هل سنشهد تناغم ثالوثي للنكوص ؟؟
هل سنشهد تناغم ثالوثي للنكوص ؟؟
رائدة زقوت
" توقفت بأمر زوجها، أو بعبارة أدق بسبب غيرته من صعود نجمها مقارنة معه " هذا ما قالته لي صديقة عن كاتبة وأديبة كان يشار لها بالبنان، وكانت يمكن لها أن تكون نجمة لامعة في سماء الأدب والإبداع لو أنها استمرت في العطاء والكتابة، في ذات المعنى قامت كاتبة عربية بإطلاق اسم يدل على الخوف العميق أو المرضي على موقعها الالكتروني، مبررة السبب بأنه إهداء لروح صديقتها التي انتحرت بعد سنوات قلائل من منع زوجها لها من الكتابة .
أسوق هذه المقدمة لموضوع متشعب ومترابط بكم من المحبطات التي تعيشها المرأة الأديبة، وما قد تتعرض له لاحقاً نتيجة للمتغيرات التي بدأت تلوح بالأفق وهبطت على أرض الواقع في بعض الدول العربية، ونحن نعيش " الربيع العربي " والذي أخشى أن يكون ربيعاً للبعض وخريفاً يسقط ورقة المرأة من حساباته .
لا أحد ينكر " ازدواجية بعض المثقفين " وظهورهم بأكثر من وجه فيما يخص المرأة الأديبة، ففي حين نجدهم يعتلون المنابر للإشادة بدورها ودعمها، يضيقون الخناق على " خاصتهم " من النساء الأديبات أو المبدعات لدرجة قتل هذا الإبداع، أو إرهاق كاهل المرأة بما يدفعها لإهمال المتابعة، حتى يصبح الأمر من الماضي، أو يصبح الإبداع حالة ترفية لا وقت لها ولا تلزم .
يحصل هذا الأمر أو هذه الازدواجية في عصر الانفتاح الذي نعيشه، وفي زمن تتعالى فيه الأصوات لمناهضة سلب المرأة حقوقها وكثرة المنظمات والجهات التي تدعم حق المرأة في أن تكون سيدة قرارها، وتعبر عن حقها في العيش وفق قواعد لا تظلمها ولا تدفعها لظُلم غيرها.
لا أعرف لماذا لا تبدو الصورة مشرقة أمامي في مستقبل " الربيع العربي " ؟ وهل السبب يعود لصعود تيارات أصلاً لا تعترف بحقوق المرأة لسدة صنع القرار؟ أم هو الخشية من اتفاق غير معلن بين هؤلاء " المثقفين مزدوجي المبدأ والموقف " وبين الصاعدين عنوة لسدة الحكم؟
هذه التساؤلات لم تقفز بشكل مفاجئ؛ وإنما ثمة إشارات انطلقت من بعض من صعدوا توحي بأن القادم لا يبشر بسير إلى الأمام، بقدر ما ينذر بعودة قسرية بخطوات إلى الخلف، لا أظن بأن أحداً منا لم يلفت نظره تلك المرشحة، التي نشرت صورة زوجها على المنشورات الخاصة بانتخابها لعضوية مجلس الشعب في إحدى الدول العربية! هل سننتظر لنشاهد هذه الصورة تتكرر في المحافل الأدبية ؟؟ هل سنشهد – مثلاً - حفل توقيع كتاب لكاتبة وتكون الدعوة " حفل توقيع كتاب حرم فلان الفلاني " ؟
ما يحدث الآن يقض المضاجع، ويدفع المرأة للبحث عن سبل تمكنها من إيصال صوتها بشكل ترضى هي عنه ويرُضي فكرها وعقلها، تحارب بقوة متسلحة بالعلم والثقافة، وسط مجتمع ما زال يعتبرها الحلقة الأضعف، وما زال ينظر لها على أنها يجب أن لا تخرج من عباءة الرجل، كيف لها أن تستمر إن تمت إعادتها خطوات إلى الخلف؟
هل سنشهد تواطؤ خفي بين مجمل العادات والتقاليد التي تدين المرأة و" مثقفين مزدوجي النظرة " وتيارات تسعى لتكتسح الساحات العربية باسم الديمقراطية ؟ ... إن حصل هذا التناغم بين هذا الثالوث سنقرأ على حقوق المرأة السلام، وبدل أن نطالب بأن تأخذ حقها في التعبير والحياة مثلما أخذت نساء من قديم العهد حقوقهن في التعبير مثل " ليلى الأخيلية " و " ولادة بنت المستكفي" ووو الكثير غيرهن من المبدعات على مر العصور، سنشهد ردة صوب الصمت، وسيتم تفعيل كل الموانع المشروعة وغير المشروعة للوقوف بوجه المرأة ووأد أي محاولة للتقدم صوب مكتسبات منتظرة كنا نسعى لها لتمكين المرأة عقلياً وفكرياً؛ لتعرف حقوقها التي نص عليها الشرع وضمنها لها القانون.