سيناريوهات نجاح الثورة السورية تتوقف على إرادة الشعب
سيناريوهات نجاح الثورة السورية
تتوقف على إرادة الشعب
عصام عبد الشافي
كما لم يكن متوقعاً عند الكثيرين ان تقترب الثورة من مصر أو ينهار نظام مبارك، باعتباره، عند الكثيرين، من أعتى الأنظمة واكثرها رسوخاً واستقراراً وقدرة على ضمان أمنه، حتى لو كان هذا الاستقرار على فساد. كذلك لم يكن متوقعاً ان تقترب الثورة من سورية، ونظامها الأكثر قمعا وقهراً وتسلطاً بين النظم السياسية في المنطقة العربية، ولكنها ارادة الشعوب التي لا تحدها حدود ولا تقف على توقعات المحللين وتنبؤات العرافين، وها هي الثورة السورية تقترب من عامها الأول، دون يأس او خفوت في قوة المد الشعبي الثوري.
ومع تصاعد جذوة الثورة، في مقابل تصاعد بطش النظام، ثار الجدل حول السيناريوهات التي يمكن ان تأخذها هذه الثورة، وكيف ستكون نهايتها، وقبل رصد هذه السيناريوهات، يجب التذكير بأن هذه الثورة قامت على عدة مكونات أساسية، اجتماعية، سياسية، ثم عسكرية:
الأول: المكون الاجتماعي: ويتمثل في تلك الملايين الثائرة عبر ربوع سورية، وكانت أداتها الأساسية المظاهرات السلمية، وهؤلاء هم من تعرضوا للقتل والاعتقال والتعذيب، ولأسباب سياسية واجتماعية متداخلة شكلت البيئة السنية الاطار الطبيعي للثورة، لكن قيم الثورة ومحركاتها خاطبت جمهورا واسعا، من أصول دينية ومذهبية غير سنية بل وغير اسلامية كذلك.
الثاني: المكون السياسي: ويشمل التشكيلات السياسية التي تنسب نفسها الى الثورة أو تعمل على خدمتها، وفي مقدمتها المجلس الوطني السوري، وللمجلس الوطني ميزتان مهمتان: الأولى هي ما حظي به من تأييد شعبي، يجعل منه أقرب الى تمثيل الوطنية السورية الجديدة، والثاني ان قياداته والشخصيات الأبرز والأكثر ديناميكية فيه مستقلة في الأصل، وليست حزبية أو من أوساط المعارضة التقليدية.
الثالث: المكون العسكري: ويتكون من جنود وضابط انشقوا عن الجيش السوري، بجانب مدنيين حملوا السلاح في وجه النظام لأنهم ملاحقون أو متعاونون بصورة ما مع الجيش الحر.
وفي ظل هذه المكونات الداخلية وأهميتها تبرز الأطراف الخارجية ومحورية دورها في ادارة الصراع، وهنا برز تياران على طرفي نقيض، الأول: التيار الداعم للثورة السورية ويضم معظم الدول العربية، ومن خلفها الدول الغربية وتركيا، وعدد كبير من دول العالم، بلغ نحو 137 دولة هي تلك الموقعة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المندد بممارسات النظام القمعي في سورية، والتيار الثاني، الداعم للنظام السوري، ويضم روسيا والصين اللتين تحدتا العالم واستخدمتا الفيتو ضد مشروع قرار أممي يدين ممارسات النظام السوري، وبجانبهما تأتي ايران وحزب الله في لبنان.
