نتكلم عن تجربة إسلامية قادمة للحكم 5

نتكلم عن تجربة إسلامية قادمة للحكم

وإذن ما الذي ينتظر التجربة..؟

(5)

محمد السيد

[email protected]

قال تعالى: ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين* لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)) الأنعام: 162_163

إن العبادة في الإسلام ليست محصورة بالصلاة والصيام والزكاة والحج وحسب، بل إن العبادة في الإسلام تشمل أفعال المسلم وأقواله كلها في حياته الدنيا. وذلك ما قالته الآية الكريمة من سورة الأنعام: ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين))، وهو ما بينته الآية الكريمة التي بعدها فقالت: إن ذلك أمر من الله: ((لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)). وتأصيلاً مع الآيتين الكريمتين، يمكننا توضيح ما ينتظر الحراك الإسلامي وتجربته القادمة بموضوعين هما:

1_ القدوة الحسنة.

2_ البرامج والسياسات السديدة.

وفي هذه المساحة المتاحة لنا اليوم، سوف نتكلم عن الموضوع الأول الذي هو:

1_ القدوة الحسنة

إن النموذج السديد والفعل الرشيد، هما اللذان يرسخان الحراك واتجاهه على الأرض وداخل المجتمع، ولقد مقت رب  العزة من المؤمن أن يقول ما لا يفعل، وذلك بقوله جل من قائل: ((كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) الصف: 3 وفي الوقت نفسه، بيّن للمسلم طريق النجاة والفوز في الحياة الدنيا وفي الآخرة إذ قال جل وعلا: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)) الأحزاب:21، وإن أعظم النتائج المترتبة على اتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة، هي نجاح المسعى دنيوياً وأخروياً؛ فالحراك الإسلامي لا يقبل على الحكم من أجل السلطة والهيمنة والحصول على الامتيازات، لا وألف لا؛ إنما هو يقبل عليها من أجل إصلاح الأحوال، والسير بها لتكون البلاد ملاذاً آمناً للناس،تضمن الكرامة والعزة لهم، وتضمن حياة معيشية طيبة، فيها التضامن والتكافل والتعاضد في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع. كما فيها الحبّ والتوادد والمواطنة التي تحمي حق كل إنسان في المجتمع مهما كان دينه أو كان رأيه وتوجهه، شرط أن لا يكون خارجاً على تواضعات المجتمع الكبرى، أو يكون خارجاً على القانون والدستور الحاكم، وذلك دون إدخال الناس في الحرج، بل إن ذلك كله يدخل جميعه في أبواب اليسر والتيسير على الناس، اتباعاً لقوله سبحانه: ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) البقرة: 185 وقوله جل جلاله: ((وما جعل عليكم في الدين من حرج)) الحج: 78، واستجابة لتوجيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (عليكم من الأعمال ما تطيقون) رواه مسلم والبخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الدين يسر) رواه مسلم والبخاري.

وإذن، فإن المطلوب من السلطة القادمة للحراك الإسلامي أن تكون في التطبيق قدوة حسنة في الأعمال والأقوال، عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان والعمل قرينان، لايصلح كل واحد منهما إلا مع صاحبه) رواه الحاكم. وإن هذه القدوة تعمل بما يأتي:

·  أن يكون رجال الحراك في السلطة القادمة قدوة في الأخلاق، وفي الاختلاط بالناس ومشاركتهم همومهم، ودراسة السبل التي تفيدهم وتنصحهم، وفي نظافة اليد ونزاهة السلوك والتصرف، وتحمل الأعباء بأريحية ورشاقة واجتهاد حسن.

·  أن يكونوا وسطيين ميسرين مبشرين لا منفرين، يراعون أحوال الناس وقدراتهم، خصوصاً الضعفاء منهم: ((وجعلناكم أمة وسطاً)) البقرة:143، وذلك دون إدخال الناس في حدود الحرج.

·  وأن يبتغي الحراك وجه الله في كل ما يفعل وما يتصرف به وما يسلك من سلوك، وذلك كي ينجح المسعى، وتتحقق أهداف الحراك الإسلامي من استعادة للثقة بدين الله العلي الكريم، راغبين بكل ما يفعلون رضا الله، ومبتغين الأجر والفضل منه وليس أجر الدنيا ومالها وجاهها، كما يفعل الجاهلون، الذين يجلسون على السّدة في بعض البلدان؛ فالحراك الإسلامي ينشد الالتزام بآية الله الكريمة: ((وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)) هود: 88

وأخيراً ، فهذه بعض نظرات فيما هو مطلوب من الحراك الإسلامي المقبل على تسلم شيءٍ من السلطة، كي يكون بها وبغيرها التي على شاكلتها خادماً لدينه أولاً، ثم لشعبه وأمته بما يصلحهما ويسدد طريقهما إلى الرفعة والسؤدد واستعادة مكانتهما بين الأمم.