النفط... وأمن اسرائيل... والموقف الروسي المتشدد

جان عبد الله

منذ عام 1980 والدراسات والتقارير الاقتصادية تشير الى ان روسيا تبحث عن مصادر بديلة لحقول غرب سيبيريا الجافة, حيث سجلت مراصد الهزّات الأرضية في أوروبا والولايات المتحدة بتاريخ الرابع من أكتوبر 1980 هزّة أرضية حصلت في غرب سيبيريا , وبعد اجراء مزيد من الأبحاث والدراسات اللازمة تبيّن لهم  أنّ تجربة ذرية محظور القيام بها أجراها الاتحاد السوفياتي يومها على عمق 10.000 قدم تحت سطح الأرض للبحث عن مزيد من النفط أو زيادة الكميات المستخرجة منه.

منذ تلك الفترة والروس يخططون للوصول الى نفط الخليج وربما يكون هذا السبب الحقيقي وراء غزوهم لأفغانستان , حيث أن الحقلين الكبيرين في غرب سيبيريا وهما حقل ساليم وحقل سامولتور بدآ يجفان , فالأول وكان انتاجه عام 1976 عشرة ملايين برميل انتهى الى 35 برميل حيث أن غالبية الكمية الطافية فوق الطبقة الصخرية فيه قد انتهت. لهذا يعتقد الخبراء أن سببان وراء استخدام الذرة في التنقيب عن النفط وتحطيم الصخور المعيقة لانسيابه :

1-  توفير ضغط داخل الأرض يدفع النفط للانسياب الى فوق من خلال الفجوة التي يحدثها التفجير الذري.

2- احداث تخلخل في الطبقات الصخرية الكثيفة.

لذلك استمر العلماء الأمريكيون والروس في مناقشة التفجير الذري للبحث عن النفط نظرالحاجة السوفيات الماسة اليه لكن عقبة كبيرة كانت تصادف السوفيات ألا وهي الحظر التكنولوجي الأمريكي على الحفارات الضخمة التي تساعد في التنقيب وكذلك معدات الاستخراج والنقل.

السبب الذي اضطر السوفيات للاتجاه جنوبا في بحثهم عن النفط لأنّ المسألة مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم . ولم تكن مصادفة يومها تصريح الرئيس الأمريكي كارتر من أنّ وصول الروس الى نفط الخليج يعني دخول امريكا الحرب بدون تراحع أو مناقشة وتحذير الخبراء الأمريكيون حكومتهم كلما وصلتهم أرقاما عن تناقص الأحتياطي النفطي لدى السوفيات قائلين أن حاجتهم قد تجبرهم على التطلع الى نفط الشرق الأوسط .

كانت هذه الارقام يومها تشير جديا لحاجة الاتحاد السوفياتي لاستيراد سبعمائة الف برميل في صيف 1982 و 3.5-4.5 مليون برميل عام 1985 في اليوم وهكذا دواليك بعد أن كان مصّدرا للنفط, في نفس الفترة كانت الولايات المتحدة تستورد يوميا أكثر من ثمانية ملايين برميل من النفط.

الخلاصة, يتبيّن أن الموقف الروسي المتشدد من ثورة الشعب السوري في الآونة الاخيرة, سواء في تصريحات مسؤوليها او في مناقشات مجلس الأمن كانت دائما موضع تساؤل, حتى أن بعض المحللين اعتقدوا أن مافيا الباندا عادت لتتحكم في مفاصل قيادة القيصر الجديد بوتين ولتلتقي مع المافيا الجديدة في دمشق, والفارق أن القياصرة سابقا كانوا يحلمون فقط بالوصول الى المياه الدافئة جنوبا أما هو فذهب بعيدا في احلامه حول النفط والمياه الدافئة .

لكل ما تقدم يتبين أنه لم يعد هنالك كما كان في السابق صقور وحمائم بين القادة الروس مثل الفيلسوف المخضرم ميخائيل سوسولوف أو وزير الخارجية الدائم أندريه غروميكو , حتى أنه يمكن أن نسلم برأي الحنرال شارل ديغول عندما صرخ في وزير خارجيته موريس كوف دي مورفيل أيام أزمة برلين قائلا له لاتوجد حمائم اليوم في الكرملين, أم في تقرير مستشار الرئيس كارتر للأمن القومي زييغنو بريزنسكي الذي قال لهم لا يوجد في الكرملين الاّ صقورا.

اليوم دخل عاملا آخر برأي بعض المحللين الاستراتجيين في الموقف الروسي المتشدد ألا وهو أمن ووجود اسرائيل الذي يقتضي بقاء حكم الطاغية الأسد ولو ضعيفا, وهنا ليس بوسعنا أن نفرد معلومات أو وقائع دقيقة باستثناء العديد من تصريحات مسؤولين اسرائيلين أعلنوا فيها عن الخطر الذي يمكن أن يهدد الوجود الاسرائيلي بزوال نظام الأسد, كذلك ما سبقها من تصريح لرامي مخلوف أحد أعمدة النظام عندما ربط بين أمن اسرائيل وبقاء نظام العصابة في أعقاب بداية الثورة حتى نخلص الى الموقف الاستراتيجي الخطير الذي قايضت به روسيا تسليح ايران النووي في الاقتراب من النفط الايراني ونفط الخليج مع تثبيت قاعدة بحرية استراتيجية روسية في مدينة طرطوس لحليف ايران بشار الأسد والتي لو كانت تهدد أمن اسرائيل لأقامت الدنيا وأقعدتها.