وأمام هذا التعدد في الأطراف والتداخل في المصالح، يأتي السؤال ما هي البدائل المتاحة أمام الثورة السورية، حتى تحقق أهدافها؟
أولاً: البدائل الداخلية
البديل الأول: الانقلاب العسكري
وقوع هذا البديل يكاد يكون ضعيفا، ذلك ان الجيش السوري وتركيبته الطائفية من السياسات التي اتبعها النظام، فعبْر حكم «الأسدين» كانت هناك عملية ممنهجة لهيمنة الطائفة «العلوية» على مؤسسة الجيش، خاصة على مستوى قيادات الصفين الأول والثاني وجعل ضباط الطوائف الأخرى في الصفوف الخلفية للجيش. وهذه السياسة كانت تمارس بشكل واضح للشعب السوري، وكان الهدف منها حماية النظام الطائفي في سورية.
كما ان عمليات الانشقاق التي تحدث من قبل بعض الضباط هي حالات انشقاق فردية لن يكون لها أي ثقل ميداني الا اذا اعتمدت على الصدى الاعلامي، بحيث يمكن ان تؤسس لحركة انشقاق ذات تأثير قوي لقطاعات من الجيش يمكن ان تحسم المسألة.
وقد يأتي هذا الانقلاب من داخل النظام، من قبل أشخاص كانوا أو صاروا ضده. وليس من قبل المقربين جدًا للرئيس، لأنهم يشاركونه مسؤوليته عن كل ما حدث.
البديل الثاني: بقاء النظام
ويقوم على محاولة الأسد امتصاص الاحتجاجات عبر وعود اصلاحية وحلحلة بعض الملفات الشائكة خاصة ملف الأكراد، ويكون هناك اتباع لعملية الاحتواء المزدوج باتباع سياسات المنطق الأمني واتخاذ اجراءات الاعتقال التعسفي والتمشيط الأمني، والوصول للقيادات الدينية والسياسية والاجتماعية واقناعها بالوقوف بجوار النظام عبر عناوين كبيرة مثل الحفاظ على الوحدة الوطنية والمؤامرات الاقليمية والدولية على سورية.
البديل الثالث: انهيار النظام
من خلال الضغط على النظام من جميع الاتجاهات في الداخل والخارج، ولكن هناك عدة مشكلات تجعل من حدوث انهيار النظام سريعا أمرا مستبعدا، منها: قدرة نظام الأسد، الذي يتمتع بتأييد كبير من الجيش والنخبة، وشرائح أخرى من السكان، على اطالة أجل نهايته الدموية بمساعدة أطراف خارجية، وتسارع الصراعات الطائفية التي تفرق بين العلويين وغيرهم من الأقليات وبين غالبية السكان السنة، مما يضاعف التوتر في لبنان المجاور، حيث يمكن ان ينظم المقاتلون السنة صفوفهم ويشنون هجمات داخل سورية، وكذلك السنة في العراق، ومحاولة قيام الأسد وايران وحزب الله بالعمل على انقاذ النظام السوري، ولديهم الوسائل للقيام بذلك، من خلال توجيه قوتهم العسكرية في معركة من أجل وجودهم الجماعي. واستدراج اسرائيل الى صراع كبير دون ان يبدو الأسد أو حزب الله مسؤولين عن ذلك. وهنا سيكون على الولايات المتحدة وحلفائها الاستعداد لترتيب ضربة وقائية عسكرية واسعة النطاق، وتنفيذها بسرعة، من أجل مواجهة هذ الموقف الخطير بشكل مسؤول.
البديل الرابع: الحرب الأهلية
وهذا البديل هو الأكثر دموية، وليس من صالح أحد ان تصل الأمور الى هذا الحد، لأن للحرب الأهلية طابعها الطائفي الذي سيؤدي الى استقطابات حادة، فالنظام يحرض المعارضة على استخدام العنف وقد يؤدي هذا الى وضع يصعب السيطرة عليه. ففي بداية الأزمة كان من الممكن استدراك الوضع بالقيام باصلاحات سياسية وبايقاف العنف. ولكن، ومع تطور الأوضاع، صار بشار لا يسيطر على قواته، وقد تبدأ الحرب الطائفية بين القوات المسلحة، بمشاركة المدنيين والوحدات العسكرية المنشقة، وتمتد الحرب وتشمل سورية كلها.
