الحركات الاسلامية والبحث عن الذات
الحركات الاسلامية والبحث عن الذات
ثامر سباعنة
سجن مجدو - فلسطين
بدأ الربيع العربي يحل على المنطقه جالبا معه كما هائلا من التغيرات والتبديلات على الساحة السياسيه العربية ، ومن ابرز هذه التحولات هو صعود الحركات الاسلاميه ووصولها الى الحكم في معظم الدول التي انتصرت فيها الثورة ، قد تتعدد الاسباب التي ادت لهذا النجاح الاسلامي لكنه ليس بالنجاح الآمن الذي لا يواكبه الكثير من الاشكالات ، خاصة ان الاسلاميين انتقلوا مباشره من سجون الاعتقال الى كراسي مجالس الشعب والحكم ، وهذا ليس بالأمر البسيط والسهل .
وجود الاسلاميين في سجون الانظمة السابقه وتعرضهم للتعذيب والتهميش من قبل الانظمه جعلهم يكسبون تعاطف الشارع العربي ، لكن وصولهم للحكم سيجعلهم أمام أعين الشارع وسيكونون محاسبين عن أي فعل يقومون به ، كما أن الحركات الاسلامية قد انتقلت من النطاق التنظيمي المحدود إلى المجال الوطني الواسع، والفضاء الإقليمي والدولي اللامحدود وهذا يتطلب منها اعادة تنظيم امورهم وترتيب اوراقهم من جديد ، على ان تبقى الحركات الاسلامية ضمن مرجعيتها الاسلاميه الواضحة .
من اكبر الإشكالات التي ظهرت على السطح أن الإسلاميين قد مضوا في عملية الطمأنة للغرب أكثر مما ينبغي، فيما يتعلق بقضايا الأمة وعلى رأسها فلسطين، ولا ينبغي أن تكون نتيجة الطمأنة هي إثارة القلق لدى محبي ومؤيدي التيار الإسلامي، وإفقاده الثقة بهم وبمصداقيتهم ثم إن هناك العديد من الإجراءات والمواقف التي يمكن اتخاذها لنصرة فلسطين، دون أن يعني ذلك بالضرورة استعجالاً للمواجهة مع أميركا و"إسرائيل ، علما أن الصعوبات التي تاجههم والتي تدعوهم الى طمأنة أطراف دولية عديدة لا تأتي من فراغ بل لها دوافعها وأسبابها والتي جعلت من الإسلاميين فزّاعة ترهب العالم .
الواقع الجديد وحجم الآمال التي تحملها الشعوب يجعل من مهمة الاسلاميين مهمه صعبه ، لكنها ليست بالمستحيله خاصه ان الحركات الاسلاميه اندمجت مع تطلعات الشعوب وامتزجت بهم لتصبح قوية بقوة الشعوب وقادره على العطاء ، وإن يكون الطرح الإسلامي واضح المعالم والأطر والرؤية، ولا ينبغي أن يقع في أسر القطرية والمحلية، ولا في أسر التعبيرات الملتبسة والمواقف الضبابية التي تفقد الحركات الاسلاميه ثقة الشارع .
تحتاج الحركات الاسلامية اليوم الى وقفة جادة لمراجعة وتقييم مسيرتها، وإعادة صياغة رؤيتها لتفاصيل ومكونات المشهد المحلي والإقليمي والدولي، كي تتمكن من تحصين ذاتها وترشيد مسارها وتستقيم على طريقة قويمة تؤهلها لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة، مما يعني أن الحاجة تبدو أشد ما تكون مساسا لإعادة تأصيل وتقنين موقف الحركات الاسلامية وسياستها تجاه العديد من القضايا والملفات الرئيسة داخليا وخارجيا.