النظام يقتل شعبه... نظام عصابات قاتل
دبي - العربية.نت
قال سايمون كوليس، السفير البريطاني لدى سوريا، في مدوَّنة كتبها حول ما يحدث في سوريا، والسبب فيما يحدث، إن النظام السوري لا يريد للعالم أن يعرف أن قواته الأمنية والشبيحة (البلطجية) الذين يدعمونها يقتلون ويعتقلون ويسيئون لمتظاهرين سلميين.
واستهل كويليس، والذي شغل منصب السفير البريطاني لدى سوريا منذ أربع سنوات، مدونته بقوله: "قررت منذ أسبوع أن أكتب هذه المدونة بعد أن وصلت سوريا لمرحلة فظيعة. فقد تحمل أفراد الشعب السوري حتى الآن ستة شهور من الاضطرابات والقمع العنيف لمتظاهرين سلميين في الأغلب. وبينما يتطلعون الآن إلى الشهور الستة القادمة بمزيج من عدم اليقين والخوف والأمل، أود أن أشارككم بعض انطباعاتي الشخصية بشأن ما يحدث. وبعض الخواطر حول السبب فيما يحدث. وربما كذلك لأثير بعض النقاش بشأن ما سيحدث بعد ذلك وما يمكن عمله".
ثم قال: "إنني محظوظ بكتابتي لهذه المدونة. ذلك لأن يمكنني كتابتها. وقد بينت الشهور الستة الماضية أن باستطاعة السوريين كذلك أن يكتبوا مدونات. لكن بكتابتهم لها يواجهون الرقابة والتهديد والاعتقال التعسفي".
وأكد كويليس أن النظام السوري لا يريد للعالم أن يعرف بأن قواته الأمنية والشبيحة (البلطجية) الذين يدعمونها يقتلون ويعتقلون ويسيئون لمتظاهرين سلميين.
وأشار في مدونته إلى تقارير الأمم المتحدة التي تقول بأن ما يفوق 2,700 شخص قتلوا خلال الشهور الستة الماضية، بعضهم توفي تحت التعذيب في السجون.
وقال: "كما لا يريد النظام أن تعرفوا بأنه يمنع الكثيرين من عقد اجتماعات سلمية لمناقشة الإصلاح. بل يريدكم أن تسمعوا وجها واحدا فقط من أوجه الحقيقة - ما يقول النظام نفسه. كما يريدكم أن تروا سبيلا واحدا للخلاص - العودة للحكم الاستبدادي حيث الخوف يتفوق على الرغبة بالحرية. إنه نظام مازال عازما على التحكم بكل وجه أساسي من أوجه الحياة السياسية في سوريا. فقد اعتاد على السلطة، وسوف يبذل كل ما باستطاعته للاحتفاظ بها".
وردد كويليس ما يقوله الكثيرون بأنه لم يعد من الممكن في عالم اليوم إخفاء الحقيقة، وما قيل عن قوة شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، وعدم القدرة على فرض الرقابة على المعلومات في تونس ومصر، لكنه استدرك: "لكن الحقيقة القاسية في سوريا هي أن النظام يبذل كل ما في وسعه لحجب انتشار المعلومات".
طرد المراسلين
وسرد كويليس في مدونته، المنشورة على موقع وزارة الخارجية البريطانية، عدداً من الأمثلة حول مساعي نظام الأسد لحجب المعلومات، فقال: "الصحفيون الأجانب لا يُسمح لهم بالدخول. وتم طرد أي مراسل محلي غير سوري - أحيانا بعد تعرضه للضرب. والمراسلون والمدونون والصحفيون المواطنون السوريون يتعرضون لملاحقة منهجية ويسجنون. وامتلاك هاتف نقال يعمل عبر الأقمار الصناعية يعتبر جريمة يعاقب عليها. والهواتف الخلوية وشبكات الإنترنت تخضع لرقابة صارمة، أو أن سرعة الاتصال بالإنترنت تخفض إلى درجة بطيئة جدا، خصوصا أيام الجمعة. بينما تم قطعها في المدن التي تشن فيها قوات الأمن حملات اعتقال جماعية، أو ترسل مركباتها المدرعة إليها. وتم حجب المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، بمساعدة من إيران. وقبل اندلاع هذه الأزمة كانت منظمة محررون بلا حدود قد صنفت سوريا بترتيب خامس أسوأ دولة في العالم بالنسبة للحريات الإعلامية. وقد ازداد ذلك سوءا خلال الشهور الستة الماضية. بات أسوأ كثيرا. فالنظام يريد أن ينشر الحقيقة من وجهة نظره هو فقط. لكن علينا ألا نسمح له بذلك".
