رائق النقري: ومصالح فاعل الخير الروسي

رائق النقري:

ومصالح فاعل الخير الروسي؟!

د. حمزة رستناوي*

[email protected]

النص المُقاس: "ولذلك فهذا القرار ( الروسي – الصيني) هام جدا، يوقظ من هو مصاب بمرض نقص البداهة، ونزيف العقل، يفهم أن القوى العظمى الحقيقية الصادقة والصديقة، لن تتركنا نقتل أنفسنا و ننتحر بلا ثمن"

جاء النص المُقاس كإجابة على سؤال من المذيع :

س:  برأيك كيف سيتعامل المحتجون والمعارضون عموما مع الوضع الذي خلفه – الفيتو- الروسي الصيني الأخير في مجلس الأمن ؟

المصدر: إجابة على سؤال ضمن مقابلة تلفيزيونيه لرائق النقري  مع قناة روسيا اليوم "العربية" تاريخ 6-10-2011. لمتابعة المقابلة مع خبر مرفق على موقع روسيا اليوم ,على الرابط:

 http://arabic.rt.com/news_all_news/news/568451/

و يوجد تفريغ كتابي لها في موقع مدرسة دمشق للمنطق الحيوي و الحوار*

المرجعيّة المستخدمة للقياس: المنطق الحيوي.

(1)

*تمهيد ما قبل القياس :

-المقصود بالمصلحة هنا ما ضدّ المفسدة , و المصلحة مفهوم نسبي , فلكل كائن صلاحيّة ما في سياق ما, و الكائنات – و منه النصوص- تتفاوت في درجة صلاحيّتها.

- المُقاييس في المنطق الحيوي: هو الذي يحكم بما يتاح لعامة الناس أو عامة أهل الاختصاص الحكم به من دون أن يخالف التجربة.

- المقايسة تخص مصالح  الرسالة و ليس المرسل.و لا تعبّر  كذلك عن مصالح كامل اللقاء التلفيزيوني, و لا عن كامل المصالح التي يعرضها رائق النقري.

- سأقوم باختيار أربع مقايسات من مقايسات المنطق الحيوي هي : القياس التمهيدي" قياس قابليّة المصالح المعروضة للقياس"- قياس سرعة البداهة- قياس حال المصالح المعروضة- قياس الجذور المنطقيّة للمصالح.

(2)

*القياس التمهيدي" قياس قابليّة المصالح المعروضة للقياس

للتذكير يتراوح الحكم على قابلّية المصالح المعروضة بين أربع درجات هي: الحد الأدنى- الحد المضطرب- الحد الوافي- الحد الكافي.

الحكم: الحد الكافي

السبب: المصالح المعروضة قابلة للبرهنة تأكيدا أو نفيا, و هي غير ارتيابية بين ما هو سلبي أو ايجابي, و تتطلّب خبرة اختصاصيّة في الشأن السياسي السوري.

(3)

قياس سرعة البداهة:

بشكل عام يتراوح الحكم على سرعة بداهة المصالح المعروضة بين أربع خيارات:

رقم #1- سرعة بداهة متدنية التي  ترتبط بخبرات مختلف عليها , أي لا يتفق عليها عامة الناس  تلون بالرمادي 

رقم # 2- سرعة بداهة معاقة التي يرفضها عامة الناس بصرف لنظر عن أي خبرة  تلون بالأحمر 

رقم #3- سرعة بداهة خاصة  التي لا يرفضها عامة الناس وترتبط بخبرة وظيفة شرطية تلون بالأزرق 

رقم #4- سرعة بداهة كونية  هي التي يقبلها عامة الناس , وتلون بالأخضر بصرف النظر عن أي خبرة ما لم يحدث عائق

الحكم: سرعة بداهة خاصّة =3

السبب: يتطلّب الحكم عليها  خبرة وظيفيّة  مشروطة بحكم أهل الاختصاص.

(4)

* قياس حال المصالح

للتذكير يتراوح الحكم على حال المصالح المعروضة بين أربع احتمالات هي: عزلة- صراع-تعاون-توحيد.

