عن إدانة إحراق القرآن في أمريكا
عن إدانة إحراق القرآن في أمريكا
صلاح حميدة
أقدم قس أمريكي مغمور على إحراق المصحف الشّريف بعد أن حاكمه ووجده مداناً!!، وأثارت هذه الجريمة غضب المسلمين في العالم الإسلامي، ويذكر أنّ هذا القسّ المغمور يسعى للحصول على الإهتمام الإعلامي، والتّبرّعات الماليّة، وزيادة الأتباع من خلال اقترافه لتلك الجريمة، الّتي تعدّ ضمن سياق عام من الإسلاموفوبيا في الغرب، وحرص أطراف يمينيّة عنصريّة على استغلالها لخدمة أهدافها ورسالتها المعادية للإسلام والمسلمين في العالم.
حصل هذا القسّ على ما أراد من الإهتمام الإعلامي والإثارة، عندما أعلن عن نيّته بإحراق القرآن قبل فترة طويلة، ولكنّه أهمل إعلاميّاً بعدها، وقد قام بحرق المصحف حاليّاً أملاً بجلب بعضاً مما فقد. ولكن بعض المسلمين والمهتمّين بالشّأن الإسلامي في الغرب لاحظوا أنّ جهل وعنصريّة هذا القسّ- الّذي قال أنّه لم يقرأ القرآن- خدم المسلمين والقرآن، وزادت نسبة الباحثين عن القرآن والرّاغبين في قراءته والتّعرّف على الإسلام والمسلمين، وبالتّالي أصبحت الفرصة مواتية للدّعوة للإسلام والتّعريف به، وبدلاً من أن يذهب المسلمون لغير المسلمين ليدعوهم للإسلام، أصبح غير المسلمين يأتون للمسلمين طالبين تعريفهم بالإسلام والقرآن، ففعل الحرق مستنكر ومنبوذ من أغلب النّاس، مع أنّه يلاقي استحسان المتطرفين العنصريين، وبالتّالي شكّل ردّة فعل لدى مستنكريه ليتعرّفوا على الإسلام ويقرأوا القرآن، وبالتّالي لم تكن ردّة فعل المسلمين في الولايات المتّحدة الأمريكيّة عصبيّة وحادّة، لأنّ المسلمين لمسوا ردّة فعل غير المسلمين الإيجابيّة على هذه الجريمة.
لفت نظري علو صوت إيران في إدانة واستنكار هذا الفعل، ومطالبتها للولايات المتّحدة بمنعه وإدانته، وقامت وسائل الإعلام التّابعة والحليفة لها بالتّعاطي مع الموضوع بنفس الدّرجة من التّغطيّة و اختيار نوعيّة المصطلحات، فبشكل عام إدانة هذه الجريمة الجبانة مطلوبة، ولكن يثير هذا الموقف تساؤلات عن جرائم أخرى وقعت بحق المصاحف والمساجد وأئمة المساجد والعلماء وإراقة دماء الناس والتّمثيل بجثثهم، وبحقّ الله الّذي خلق القرآن والنّاس والمقدّسات في سوريا الّتي يدافع النّظام الإيراني عن من يقترفون تلك الجرائم فيها.
فالنّظام الإيراني لا يدافع فقط عن هؤلاء المجرمين، بل يدعمهم ماليّاً وعسكريّاً وسياسيّاً وإعلاميّاً ودينيّاً عبر فتاوى رأس النّظام ( الوليّ الفقيه)، ويعتبر هذا الدّفاع عن المجرمين معركته المصيريّة، فهل حرق مصحف في أمريكا مستنكر، أمّا حرق مصاحف وتدنيسها، وحرق البشر وتقتيلهم، وتدمير المساجد وقتل العلماء وإهانتهم وتعذيبهم والسّخرية منهم غير مستنكرة ومباحة دينيّاً ويجب نصرة مقترفيها لأنّه يقع على يد حليف إيران في سوريا؟!!.
عندما أهدر الخميني دم سلمان رشدي قبل سنوات، تعاطف المسلمون مع تلك الدّعوة، مع أنّها لم تقدّم للإسلام أيّ خدمة، وأصبح رشدي مشهوراً وثريّاً ومحميّاً، مع أنّه لا قيمة أدبيّة لكتابه حسب نقّاد ومثقّفين غربيين، ولولا الفتوى لبقي مغموراً فقيراً منبوذاً لا يعرف أحد، ولكن كان عامّة المسلمين يرون في الجمهوريّة الإيرانيّة وثورتها مدافعاً عن الإسلام والمسلمين، أمّا بعد ما اقترفته المخابرات الإيرانيّة في العراق من جرائم، وما تفعله إيران وأنصارها بحقّ الشّعب السّوري، وميولها الإستعماريّة العدوانيّة بحق دول الخليج العربي، فقد أصبح موقفها من حرق المصحف إدانة لها وليس عملاً إيجابيّاً يحسب لها.