كيف نرحب بالقرار الروسي في مجلس الأمن ؟!
كيف نرحب بالقرار الروسي في مجلس الأمن ؟!
زهير سالم*
لا يغيب عن عقل المتابع ولا عن قلبه كذلك أن القرار 2043 الذي وافق عليه مجلس الأمن هو قرار روسي بامتياز . مهدت الحكومة الروسية أرضيته ، وحددت بدقة سقفه ، واشترطت وتحسبت وحذرت ما شاء لها حرصها على نظام بشار الأسد وحمايته ووقايته حالا ومستقبلا أن تفعل ذلك ..
لقد حاصر شلال الدم السوري الحكومة الروسية في زاوية صعبة ، وفرض عليها أن تتظاهر أمام الرأي العام الإنساني بحرص مموه عن سلام وعن استقرار وعن رغبة في دور دولي يدفع عن الشعب السوري بعض أزيز الرصاص الروسي الذي يخترق رؤوس الأطفال وقلوب الأمهات . وحين تجد المعارضة السورية نفسها على المستوى الدولي محاصرة بالقرار الأممي أو الروسي كخيار وحيد فإن عليها أن تعرف كيف تتعامل بدقة معه ..
الترحيب المفتوح بالقرار الروسي ليس بالموقف السياسي الرشيد ، ولا بد أن يقترن أي تعامل إيجابي مع هذا القرار بالمطالبة الحاسمة للحكومة الروسية بوقف تزويد القاتل الرسمي على الساحة السورية بأدوات القتل . ولا بد من مطالبتها بالتوقف عن المناورة بالإصرار على الحديث عن العصابات المسلحة بنفس لغة النظام الذي يدعي الروس جهارا أنه الجهة الشرعية التي تستحق الدعم والتأييد . لابد من تذكير الروس أن قرارهم إياه يقوم على ست نقاط وأن عليهم أن يباشروا الضغط على وليهم بتنفيذ هذه النقاط بالعمل عليها على التوازي وليس بأي شكل من أشكال التراخي أو الترتيب الزمني .
والشرط الأهم في قبول المعارضة السورية لهذا القرار أو لترحيبها به أن يكون لتنفيذ بنود هذا القرار سقف زمني يلتزم النظام به ، وإلا فيعتبر القرار ساقطا والمبادرة ميتة . لا يستطيع الروس مثلا أن يطالبوا ( العصابات المسلحة ) أن تسحب دباباتها وآلياتها من المدن والأحياء ، ولا تستطيع أن تطالبهم بإطلاق سراح المعتقلين أو السماح بوصول المواد الإغاثية للمتضررين ...
في ديوان العرب ( تعلموا قبل أن تسودوا ) لأن الخطأ من الكبير في موقع السيادة كبير . وحين نسمع البعض يلقي ترحيبا مفتوحا بقرار مجلس الأمن أو القرار الروسي على إطلاقه يبدو لنا أن السياقات الوطنية تتوه أو تتيه في طرق الضياع . وقديما قالت العرب أيضا ما كل بيضاء شحمة ولا سوداء تمرة .
إن القرار الروسي الأممي يمكن الترحيب به نعم ولكن وفق إطار ضابط من الزمان والآليات والغايات . يجب دائما أن نكون الأكثر حرصا على قضايانا من الآخرين . ونجعل لكل دعوى أجلا ينتهي مدعيها إليه . لا أظن أن الثلاثة أشهر مهلة معقولة يمكن لأحد أن يسكت عليها وقبل الخلاف على عدد المراقبين أظن ثلاثة أيام كافية للتكبير أربعا على ما تكفل به الروس ووقع عليه مجتمع دولي لا يريد أن يتحمل أي مسئولية عملية إزاء ما يجري في سورية كلمتان مختصرتان قالتهما أعرابية يوما لعمر نقولهما لمجلس الأمن أو لبان كيمون أو كوفي عنان : اقترب بخير أو دع ...
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية