أخوات لاجئات لا سبايا
جعفر عبد الله الوردي
يفرّ السوريون يوميا بالآلاف من مناطقهم ومدنهم التي خلفوها ركاما، هذا إذا لم يخلفوا بين الركام ابنا أو أبا أو أما ..
ولا تنتهي المأساة بهذا الفرار والنزوح واللجوء، بل يزداد ضراوة مع كل مكان يقدمون إليه ومع كل تعامل من الجهات التي نزحوا إليها ..
إن كان النزوح داخل البلد –سورية- فهو أمر قد يكون هروبا من الموت بصورة، رحيلا إليه بصرة أخرى..!
وأما الهروب خارج الوطن إلى دول الجوار، تلك التي أبدت امتعاضا وثقلا من هؤلاء الضيوف الثقلاء –حسب ما توحي به نفسيات الدولة- ..
فالنازحون حينها يقتلون إحساسهم ومشاعرهم لألّى يتأثرون بأي طارئ خارجي، مما يؤثر على عزة أنفسهم أو كرامة مشاعرهم..
الأنكى من كل ذلك ما راح يتناقله الناس في دول الجوار والدول العربية من الزواج بالسوريات بغية الستر عليهن وبغية إعالتهن..
وكان الترويج لهذا الموضوع بصيغة منتنة قذرة، تتنافى والحس الإنساني والأخلاقي، فضلا عن أي خلق عربي أو إسلامي..
وإن حصل زواج مثلا، فإن الرجل يعامل تلك المرأة معاملة منة وسبية، وكأنه تفضل عليها بهذا الزواج..
إن أولئك الناس الذين ينظرون إلى المصائب والرزايا بهذا المنظار المنحطّ ما هم إلا حثالة مجتمع وحثالة أمة، أهكذا يستغل العرب بعضهم بعضا، وهكذا يروّجون لبعضهم البعض، وهكذا يستقبل الناس البلاء والقتل ليستقبلهم إخوانهم بفكري جنسي عبودي قبيح ..!؟
الذين يفكرون ويعتقدون بهذا التفكير ويروّجون له، ليضعوا نساءهم وأخواتهم وبناتهم مكان تلك المرأة السورية العفيفة -واللواتي بعضهن أشرف منه مكانة ونسبا- ، نعم ليضع أمه مكان تلك المرأة وليسمع من غيره من العرب ما يروّج الناس للزواج منها وكيف يتناقلون الخبر بصورة فكاهية ممقوتة..
إن هذا الفكر البهيمي يجب أن يزول من تلك العقول المتعفنة، التي كل همها أن تعلف وتنكح وتنام، لا تعرف لله ولا للناس ولا للمصائب قدرها، ولا يهمها إلا نفسها وشهواتها الدونية..
عقول يجب أن يحجر عليها ويعاقب من يروج لها وينادي بأفكارها؛ لأنه مساس بالشرف والأخلاق في وقت أصعب ما يكون..
لا أتذكر حينها إلا مثلا أحسائيا شهيرا يقول (سبحان من قسّم العقول وجعل في بعضها فسو) ..!