البديل الخامس: التغيير السلمي
ويقوم على تمدد الاحتجاجات في جميع المناطق السورية لتأخذ شكل ثورة سلمية تقوم على كاهل الشباب وبتبنٍّ من القيادات المجتمعية لهذه الثورة. يدعم ذلك طبيعة التركيبة الديموغرافية للمجتمع السوري تؤهل لوقوع هكذا بديل، فالمجتمع السوري يتسم بالتنوع الشديد والفريد، وفيما لو قررت العشائر الانضمام للثورة، فان هذا البديل واجب الحدوث.
وقد أعلنت رموز عشائرية في سورية، بالفعل في 14 فبراير 2012، عن تشكيل تكتل أحرار العشائر العربية لمواجهة النظام السوري، والتحضير لمرحلة ما بعد الأسد، مؤكدين ان بعض القبائل السورية ساهمت بدور فعّال خلال الثورة، فيما تواصل قبائل أخرى وقوفها الى جانب النظام في قمعه للمحتجين. وقال الشيخ «هزاع محمد الحسين التركاوي»، أحد مؤسسي الكتلة الوطنية للقبائل والعشائر السورية: ان أكثر من 70 قبيلة سورية تقف الى جانب الثورة وتنشط فيها، وهو ما دفعهم لانشاء تكتل سياسي يسهم في اسقاط النظام الحاكم».وعن الكتلة، قال التركاوي: انها تسعى لتحقيق مطالب الشعب في اسقاط النظام بجميع أركانه ومنظوماته، من خلال دعم الثوار في سورية، والعمل على تأييد ودعم الجيش السوري الحر الذي يقوم بحماية الثورة المدنية من عصابات الأسد».
ورغم ان هذا البديل، ممكن الحدوث، فان بنية النظام والتداخلات الاقليمية قد تعيق حدوث هذا البديل مما قد يؤدي الى اخفاق نجاح الثورة السلمية المأمولة.
ثانياً: البدائل الخارجية
في ظل البنية الحالية للنظام السياسي في سورية فانه من الصعب تخلي السلطة القائمة عن مهامها أمام الاحتجاجات الداخلية فقط، وهو ما يفتح المجال أمام البدائل الخارجية، ومنها:
البديل الأول: الخروج الآمن للنظام
ويقوم على ان التحالف الدولي الذي يواجه الأسد يعد صفقة كبرى تتخلى عن المطالبة باستقالته، وخروجه بشكل آمن. مع تشكيل فريق قوي ذي كفاءة من المراقبين العرب والدوليين، ينتشر في أنحاء البلاد من أجل التحقق من سحب أسلحة الجيش الثقيلة واطلاق سراح السجناء السياسيين. ويكون لهذا الفريق وجود دائم، ويمكن للمواطنين الوصول اليهم لتسجيل الشكاوى حول العنف الذي يقترفه أي طرف. مع عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية خارج سورية، برعاية جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وتمهيد الطريق لكتابة دستور جديد والتعددية الحزبية، ومراقبة اجراء الانتخابات البرلمانية، والانتخابات الرئاسية.
البديل الثاني: نموذج اتفاق الطائف السوري
ويقوم على تقليص صلاحيات الرئيس السوري وتوسيع صلاحية مجلس الوزراء الذي يرأسه سني والاتفاق على توزيع المناصب في الادارات العامة، وفقا لنسبة عادلة تضمن تمثيل مختلف شرائح المجتمع.
