حول مهرجان انتخاب رئيس مصر الحرة

حول مهرجان انتخاب رئيس مصر الحرة

بدر محمد بدر

[email protected]

يعيش الشعب المصري الحر في هذه الأيام حالة من النشوة والفرحة، والشعور بالكرامة والكبرياء، مع فتح باب الترشح لأهم وأرفع منصب في الدولة، وهو منصب رئيس الجمهورية، ويصاحب هذا الشعور تنافسا وطنيا غير مسبوق لسحب أوراق التقدم للانتخابات، وهي المرحلة الرابعة من خارطة الطريق، بعد اختيار لجنة إعداد الدستور الجديد، وصولا إلى حكم مدني نهاية يونيو المقبل.

ولست منزعجا من كثرة عدد من تقدم لسحب الأوراق، فهذه أمنية كنا نحلم بها ونتمناها، أن تتاح فرصة انتخاب رئيس الجمهورية من بين كثيرين، وليس الاستفتاء على شخص واحد فقط، وبالطبع لن يتمكن أغلب هؤلاء من تنفيذ الشروط المطلوبة لقبول الأوراق، وربما ينجح ما بين أربعين وخمسين شخصا في المنافسة، وهذا في تقديري شيء إيجابي، حتى ولو خرج الشعب المصري مرتين؛ الأولى لاختيار أفضل اثنين، ثم لاختيار واحد من اثنين تصدرا السباق إلى النهاية.

إنها تجربة جديدة تماما على الشعب المصري، ولأول مرة يتاح لنا، بحرية ونزاهة وكرامة، اختيار رئيس بلدنا، بعد أن كان يتم شغل هذا المنصب الرفيع إما بالوراثة الملكية أو بالانقلاب العسكري أو بالوراثة الجمهورية! ومن الطبيعي في هذه التجربة الجديدة أن تكون هناك مشكلات وملاحظات وخلافات في الرؤى، ولكن الأهم في نظري هو أن الجميع الآن يملك الحق الكامل في اختيار من يتولى إدارة شئون الوطن، وأصبح صوت المصري له أهمية كبرى في أي انتخابات قادمة.

ومن الطبيعي أن ينشغل المجتمع بكل مكوناته بهذا المرشح القادم، الذي يتطلع إلى الجلوس على كرسي رئاسة مصر الحرة، وأن يشارك الجميع في هذا الحوار الإستراتيجي المهم؛ عن مواصفاته وآرائه ومواقفه، وتاريخه السياسي والنضالي، وخطته لبناء الوطن من جديد، ويتحفنا الإنترنت أحيانا بأفكار ومقترحات مفيدة، ومن بين ما قرأته هذا الأسبوع في هذا المجال، ما ورد من أحد أصدقائي على الفيس بوك، حول معايير ومواصفات اقترحها لاختيار رئيس الجمهورية المقبل.

يقترح الصديق العزيز أن يتم تقدير موقف مرشح الرئاسة، بناء على مجموعة من المعايير والمواصفات، وفق نسب مئوية محددة، منها معايير تتصل بعلاقته بالشعب (إلمامه بالواقع المصري، وقدرته على أن يكون رئيسا لكل المصريين، وتبني مشروع وطني، وعلاقته بالنخب السياسية) ومن يحقق هذه المعايير يحصل على 30 في المائة، و20 في المائة عن علاقته بالنظام القديم ورؤيته للثورة ومشاركته فيها، و20 أخرى تتعلق بمهام الرئاسة، وخبرته السياسية والإدارية.

ويواصل الصديق تقديم رؤيته، التي دعمها بتكوين فني جميل، يوضح أحجام هذه النسب المئوية، ويحدد 10 في المائة لمعايير تتصل بمواصفاته الشخصية (الصفات القيادية والسن والحالة الصحية وتوافق أفكاره وأيديولوجيته للثقافة المصرية ونظافة يده)، و10 في المائة تتعلق بالعالم الخارجي من حيث علاقته بالعرب والعالم، ومدى قبول الخارج له، أما العشرة في المائة المتبقية فهي تتعلق بالناخب نفسه، الذي يرى مدى ارتياحه نفسيا للمرشح، وتقديره لفرص فوزه بهذا المنصب.

إنها إحدى ثمار الحرية والديمقراطية في مصر الثورة، والشعور بأهمية ما يجب أن ننشغل به كمواطنين من هموم وآمال، وما نطرحه من أفكار واجتهادات، وأيا كان شخص الرئيس القادم، فهو اختيار الأغلبية الحرة، التي خرجت بكل حماس وثقة وكبرياء لاختيار أعضاء مجلسي الشعب والشورى، وعبرت عن ثقتها فيمن تراهم الأصلح، وهو أيضا ابن مصر البار الذي اختارته لقيادة سفينة الوطن الغالي في هذه المرحلة التاريخية، ولن يعود الفرعون أو الطاغية أو المستبد، فالتاريخ لن يعود أبدا إلى الوراء.