الحكم: صراع   تعاون

السبب:

-جاء الحكم بمصالح الصراع كون المصالح المعروضة تتحوّى صراعا مع من تصفهم ب:" مرضى نقص البداهة و نزيف العقل" , و كذلك مع الذات  لاحظ " نقتل أنفسنا و ننتحر"

-جاء الحكم بمصالح التعاون كمربع تعشيش فرعي ضمن الصراع كون المصالح المعروضة  تتحوّى مصالح تعاون مع  من تصفهم بالقوى العظمى "الحقيقية و الصادقة و الصديقة", لاحظ مصالح التعاون في "لن تتركنا نقتل أنفسنا و ننتحر".

(5)

* قياس الجذور المنطقية للمصالح المعروضة

الحكم: شكل جوهراني

السبب: قرائن نفي برهان الحدوث + قرائن تأكيد برهان الفطرة.

أوّلاً: قرائن نفي برهان الحدوث:

-هل يمكن البرهنة على أنّ روسيا و الصين: هي قوى عظمى حقيقية و صادقة و صديقة؟

و هذا يعني ضمنا وجود قوى عظمى: مزوّرة و كاذبة و عدوّة؟

-نلاحظ أن المصالح المعروضة تعزو  السلوك و المواقف السياسية للدول" قرار الفيتو الروسي الصيني" إلى دوافع أخلاقيّة لكونها" حقيقيّة – صادقة – صديقة- لا تتركنا نقتل أنفسنا"

و هذا مناف لبرهان الحدوث من حيث أنّ ما يتحكّم في القرار السياسي للدول هو المصالح بالمعنى السياسي و الاقتصادي أساساً , و غالبا بغضّ النظر عن المعايير الأخلاقية و الأخوّة الإنسانية, فالدول العظمى و غير العظمى ليست بجمعيّات خيريّة . كان على المصالح المعروضة البحث عن الأسباب و المصالح الروسية الصينيّة من قرار الفيتو بعيدا عن الصداقة و الصدق و الكذب..الخ. لكي لا نتسرّع في الحكم على المصالح المعروضة بمراجعة النص الكامل للمقابلة لا نجد أي إشارة في مكان آخر لتفسير للفيتو الروسي الصيني , مما يبرّر للمقاييس الحكم بمصالح منافية لبرهان الحدوث.

-ثمّة قرينة ثانية تؤكد نفي برهان الحدوث:هل قرار الفيتو  الروسي الصيني " القوى العظمى المقصودة"  أوقفت قتل السوريين لبعضهم و انتحارهم بلا ثمن؟

قرار مجلس الأمن المقصود كان يدعو  لوضع حد فوري لكل أعمال العنف "**

لماذا لم تؤيِّده القوى العظمى" الحقيقيّة و الصادقة و الصدوقة" ؟!

 ربّما يرى كثيرون أنّه قد يكون بداية لقرارات أخرى لاستعمار سوريا أو تدخل عسكري لغايات مشبوهة..الخ  حسنا على الأقل هذا القرار لا يتضمّن و لا يغطى قانونيّاً  أي تدخل عسكري ؟

-عموم أهل الاختصاص في السياسة  يؤكّدون  أن السلطة السورية غير جدّية في شأن تغيير النظام و أنّها تستخدم القمع لإيقاف الاحتجاجات, و عدم وجود موقف دولي رادع و حاسم يعطيها فرصة  إضافيَّة  لكي "نقتل أنفسنا و ننتحر بلا ثمن"؟! من المفترض و استنادا لمعايير أخلاقيّة أن يكون وقف القتل رسالة حقيقيّة واضحة من "القوى العظمى الحقيقية" بتفاصيل محدّدة و ضمن خطّة للانتقال الديمقراطي, و الفيتو الروسي الصيني ضمن شرطه و عدم طرحه لبديل عملي عاجل قد لا يؤدي لوقف القتل , بل قد يكون مشجّعا على المزيد منه.

ثانياً: قرائن تأكيد برهان الفطرة: فطرة الحياة و الحرّية و العدالة

لاحظ: مصالح  فطرة الحرص على الحياة و الحرّية : "لن تتركنا نقتل أنفسنا و ننتحر بلا ثمن"

ثالثاً: قرائن نفي برهان وحدة المعايير:  أي نفي لبرهان الحدوث هو نفي لوحدة معايير, المصالح المعروضة تصف من يرفض الفيتو بأنّه مصاب بمرض نقص البداهة و نزيف العقل, و مع ذلك المصالح المعروضة تتحوّى قرائن نفي  برهان الحدوث في توصيفها , فهل ترضى أن يصفها الآخرين بمرض نقص البداهة و نزيف العقل ؟؟

                

* شاعر وكاتب سوري