ما بين الثورة و الثروة

معاذ عبد الرحمن الدرويش

معاذ عبد الرحمن الدرويش

[email protected]

إذا كان وضع البلد مستقرا ً و آمناً، يكون الوطن و الشعب و ثروات الوطن كلها ملكاً لحاكم الوطن.

و لا يحق لأحد أن يتساءل عن ثروات الوطن ، لانها في جيوب أمينة ، و إذا ما تطاول احد و تساءل عن ثروة الوطن يذهب بدون رجعة.

و بما ان الوطن و ثروات الوطن و أهل الوطن ملكاً لحاكم الوطن، فإن كل بناء منحة منه و كل عطاء هبة من جوده و كرمه و لا يوجد  مشروع في الوطن إلا من تأسيسه و تصميمه و تنفيذه .

و على الرعية ان يسبحوا بحمد الحاكم صباح مساء و هو ولي نعمة خبزهم و مالك أرواحهم بيده.

و إذا ما سلبت ثروة من ثروات الوطن بطريقة ما  من عدو خارجي او صديق طامع  ، سرعان ما تعود الثروة المسلوبة لأهلها الحقيقين ، و تشحذ الهمم و تجيش الجيوش و يزج بالناس البسطاء في حروب لا ناقة لهم بها  و لا جمل ،.

في سبيل استرداد ثروة الوطن لحاكم الوطن.

و الحاكم الإله الحكيم يستأنف سهراته الشهرزادية مع غوانيه في حين أن  الناس البسطاء يدفعون في سبيلها دماءهم و ارواحهم  في سبيل كذبة الوطن المسروق.

هذه هي حالة كل بلداننا العربية لوقت قريب ، و نحن نتحدث عن السودان اليوم كونه أخر البلدان العربية تطوراً مع انه  أغناها و آخر معاقل الديكتاتورات البائدة.

السودان صاحب أكبر امبراطورية ثروات  في الوطن العربي و هو المعروف بسلة غذاء العالم العربي حيث ان ما يملكه من مساحات و ثروات  زراعية و حيوانية تكفي الوطن العربي بأكمله.

هذا بالإضافة إلى ثرواته المعدنية و النفط.

صاحب أكبر مساحة في البلدان العربية انقسم و انشطر و مهدد لانشطارات جديدة.

و إذا كانت الحكومة السودانية مخلصة و ووفية كان حري بها ان تستقيل و ترحل في حال عجزها عن منع التقسيم ، لكن بما أنها هي اكبر من الوطن فانقسام الوطن خير من انقسامها و هزيمة الوطن أهون من هزيمتها.

و ما دامت الحكومة قبلت بالتقسيم  ، و لم تجيش الجيوش له ، و بعيدا عن الحق و الباطل لماذا اعتبرت موضوع هجليج نهاية العالم ؟

و شمرت عن ساعدها و شحذت الهمم و جيشت الجيوش و لم تنتظر الصباح حتى كشرت عن أنيابها بوجه من كانوا قبل أيام أبناءها.

لكن الحقيقة أن الحكومة السودانية  المهددة و المرشحة الأقوى بأن تجتاحها رياح التغيير من أجل ذلك  لم تنتظر الصباح و كانت بالنسبة لها فرصة لا تفوت لزج البلاد في حرب باسم الوطن و ثروات الوطن للمحافظة على كرسي العرش لا أكثر .

في حين انها  عندما قامت  القوات الأمريكية بضرب مصنع الادوية في  العاصمة السودانية احتفظت الحكومة بحق الرد إلى يوم القيامة! .

و لو ان حكومة السودان حريصة على الوطن لحاربت من أجل التقسيم و ليس من أجل هجليج .

اما الوطن فقسم و فتت.

 و ثروات الوطن ما بين المسلوب و بين المهمل منذ عشرات السنين.

رغم كل الجراح في القلب و في الوطن الحبيب سوريا .

فإن جرح تقسيم السودان لا يزال ينزف و جرح زج السودان في حرب داخلية نخاف ان يفتح و لا نجد له مداوياً لعشرات السنين.

و أعداء اليوم هم أبناء الوطن بالأمس.

ألا ترون معي أن عقلية  كل الديكتاتوريات في الوطن العربي  ليست سوى"كبي بست"

فهل تنجح حكومة السودان باسم ثروة الشعب أن تنأى بنفسها بعيدا عن ثورة الشعب....