البديل الثالث: الحصار الاقتصادي
فهناك عاملان يوفران فرصة لزيادة الضغط على نظام الأسد من خلال الحصار الاقتصادي بحيث يطيح به، العامل الأول هو التحول في دور جامعة الدول العربية، فبعد سنوات من العجز أصبحت تتحدث عن دعمها لممارسة الضغط، وسحب أعضائها سفراءهم من دمشق، وأنهت عمل بعثة المراقبة، وفرضت عقوبات على النظام. أما العامل الثاني فيتمثل في تركيا التي تعد أقوى دولة اسلامية في الشرق الأوسط، والتي تملك حدودا طويلة مع سورية، اضافة الى فرض حصار بحري لمنع عمليات التصدير والاستيراد عبر البحر، ونقل الأسلحة الى النظام، ووقف الرحلات الجوية التجارية الى سورية، مع توسيع هذا الحظر.
البديل الرابع: التدخل الخارجي العسكري المحدود
تحت مسميات مختلفة، من بينها:
(أ) نشر المراقبين: أي وجود أفراد، أو منظمات، أجنبية، على أرض الدولة المعنية، يمارسون الرقابة دون عمل عسكري، ولكن يعتبرون تحت حماية أجنبية، فاذا تعرّضوا لعدوان ما، يمكن ان يتحوّل التدخل عبر المراقبين الى تدخل عسكري.
(ب) حظر الطيران: صورة من صور التدخل العسكري الأجنبي، ويعني ان تضمن قوة عسكرية جوية أجنبية منع تحليق الطائرات العسكرية غالبا، فوق مساحة جغرافية جزئية أو شاملة لأرض الدولة المعنية، ولا تخوض عمليات قتالية الا في حالتين: تحليق طائرات عسكرية، أو تشغيل محطات رادار استكشافية على الأرض مما يعتبر مقدمة لاطلاق سلاح أرضي مضاد (صواريخ ونحوها) ضد الطائرات الأجنبية.
(ج) الحظر الجوي: صورة أوسع من حظر الطيران، ويبدأ تنفيذه بتوجيه ضربات جوية مباشرة لجميع الأسلحة الدفاعية المضادة للطائرات والصواريخ الأجنبية، لتعطيلها، وتمكين الطائرات الأجنبية من التحليق دون ان تتعرّض لخطر ما.
(د) التشويش الالكتروني: ويستهدف شلّ تقنيات التواصل العسكري وشبه العسكرية، بين مراكز القيادة ومواقع انتشار الأسلحة، ويمكن ان يكون البديل الأفضل، بشرط ألا يقترن بأغراض أخرى كضرب الطاقة العسكرية الدفاعية والهجومية، وبالتالي اضعاف الدولة وتدمير قدراتها.
(هـ) المنطقة العازلة: وتعني حظر العمليات العسكرية في مساحة من الأرض على الحدود غالبا، مع استخدام القوة عند الضرورة لتنفيذ ذلك، والقصد منها تأمين مأوى آمن للمدنيين، أو قواعد انطلاق آمنة لصالح القوة الوطنية المسلّحة ضدّ القوة المسلحة تابعة لنظام حاكم كالاستبداد القائم في سورية.
(و) الممرات الآمنة: تفرض عادة كطرق بين المناطق العازلة وسواها، بغرض تأمين المساعدات المدنية والحركة للمدنيين ولمنظمات الاغاثة والرقابة الخارجية.
البديل الخامس: الصراع بالوكالة
ويقوم هذا البديل على شن حرب بالوكالة، بين العرب والغرب من جهة وروسيا وايران من جهة أخرى، ومن خلاله تراهن الدول العربية والغربية على الجيش السوري الحر، والعمل على دعمه بالمال والسلاح عبر لبنان والأردن وتركيا والعراق، وهنا يمكن تطوير علاقات رسمية مع المجلس الوطني السوري، ومع قيادة الجيش السوري الحر، ومن صور المساعدات التي يمكن تقديمها الى الثوار: مساعدات لوجستية ومعلومات استخباراتية ونظم اتصال واستطلاع. بما يزيد من قدرات الجيش السوري الحر ويزيد من التهديد الذي يشكله على الرئيس الأسد، وتزويد الجيش السوري الحر مباشرةً بالأسلحة والذخيرة، وغضّ الطرف عن الدول العربية التي تساعد الجيش السوري الحر، وفي المقابل تقوم ايران وروسيا وحزب الله بدعم الجيش النظامي السوري.
