاع النظام المستبد الفاشي أن يساعد المتمردين الطائفيين في خطف الطائفة الأرثوذكسية وعزلها عن المجتمع ، وزرع في يقينها أن الكنيسة هي السلطة المدنية أو الزمنية ، وهي المرجع الأول والأخير ، وأن الحكومة المصرية لا علاقة لها بهم اللهم إلا في تنفيذ أوامر الطائفة التي يطرحها المتمردون بكل صلف وغطرسة وعنجهية .
المخطط الطائفي المجرم تحرك في أكثر من اتجاه ، واستخدم أكثر من ذراع ، وحقق نجاحات لا بأس بها ، في مقدمتها بث الرعب في قلب النظام الفاشي المستبد ، وإخضاعه لرغباته وإرادته ، لدرجة تدخل المحكمة الدستورية العليا لإيقاف تنفيذ القانون النهائي بإلزام رئيس الكنيسة بالزواج الثاني بالنسبة للمطلقين النصارى ، وقد أعلن بمنتهى التحدي للدولة والقانون : أن الإنجيل هو القانون بتفسيره الشخصي ، وليس بتفسير الكهنة السابقين وقانون 38 .!
لقد جندت الكنيسة في عهد شنودة رجال الدين ورجال المال والإعلام والصحافة والتعليم والأحزاب الكرتونية لتنفيذ إرادة التمرد الطائفي والتشهير بالإسلام وشريعته ، والإصرار على إبعاد الإسلام عن الحياة والمجتمع والدستور والقانون ، وقد أنفق أغنياء النصارى كثيرا من الأموال لتغذية التمرد الطائفي ، ولم يكن غريبا أن ينفق رجل أعمال طائفي متمرد ملايين الجنيهات بلا حساب على إنشاء قنوات تلفزيونية وصحف يومية وأسبوعية وجمعيات ثقافية لتجنيد أبواق تحمل أسماء إسلامية لدعم التمرد وتبنى قضاياه الخيانية والدفاع عنه بالكذب والزور والبهتان ، مقابل عطايا ضخمة لم تحلم بها هذه الأبواق العميلة في يوم من الأيام .
لقد استطاع التمرد الطائفي أن يمد أذرعته إلى الخارج ، فأقام مئات الكنائس والاتحادات الطائفية التي تحولت إلى ما يشبه السفارات للكنيسة المصرية في الخارج ، بعد أن تحولت هذه الكنيسة في الداخل إلى دولة داخل الدولة ، بل فوق الدولة ، وكانت زيارات رئيس الكنيسة إلى هذه السفارات تشبه زيارات رئيس الدولة المصرية للدول الأجنبية ، بل تفوقها أهمية وتغطية في بعض الأحيان ، واستطاعت هذه السفارات أن تكوّن ما يسمى بأقباط المهجر .
وصار أقباط المهجر ذراعا من أقوى أذرع التمرد الطائفي حيث يصدرون البيانات ، ويعقدون المؤتمرات والندوات التي تحظى بدعاية ضخمة ، وفي الوقت نفسه تطرح قضايا في غاية الخطورة على مستقبل الوطن ، ويصمّ الإعلام الفاسد عندنا أذنيه عن مناقشة ما يجري فيها ، أو مجرد الإشارة إليه ، ويعده أمرا لا قيمة له أو غير مؤثر على حياة مصر والمصريين ، وهو منهج اتبعه اليهود الغزاة في مرحلة الاستيطان والإعداد لتقسيم فلسطين قبل 48 .
من روجوا للفيلم الشيطاني في واشنطن يعملون منذ سنوات على تقسيم مصر جهارا نهارا ، وأعلنوا عما يسمى الدولة القبطية ، وعن حكومتها ورئيسها ومساعديه ، ويرسلون على مدى السنوات الطويلة الماضية للكتاب والصحفيين والمثقفين ، وكل من يظهر له عنوان الكتروني رسائل ألكترونية تتهجم على الإسلام والمسلمين مصحوبة بأحط الأوصاف لنبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم – واتهام المسلمين في مصر بأنهم غزاة بدو متخلفون يجب طردهم وتحرير مصر منهم ، وهناك أوصاف أخرى أعف عن ذكرها تتضمنها رسائل الخائن الطائفي المدعو موريس صادق !
ولم يكن غريبا أن يعلن هذا الخائن الطائفي إعجابه بالغزاة اليهود الذين احتلوا في فلسطين ،وخاصة المجرم النازي اليهودي أفيجدور ليبرمان ويهنئهم في مناسبة احتلالهم فلسطين ، ويؤيد احتلال اليهود القتلة للقدس ويدعي أنها حق لهم ، ويزغرد لانفصال السودان ، ويبشر بتقسيم مصر على غرار السودان ..وغير ذلك من تعبير صريح عن خيانة واضحة وصارخة !
للأسف السلطة في مصر حتى الآن لم تتخذ إجراء ضد هؤلاء الخونة الذين أغرقوا البلاد والعباد في صراع لم يكن هناك مسوغ له ، ولكنهم فرضوا على المسلمين معركة غير متوقعة ، وراح المسلمون يتظاهرون ويتصارعون مع بعضهم أمام السفارات ، وفي الميادين العامة ويسقط منهم جرحي وقتلى ، والخونة في وكرهم الشيطاني يرتعون ويلعبون ويرقصون فرحين بما حققوه !
نقطة النظام هنا لماذا سكتت عنهم الكنيسة منذ زمان ولم تحاكمهم أو تشلحهم كما فعلت مع نظمي لوقا الذي مدح نبي الإسلام – صلى الله عليه وسلم - والقس إبراهيم عبد السيد الذي رفض الانصياع لآراء رئيس الكنيسة المتمردة ؟
الكنيسة بيدها مفتاح ردع هؤلاء روحيا وعمليا ، ولكنها اكتفت ببيان يشجب الإساءة إلى الأديان ؟ وعجبي ؟؟؟