مرحبا بأخونة الدولة

علاء الدين العرابي

مرحبا بأخونة الدولة

علاء الدين العرابي

عضو رابطة الإسلام العالمية

[email protected]

مصطلح أخونة الدولة في عرف الذين أشاعوه يعني أسلمة الدولة فالخوف من الأخونة هو نفسه الخوف من الأسلمة لأن مشروع الإخوان ينطلق من الإسلام الوسطي ، واعتقد أن هذا الخوف له ما يبرره من ناحية واحدة فقط ألا وهي أن يستحوذ فريق واحد على مؤسسات الدولة ، وإن كان هذا مقبولا في عرف الديمقراطية ، فرئيس أمريكا مثلا يعين خمسة آلاف من أتباعه فور انتخابه ليعينوه على تطبيق برنامجه

 ورغم أن هؤلاء لم يستطيعوا أن يقدموا دليلا على الأخونة ، ورغم أن قرارات الرئيس تسير عكس الأخونة إلا أنهم يصرون على موقفهم

تقول لهم ليس هناك دلائل على الأخونة لا في تشكيل وزارة قنديل ولا في رؤساء تحرير الصحف يقولون لك ذقن الدكتور قنديل أكبر دليل على الأخونة

 وقد سمعت تحليلا لأحد مفكري التيار الليبرالي أخيرا بأنه لا يخشى من أخونة الوزارة ولا الحكم ، ولكنه يخشى أخونة أجهزة الدولة كالجيش والشرطة ، والمجلس القومي للصحافة وغيرها

وسوف يظل هؤلاء يصدرون المصطلح إعلاميا ثم يحاولون تصديره للشعب المطحون الذي يحاول جاهدا أن يمني نفسه بحياة مستقرة بعد حياة بائسة في عهد نظام ظالم فاسد ، وبعد فترة انتقالية ارتفعت فيها الجريمة بكل أنواعها أضعافا مضاعفة كما جاء في تقرير وزير الداخلية الذي يشير على سبيل المثال إلى أن جريمة الخطف ارتفعت من 400 حالة في عام 2010 إلى 1800 في 2011 ، وبلغت 1600 حالة في السبعة شهور الأولى من العام 2012 أي أنها متصاعدة

سوف يظل هؤلاء يدورون في فلك غش الشعب بدعوى الخوف عليه من الإخوان المسلمون ، والقضية ليست الخوف على الشعب ولكنها الكره للإخوان واستكثار وصولهم إلى الحكم لأن في يدهم مشروع إسلامي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما يشير القرآن الكريم " الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور " الحج41

 هذا المشروع الذي يقلق الفنان الذي يمارس المنكر ويصدره للناس على أنه الفن ، ويقلق السياسي اليساري أو الليبرالي الذي يري العودة إلى حكم الإسلام رجعية وتخلف ، ويقلق الإعلامي الذي يمارس الانتهازية ويصورها للمتلقين على أنها حرية الرأي والفكر حتى ولو كانت مغلفة بالكذب والافتراء ، وأنا في كل هذه النماذج لا أعمم ولا يصح لي ذلك

وأعود إلى مصلح الأخونة وأسأل هؤلاء عن مدلوله ؟ 00 إذا كانوا يقصدون بأخونة الدولة إشاعة فكر الإخوان الذي هو فكر الإسلام الوسطي فما الضير في ذلك ؟ 00 وهل كتب على مصر الفكر القومي أو الفكر اليساري أو الفكر الليبرالي ، أم أصبح هذا الفكر أو ذاك من المسلمات نظرا لطول الأمد أو نظرا لتبني الإعلام له ؟ !

 إنني أفهم أن يقوم حزب ويؤسس على برنامج وطني يدخل به حلبة الصراع السياسي ويكون هدفه الوطن ، وأفهم أن يقوم تكتل ما من أجل خلق معارضة قوية تصحح مسار السلطة إن حادت عن الطريق ، بشرط أن يكون لديه هدف شريف لصالح الوطن ، ولكنني لا أفهم أن تكون قضية الوطن الأولى هي إقصاء جماعة الإخوان المسلمون

 إنه ليحزنني أن تشحذ القوى السياسية غير الإسلامية قواها في تكتلات حزبية أو تحالفات شعبية ، ليس حبا في الوطن بل كرها في الإخوان والتيار الإسلامي ، ودليل ذلك أن يجتمع اليساري بالليبرالي وهما ضدان لا يلتقيان أبدا إلا إذا وصل الإسلاميون للحكم

 أقول لهؤلاء مرحبا بأخونة الدولة إن كانت ستجلب لمصر الاستقرار والأمن والنهضة والرقي ، مرحبا بها إن كانت ستضع مصر على خارطة العالم المتقدم ويجتمع من حولها العرب والمسلمون ، مرحبا بها إن كانت تعيد مصر إلى الفكر الإسلامي وتجعل من مصر منارة الإسلام

 وأقول لهؤلاء لا مرحبا بكم إن قدمتم لنا فكرا غريبا عن أرضنا ومعتقدنا ، لا مرحبا بكم إن كنتم تتسترون وراء دعاوى الحرية للوصول إلى الحكم ، وترفضون فصيلا بعينه لأنه يرفع راية المرجعية الإسلامية ويفهم الإسلام على أنه عقيدة وشريعة ، وأنه دين وسياسة ، وأنه فقه وأخلاق ، وأقول لهم لا مرحبا بكم إن كنتم ترفضون الإسلام وتزينون هذا الرفض بقولكم أنكم مسلمون ، وأخيرا أقول لهؤلاء لا مرحبا بكم إن كنتم تجرون مصر إلى العهد البائد الذي دمر مصر وشعبها.