البديل السادس: التدخل العسكري الشامل
ويقوم على شن حرب شاملة، يمكن ان تطال جميع المنشآت العسكرية والتموينية الحساسة بما فيها المصانع والطرقات ومراكز القيادات وغيرها، وتخضع للقوانين الدولية أثناء الحرب، ويمكن ان تؤدي الى احتلال أجنبي، الا ان التدخل الخارجي المباشر في سورية، يواجه بالعديد من الصعوبات، منها: الجوار الجغرافي مع اسرائيل واحتمال اشتعال حرب اقليمية تجر اليها ايران الحليف الرئيس لنظام الأسد، والتي تقف في حالة مواجهة مع الغرب على خلفية البرنامج النووي، وتهديداتها باغلاق مضيق هرمز حيث تمر أغلب سفن النفط العالمية في منطقة الخليج العربي، وكذلك وجود قاعدة الصيانة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري، وهي القاعدة الوحيدة لروسيا خارج أراضي الاتحاد السوفييتي السابق، وتحظى بأهمية كبرى لدى موسكو، الأمر الذي قد يجعل العسكرية الروسية طرفا في مواجهة ما، اذا تدهورت الأوضاع في سورية.
البديل السابع: بديل التراجع الخارجي
وقد برزت عدة مؤشرات عن وجود تراجع في حماس العديد من القوي والأطراف الاقليمية والدولية عن دعم الثورة السورية، من هذه المؤشرات:
(أ) تعدد التقارير الاعلامية، الصادرة عن وسائل الاعلام المعروفة بموقفها المعارض للنظام السوري عن الصراعات بين ائتلاف القبائل السورية، وعن وجود مبالغات كبيرة فيما تبثه بعض الفضائيات ومواقع المعارضة عن الأوضاع في سورية.
(ب) التقرير الذي نشرته شبكة «سي.ان.ان» الأمريكية عن مسلحين في حي «بابا عمر» في مدينة حمص دون اشارة الى أنهم منشقين عن الجيش السوري، على نحو تم تفسيره على أنه دعم غير مباشر للرواية الرسمية السورية عن وجود مسلحين ينفذون عمليات ارهابية في أكثر من منطقة سورية.
(ج) تناول الخلافات التي تفجّرت داخل المجلس الوطني السوري المعارض، والتي تعبر عن وجود ارتباك داخل المعارضة يُعبّر عن خلافات بدأت تطفو على السطح بين أنقرة وباريس على خلفية الاصرار الفرنسي على الحديث عن ملف الابادة الجماعية للأرمن، فالمجلس الوطني السوري هو ائتلاف بين قوى تدعمها انقرة وأُخرى تدعمها باريس فيما التمويل قطري، ولذلك لا يستبعد ان يكون وراء الانقسام في المجلس الوطني أسباباً تتعلق بالخلاف بين داعمي هذا المجلس، الى درجة ان اسم رئيسه برهان غليون بات يُشتَم في تظاهرات بعض المحتجين في المدن السورية.
(د) الحديث عن دور للقاعدة في سورية، وخاصة بعد ان أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري دعمه «للانتفاضة» في سورية، داعياً «أسود الشام» الى «الجهاد» وعدم الاعتماد على العرب والغرب وتركيا. وقال الظواهري: «لا زالت سورية الجريحة تنزف والجزار ابن الجزار بشار ابن حافظ لا يرتدع»، وأضاف «لقد هب الشعب السوري المجاهد الباسل ولن يقبل باقل من النصر على الجزارين المجرمين ليقيم في شام الرباط والجهاد باذن الله وقوته دولة تحمي حمى الاسلام». وذكر ان «ابطالنا الاشاوس المجاهدين يزدادون كل يوم ثباتاً وصبراً وصموداً واستبسالاً ويخوضون معركة العزة والكرامة ضد النظام العلماني الطائفي».