وحول برنامج النظام الإصلاحي قال: "أعتقد أننا جميعا نتعلم منذ نعومة أظفارنا بأن هناك فرقا كبيرا ما بين قول شيء وفعله. وكما هو الحال بالنسبة لكافة برنامجه الإصلاحي حتى الآن، فإن رد النظام على منتقديه كان إعلانه بأن سيكون هناك قانون جديد للإعلام، وبأنه تم تشكيل لجنة لصياغته. لكن ليس هناك حاجة لقانون جديد لأجل السماح للصحفيين بدخول سوريا. كما ليس هناك حاجة لقانون جديد للإعلام لمنع عقلية "الأخ الكبير" التي تسود هنا. كل ما يلزم هو قرار بالتوقف عن تقييد حرية الصحافة، ثم تنفيذ ذلك القرار. وإلى أن يحدث ذلك، ما الذي يدعو أي أحد لتصديق أن الأمور ستصبح مختلفة عن ذلك؟".
انتبه للفجوة
وأكد كويليس أن لديه شعورا بأن هذه الفجوة بين الواقع والوعود سوف تستمر بكل أسف- بحسبه- ثم قال: "لقد أعلن الرئيس الأسد، في عدد من المرات، عن برنامج كبير للإصلاح. يتضمن هذا البرنامج الكثير من الأوجه التي تبدو جيدة جدا. وتم بالفعل إقرار بعض القوانين، وسوف يتبعها المزيد. لكن لدى قراءة تفسير هذه القوانين، يلاحظ بأن كل درب فيها يؤدي إلى المزيد من الحريات والانفتاح يرجح في الحقيقة ليمر عبر نقطة تفتيش. فكل من هذه الدروب يؤدي إلى مسؤول من النظام لا يسمح بتمرير سوى ما قيل له أن يمرره فقط. بينما على الباقين العودة يجرّون أذيال الخيبة، أو مواجهة عواقب وخيمة".
إلقاء الضوء
وأضاف: "لكن مع ذلك، يواصل مواطنون شجعان إيجاد سبل لنشر لقطات فيديو تظهر فيها قوات الأمن وهي تطلق النيران على حشود من المتظاهرين غير المسلحين، أو تسيء إلى المعتقلين - ويمكنك البحث عن هذه اللقطات عبر يوتيوب. إنني مندهش ومعجب باستمرار لمهارتهم وجرأتهم وبراعتهم في إيجاد طرق لتسجيل ونشر لقطات حول الأحداث الجارية على الأرض خلال وقت يكاد يكون بثا حيا. ومحاولات النظام دحض غالبية هذه اللقطات بزعم أنها فبركة مؤامرة أجنبية هي محاولات مضحكة منافية للعقل".
واستصعب كويليس استيعاب ما تشير إليه تسجيلات مهزوزة وغير صافية إذا كانت في خارج سياقها، معلناً أسفه من أن التكرار يلبّد الأحاسيس، مشيراً إلى أنه ما لم تكن لدينا بعض المعلومات حول ما يحدث، وسبب ما يحدث، فإننا قد ننسى بأن سقوط قتيل آخر في يوم آخر هو أمر واقع. فالأمر ليس مجرد صور أشخاص في شارع لا نعرف أي شارع هو، أو في مدينة لم نزرها من قبل، ينشدون شعارات بلغة ربما لا نفهمها، بحسب ما ذكر.
وختم كويليس مدونته بقوله: "ومن هنا آمل أن أدخل بالصورة. حسب اعتقادي ستكون مدونتي هذه ذات جدوى إذا ما ساعدت في إثارة النقاش مع أصدقائكم، أو حتى مجرد إثارته داخل رؤوسكم - بشأن ما يحدث، والسبب فيما يحدث، ولمَ يعنينا ما يحدث. أشكركم على مواصلة القراءة حتى الآن. وآمل أن تكون لديكم الرغبة بقراءة مدوناتي التالية".