ودعا الظواهري الشعب السوري الى «عدم الاعتماد على الغرب ولا على امريكا ولا على حكومات العرب وتركيا فانتم أعلم بما يدبرون لكم». وتابع «يا اهلنا في سورية لا تعتمدوا على الجامعة العربية وحكوماتها التابعة الفاسدة فان فاقد الشيء لا يعطيه» .واعتبر ان «كل هؤلاء لا يريدون سورية مسلمة حرة مستقلة قوية مجاهدة ضد اسرائيل ولكنهم يريدون سورية تابعة مستضعفة، تعترف باسرائيل وتتماشى معها وتخضع للظلم العالمي».
(هـ) تعدد التقارير عن مخاوف أمريكية من تسليح المعارضة السورية: ففي 19 فبراير 2012، كشف رئيس هيئة الأركان بالجيش الأمريكي، الجنرال مارتن ديمبسي، عن مخاوف الولايات المتحدة ازاء تزويد المعارضين لنظام الرئيس السوري، بدعم عسكري وأسلحة، بسبب ما وصفه بغموض الوضع في سورية. وقال: «من السابق لأوانه اتخاذ قرار بتزويد حركة المعارضة في سورية بالأسلحة، لأنني أتحدى أي شخص ان يوضح لي، وبشكل لا يقبل الجدل، طبيعة المعارضة السورية في الوقت الراهن».وحذر من ان سورية «أصبحت الآن منطقة صراع مصالح بين أطراف متعددة، ومن بين هذه الأطراف دول مجاورة لسورية، مثل تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، والقوى السنية والشيعية في المنطقة، بالاضافة الى شبكة القاعدة، وجميعها تسعى الى تعزيز موقعها».
بين الداخل والخارج.. الشعب أولاً
مع هذا التعدد في البدائل، يبقي البديل الأول والأخير، وهو قدرة الشعب السوري وصموده واصراره على نجاح ثورته، وتحقيق أهدافه، مستعيناً في بذلك بعدد من الآليات المساعدة، مثل استثمار الحراك العربي الدبلوماسي عبر الجامعة العربية كوسيلة لايصال صوت الثورة الى العالم، والتنسيق مع بعض الدول الناشطة في الملف السوري من أجل مزيد من الحراك الدبلوماسي ودعم الثورة بشتى السبل.
واستمرار الجيش الحر في القيام بعملياته النوعية، مع استمرار الدعم المادي والعسكري، ووجود تخطيط عملياتي دقيق، اضافة الى تنسيق الاتصالات بين مجموعات الجيش الحر، الأمر اليذي يمكن ان يحدث تغييراً في معادلات القوة على الأرض، ويمكن مع المزيد من العمليات النوعية ان تؤثر في الجيش النظامي من حيث ازدياد حركات الانشقاق أو الهروب أو العصيان. والعمل على تفكيك التحالفات المؤيدة للنظام، والتي تضم ايران وروسيا والصين، فعلى الثورة وقادتها ادراك ان دفع ايران خارج سورية من شأنه احداث الكثير من التغيير في المنطقة، وهنا يجب على قيادة الثورة السورية صياغة رسالة طمأنة لايران، مفادها ان مصلحتها مرتبطة ومرهونة بمدى رضى الشعب السوري وليس النظام الحالي.
والعمل كذلك على فهم العقلية التي تدير روسيا والصين والقائمة على تغليب المصلحة على أي مبادئ وقيم انسانية معروفة، من شأنه ان يكون عاملاً مساعداً على كسب الدولتين الى جانب الثورة، خاصة اذا ما تمت صياغة رسالة واضحة لهما، خلاصتها ان مصلحتهما في المنطقة عبر الشعب السوري وليس نظامه.